خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

عشرون عاما على رحيله ... عيسى الناعوري ريادة المجهول فـي الأدبين العربي والإيطالي

عشرون عاما على رحيله ... عيسى الناعوري ريادة المجهول فـي الأدبين العربي والإيطالي

No Image
طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ

يوسف حمدان - عشرون سنة مرت على وفاته المفاجئة بنوبة قلبية في تونس في الثالث من تشرين الاول عام 1985 عندما كان يلبي دعوة من وزارة الثقافة التونسية في احتفالها بمناسبة مرور ثلاثين سنة على تأسيس مجلة «الفكر»... وقد فاجأته النوبة وهو في الفندق يتأهب للذهاب الى الاحتفال، وسرعان ما فارق الحياة، وقد تم نقل جثمانه ليدفن في عمان بعد اربعة ايام من وفاته....
وبفقدانه، فقدت رابطة الكتاب الاردنيين واحدا من مؤسسيها، وخسرت الساحة الثقافية والادبية الاردنية والعربية علما من اعلامها الكبار... الذين اعطوا الكثير الكثير ولم يأخذوا الا القليل القليل... فالناعوري كتب وابدع في اغراض شتى حوالي خمسين كتابا، في الشعر والقصة والسيرة ، والنقد والدراسة ، والترجمة والابحاث وادب الاطفال ، والمقالة ، حتى مات كالاشجار واقفا...



(2)
ولد «عيسى الناعوري» بن ابراهيم بن سليمان المقبل في عام (1918) بقرية (الفحيص) القريبة من (عمان) غرب (صويلح) - وكانت والدته في زيارة لاهلها القاطنين فيها وهو من عشيرة (الدبابنة) المقيمين في مدينة (السلط)، وكان جده قد ابتاع ارضا في قرية (ناعور).... ورحل اليها ليعمل في زراعتها، اماكنية «الناعوري» فقد اتخذها عيسى لنفسه في مطلع شبابه، ليوقع بها مقالاته انتسابا لقريته (ناعور) ثم التصقت به هذه الكنية مع مرور الزمن...
عاش عيسى طفولة بائسة، تحدث عنها في مقابلة اذاعية معه، فقال: انه عاش في بيت ملحقة به زريبة بهائم شأن معظم البيوت الريفية في ناعور ذلك الوقت، وقال انه وهو صغير كان يتجول في الشوارع وعلى رأسه صينية «الهريسة»، ولا يعود الى المنزل الا بعد ان يفرغ من بيع ما فيها.
ويصف الكاتب والمؤرخ سليمان الموسى المنزل الذي امضى الناعوري فيه سنوات عمره الاولى فيقول: «كان المنزل يتألف من غرفة كبيرة واحدة، ذات قنطرتين لا نوافذ لها، تعيش الاسرة فيها كلها مع البهائم، فرس وثوران واتان وعنزات ودجاجات»، وفي صغره اشترك الناعوري مع اهله في نشاطهم الزراعي الشاق عن تعشيب الزرع وجني القطاني، ورجد الاغمار (جمعها ونقلها الى البيدر لدراستها بالنورج)، وجمع الحطب من الاودية البعيدة في ايام الشتاء الباردة».
(3)
يقول الناعوري في نص من كتابه (الشريط الاسود) متحدثا عن مرحلة صباه: «ولقد تقلبت حقا في اعمال اخرى فيما بعد، واحسست بالمذلة والمرارة النفسية طويلا، فبعد ان مضى علي بضعة اشهر في عملي هذا ، لحق بي اخي الاكبر الى المدينة، بعد ان علم بمكاني، فلما وجد راتبي ضئيلا الى الحد الذي ذكرت من قبل، لم يرضه ذلك، واصر على ان اترك ذلك العمل، وان اشاركه في عمل آخر، ولم اكن املك الا الطاعة لارادة اخي الاكبر، فحملت على صدري صندوقا مليئا بزجاجات الكازوزة، ومشدودا الى عنقي بحمالة، وفوق الزجاجات قطعة ثلج كبيرة لتبريد الكازوزة، وحمل اخي مثل ذلك، ورحنا نتجول في الشوارع طولا وعرضا ، نبيع الشراب البارد للعطاش... مارسنا هذا العمل ثلاثة ايام ، فكان كل منا يمضي بحمله في اتجاه ، وعند المساء نلتقي لنسلم آخر الزجاجات الفارغة الى صاحب المصنع، ثم نمضي لنبيت في احد الفنادق الرخيصة ، او لدى بعض اصدقاء والدي في احدى الضواحي البعيدة، وكانت الطريق الى الضاحية تستغرق كل مرة مسيرة ساعة او اكثر قليلا، نقطعها مشيا من وسط المدينة...
ويضيف الناعوري ... هذا الحرمان كان سببا كافيا ليجعلني انشأ على حب الانفراد والانطواء على نفسي، وليس ذلك فحسب، بل جعل الخجل المفرط عقدة من العقد عسيرة الحل لدي، عانيت منها كثيرا في المدرسة، وبعد مغادرة المدرسة، ظللت اعاني منها مدى الحياة، لقد كنت اشعر دائما بأن حظي السيء يجعلني من اقل الناس حظا في الحياة، ومن اقلهم استحقاقا لذاتها، ومباهجها، فأراني اتهيب الاتصال بالآخرين، ومعاشرتهم ، وتوطيد صداقات معهم، واذا جلست مع احد لم اجد كلاما اقوله، الا ان ارد على ما يقوله هو، او ان يكون الحديث بيننا ذا صلة بشيء يتعلق بي، او ما الى ذلك، وقد يحسب البعض انني انما افعل ذلك استنكارا او ترفعا، او رغبة في التخلص، ولكنني في الواقع انما افعله تهيبا، وخجلا وانطواء على نفسي بسبب العقد القديمة التي تمكنت من نفسي، فما عدت املك التغلب عليها...
وقال سليمان الموسى عن بؤس الناعوري هذا: «عاش الناعوري فقيرا طوال حياته، وادركته الوفاة وهو يقيم في بيت مستأجر، بسيط، كان يضيق بعائلته الكبيرة»... واضاف: «كان غني النفس، كريما، مضيافا، لا يومن بنظرية القرش الابيض لليوم الاسود، ولم يرث عن ابيه مالا او عقارا، اما هو قدم لابنائه ما هو افضل من المال، قدم لهم اسما يعتزون به».

(4)
في كتابه «الشريط الاسود» يقول الناعوري: «انا انسان قدر عليه في طراوة السن ان يحطم الصخر، ويفتت الحديد بيديه، لكي يستخرج منها ما يأكل ويشرب ويلبس، وكم مرت بي ايام حسدت فيها المتسولين، لانهم لا يجوعون».
كان عيسى الناعوري شخصية عصامية بكل ما في العصامية من معنى، كما تبين سيرته في «الشريط الاسود» تجارب مرة عاشها في طفولته وشبابه، فبسبب فقر والده الشديد ارسله الى مدرسة الرهبنة في القدس، وهو في سن الحادية عشرة، وهي مدرسة تعد طلابها للدخول في سلك الكهنوت، بعد دراسة عشر سنوات... الا ان عيسى لم يمكث فيها الا اربع سنوات، تعلم فيها عدة لغات هي: اللاتينية، اليونانية، الايطالية، الفرنسية، والانجليزية بالاضافة الى اللغة العربية... وكانت اللغة الايطالية في ذلك الوقت هي المعتمدة للدروس في مدرسة الرهبنة، واللغات الاخرى ثانوية. وقد ساعدته اجادته للايطالية فيما بعد على قراءة الادب الايطالي والموسيقى، حيث نشرت له احدى المجلات وهو في الرابعة عشرة من عمره قصة مترجمة،و وكانت تلك خطوته الاولى نحو مجد الادب.
الروتين والنظام الصارم في مدرسة الرهبنة جعلا عيسى - وهو على ابواب سن المراهقة - ينفر منها ويؤثر الانطلاق والخروج من قيودها، فعاد الى ناعور وما فيها من فقر وتعب ومواسم بذار وحصاد... وما هي الا ايام حتى فجع بوفاة امه، ففقد الصدر الحنون والحب الصادق... وقد دفعه زواج ابيه من اخرى الى العودة ثانية الى القدس هاربا عبر الدروب الوعرة والوديان والغابات الشائكة التي لا تخلو من الوحوش الضارية ... فالتقاه بدوي كريم، آواه وارشده الى طريق القدس... ومكث عيسى سائرا على قدميه اربعة ايام حتى بلغ غايته... خاوي الجيب من المال، ولا يعرف احدا، مما اضطره الى ممارسة اكثر من عمل بأجرة قرشين في اليوم وهو يحدث نفسه : «مهما كان العمل حقيرا ووضيعا فلا بأس به ما دام يؤمن لي الحياة الشريفة».
(5)
كثيرة هي المحطات التي توقف الناعوري فيها ... حيث نجح في الحصول على وظيفة بادئ ذي بدء، ثم اشتغل في التدريس، وتزوج وهو في سن الحادية والعشرين، وعندما نزح اهل فلسطين عام 1948 نزح معهم، وحط رحاله في مدينة (السلط) ، ثم انتقل الى الحصن ليعمل مدرسا، وبعدها الى كلية تراسنطة في عمان ليدرس فيها.. الى ان تم تعيينه في وزارة التربية والتعليم موظفا في عام 1954 ، حيث امتدت به خدمته واحدا وعشرين عاما متواصلا، حتى احيل الى التقاعد في عام 1975 م.
وهو اديب ذو جوانب ابداعية متعددة، فهو كاتب مقالة ادبية من المستوى الاول، كما انه من الاسماء المهمة في مجال القصة القصيرة، وهو شاعر كبير، تجلى شعره في المطولات بالذات ، او ما كان يطلق عليه هو نفسه اسم (الملاحم).
واسهم بشكل مؤثر في اثراء الحياة الادبية والثقافية في بلاده واصدر مجلة (القلم الجديد) التي كان لها مراسلون في العديد من الاقطار العربية، ولعل ابرزهم د. ناصر الدين الاسد الذي كان يرفد المجلة برسالة شهرية...



أقوال فـي الناعوري

؟ لعل الأستاذ عيسي الناعوري أنشط أدباء الأردن اليوم ، ولا شك في أنه أكثرهم استعدادا لاكتشاف مجاهل جديدة في مجالات الأدب الواسعة. والمجال الجديد الذي طرقه الأستاذ الناعوري هو الأدب الإيطالي. إننا نرحب بالجهد الذي يبذله صديقنا الناعوري في سبيل وضع صور حية من الأدب الإيطالي في متناول أيدينا.
الدكتور نقولا زيادة

؟؟ فى اعتقادي أن عيسي الناعوري هو أعظم المشتغلين بالثقافة الإيطالية بين العرب، ومعه الكاتب المصري حسن عثمان ، مترجم دانتي. غير أن الناعوري من أقدر مترجمي الشعر والنثر الإيطاليين المعاصرين ، من فيرغا إلى لامبيدوزا وكوازيمودو.
المستعرب الإيطالي فرانشيسكو غبرييلي

؟ إن لك حقا لروحا شاعرة ، وحساسية عميقة ، إضافة إلى مقدرتك الكتابية مما يجعل من كل ما تكتبه شيئا لذيذا حقا.
المستعربة الإيطالية كليليا سارنيللي تشيركوا

؟؟ إن أقل ما يمكن أن أقوله فى كتاباتك هو أنك تعرف كيف تجمع إلى المضمون العميق ، المليء بالرحيق الشهي ، والبساطة والشفافية البلورية فى الشكل.
المستعرب الإيطالي جوزيي بيلفيوره

؟ ليس من شك في أنه ، إذا كانت ثمة شخصية تتميز بقوة في محيط الأدب الأردني، وتتألق بضياء شخصي خاص، ليس في بلدها فحسب ، بل في محيط الاقطار العربية عامة ، فذلك هو عيسي الناعوري ... لقد زوده استعداده الفكري برصيد ثقافي محسود ونادر المثال. أما أسلوب الناعوري فهو أسلوب رشيق ، مرن. وقلمـــــه يكشف لنا عن تكوينه الفكري الموسوعي ، وعن الثقافات المتنوعة التي ترفده.
المستعرب الأسباني خوسيه رودريغس تروبوخو




رغائـــــب

ان كنت يا اخي ترغب
في ان تكون بحق
اهلا لأشعة الشمس،
ولعبير الازهار والورود،
وضحكات الحدائق والحقول،
وخرير الجداول والانهار
وللسلام والهدوء...
على الشواطيء والجبال!
وان كنت تود ان تنعم مطمئنا
بأفراح الحياة
ففر في ان الجميع كذلك يرغبون
- ولهم مثل حقك في الرغبة -
وفي الامور عينها التي تريدها انت
والتي تفكر انت نفسك
في امتلاكها..

ورود وبركات

من كان في وسعه ان يغرس نبتة شوكية
في وسعه كذلك
ان يغرس حديقة ازهار
وورود شذية...
من كان قادرا على ان يلعن ويشتم
فهو قادر كذلك على ان يبارك
وان يخلق البهجة في حياة الاخرين.
طوبى للذي بدل من ان يغرس الشوك
وبدلا من ان يلعن ويشتم
يفرح بأن يغرس حدائق ازهار وورود
ولا يعرف
غير ان يبارك
ويخلق البهجة في حياة الآخرين...

غناء وعبير

العندليب ذو الحنجرة الذهبية
قبل شروق الشمس
يلقي علي] «صباح الخير»
وفي حنجرته الصغيرة
تغرغر عذبة الف اغنية
وانت يا حبيبتي تستيقظين مع الشمس
وعلى شفتيك ابتسامة حلوة
ثم تدنين مني
وبقبلة منك
تعطينني اعذب ما في الصباح
من شذى عابق
وتأتي إلي «صباح الخير»
من حنجرتك
عذبة هامسة
كأحلى ما يكون غناء العندليب!

* من قصائد الناعوري التي كتبها بالإيطالية والفائزة بجائزة «سان فالنتينو الايطالية) وقد ترجمها الناعوري بنفسه الى العربية...

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF