خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

الرّصاصة التي قتلت ديك الجنّ الحمصي

الرّصاصة التي قتلت ديك الجنّ الحمصي

No Image
طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ

محمد سلام جميعان - لطالما كنت محباً و معجباً بشخصية عبد السلام بن رغبان الملقب ب (ديك الجن)  وكثيراً ما أقف على شعره ـ وأعاود قراءة ديوانه الذي حققه مظهر الحجي، ولم ينقص   من  هذا الإعجاب اتهامه با لتشيع والشعوبية والتهتك والمجون،  فتلك اعتقادات وأخلاق،  لا شأن للفن بها،  لا سيما إذا صدر هذا الفن عن شاعر مجدد كان من ثمرة تجديده نبوغ  تلميذه أبي تمام
ولعل هناك سبباً آخر قد حسّن لي تتبع أخباره وأشعاره،  هو مأساته مع معشوقته (ورد)،  فإن التعاطف مع المآسي و النكبات وآلام الإنسانية قوة فطرية تنهض في النفس دون  استئذان الشعور أواسترغاب الوجدان.
لقد بلغ من تردد هذه المأساة الوجدانية و الوجودية، أن اهتم بها وبضحيتها وبشعره فيها تراثيون وحداثيون، فوجدت صداها في كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني، وتاريخ دمشق لابن عساكر، ووفيات الأعيان لابن خلكان، وتزيين الأسواق للأنطاكي، وغيرها من كتب الأولين.
كما استلهمها شعراً ونثراً عدد من الأدباء منهم:
-عمر أبو ريشة في قصيدة مطولة بعنوان «كأس»
- الشاعر محمد طاهر الجبلاوي -ديك الجن  الحمصي: مسرحية شعرية، المينا،  1935
 -إبراهيم أبو ناب،  ديك الجن،  مسرحية شعرية، مكتبة الأندلس،  القدس،  1952
وعلى صعيد القص تناولها:
- رئيف خوري- الحب المفترس، دار المكشوف،  بيروت1948
- البدوي الملثم،  عرس ومأتم،  دار المعارف،  القاهرة،  1959
- نسيب عريضة، قصة ديك الجن الحمصي : حكاية غرام شاب عربي قديم - مجموعة الرابطة القلمية لسنة 1921، المطبعة التجارية السورية الأمريكية- نيويورك.
البدوي الملثم وديك الجن
1-أصدر البدوي الملثم الطبعة الأولى من كتابه: )ديك الجن الحمصي) سنة 1948وقد طبع بمطبعة المقتطف و المقطم.
2- وصدرت الطبعة الثانية منه تحت عنوان آخر هو: )عرس ومآتم ) ضمن سلسلة (اقرأ) في العام 1959)اقرأ199- يوليه سنة  1959) 
 وقد أشار إلى هاتين الطبعتين د.زياد الزعبي في كتابه:  (يعقوب العودات:البدوي الملثم   مختارات من مؤلفاته ) ص12، إصدار اللجنة الوطنية العليا.2002                        
3- وصدرت طبعته الثالثة سنة 1991 وزارة الثقافة - الاردن . وتمت الاشارة خطأ في (ص 2 ) إلى أنها الطبعة الثانية.
    وطبعة 1948-المقتطف والمقطم، وطبعة 1992- وزارة الثقافة الأردنية متماثلتان في النص استناداً إلى ما ورد في الصفحتين (2، 5)من طبعة وزارة الثقافة الأردنية،
اما طبعة دار المعارف بمصر- سنة 1959 فتختلف في بدايتها و نهايتها و أسماء عناوين الفصول، وهوامشها.
وهنا يتجه الحديث عن طبعة وزارة الثقافة الأردنية ومقارنتها بما نشره نسيب عريضة  في مجموعة الرابطة القلمية لسنة 1921  
وفي هذه الطبعة يقول البدوي الملثم: (وفي هذه الفصول ستطالع صفحة أدب ذات طابع سياسي وأخرى صفحة غرام خطها ديك الجن بالدمع الهتون  عندما استل خنجره من وسطه وأهوى به على غادة أحبها إلى درجة العبادة و التقديس، ثم ما لبث أن طوحت به نزغات الشرإلى التجني على عروس أحلامه مما ستراه جملة و تفصيلاً في هذا الكتاب تناولت فيه شاعراً أقام على حب آل البيت وأنشد في نصرتهم سوراً ترتلها الأيام و تنغّمها الليالي على كرّ العصور وحباً مستهاماً أحب...وقتل....وندم...ثم مات)ص10
والحديث عن ديك الجن المحب القاتل و النادم يبدأ عند البدوي الملثم من الصفحة58، وقد قسّم حكايته إلى العناوين الآتية :
1- غرام الشاعر ص58-90
2-انتقام الشاعر ص91-119
3-صدى الجريمة ص 120-135
   وقد كان من ثمرة هذا الاهتمام بديك الجن وسيرته وشعره أن قمت بإعداد بحث مستفيض بعنوان: (مأساة ديك الجن بين الحقيقة التاريخية و الخيال الأدبي ).
 وبينا أنا عاكف على إنجازه وقع تحت يدي العدد الأول من  (مجلة البحث التاريخي) الصادرة في حمص،  تحيل مقالة فيها، كتبها سمر فيصل، إلى مصادر عن ديك الجن،  فقادني النظر فيها إلى التماس ما كتبه نسيب عريضة في مجموعة الرابطة القلمية لسنة 1921 تحت عنوان: (قصة ديك الجن الحمصي) فطفت في أعطافها،  وما كدت أفرغ من قراءتها حتى رجعت بي الذاكرة إلى كتاب :(عرس ومأتم) الذي أصدره البدوي الملثم،  وكنت - منذ زمن بعيد ـ طالعت فيه قصة ديك الجن، ولكنني التمستها في طبعتها الجديدة أيضا، الصادرة  عن وزارة الثقافة الأردنية (سلسلة إحياء التراث الأردني 7) لسنة 1991م. وحين قرأتها ثانية تداخلت الملامح و الصور و العبارات وازدحمت بها مخيلتي،  فما قرأته هنا يشبه إلى حد بعيد جداً ما قرأته هناك،  فعزوت ذلك إلى ازدحام الوقت و ازدحام القراءة،  ولكنني بعد تدقيق وتمحيص في ما أمامي من النصين وجدت المشابهة و المطابقة و التماثل حتى لكأن النصين نصٌ واحد انعكست صورته في مرآة يجلوها الناظر فلا يغيب عنه أصل الصورة عند نسيب عريضة وهو يتأمل ظلالها عند البدوي الملثم.
وللبدوي الملثم عددٌ من الآثار الكتابية بين موضوع ومترجم تبلغ (22)كتاباً آخرها (من أعلام الفكر والأدب في فلسطين) الذي صدر في طبعتين.
ويعدّ يعقوب العودات (البدوي الملثم)من أقدر الكتّاب العرب على الكتابة في السير و الأعلام، وله أسلوب قلّ من يجاريه فيه.وقد عجبت له كيف يأخذ مدونة نسيب عريضة (قصة ديك الجن الحمصي-حكاية غرام شاعر عربي قديم)المنشورة في مجموعة الرابطة القلمية لسنة 1921
فالبدوي الملثم ممن يحسن  تقليب مشاهد الحياة عند التدوين، ويسبغ عليها من اشواقة و روحه، ويجول في أقطار نفس من يكتب عنهم ويطوف في مسالكها جامعاً في عباراته بين الأدب و التاريخ،  فكيف سوَّلت له نفسه أن يقدم على ما أقدم عليه وهو  الأديب الكبير ؟؟ 
يقع نصّ البدوي الملثم في (77) صفحة من القطع الصغير  فيما يقع نصّ نسيب عريضة في (36) صفحة من القطع الكبير. 
وإذا أنا ذهبت لإثبات كل شاردة  وواردة،  فإن ذلك يحتاج إلى كتاب أضع فيه على الصفحة اليمنى نصّ نسيب عريضة و أضع على صفحته اليسرى نصّ البدوي الملثم. ولمّا كان هذا عزيزاً في صحيفة فإنني سأكتفي بشواهد دالّة ووافية معززة بأرقام الصفحات. وقبل شروعي في المقارنة يحسن بي أن أنبّه على خطأين وقع فيهما البدوي الملثم وهما:
أولاً: خطأ في العلوم الطبيعية،  تمثّل في ذكره لنبات الشربين و الدردار:يقول «وانبرى يمعن النظر في شجيرات الدردار و الشربين،  فلاح له من فروجها بصيص نور حسر اللثام عن  أشباح متراقصة...«ص 69 ».
والمعهود و المعروف أن أشجار الصفصاف هي التي تنتصب و بغزارة على طول مجرى نهر العاصي،   وهذا اللون من الأشجار من أجمل معالم العاصي وأهمها،  ولا مكان لأشجار الدردار و الشربين، واسألوا أهالي حمص إن كنتم في ريب مما قلت.
الثاني: خطأ  تاريخي يكشف عدم استيعاب البدوي الملثم لحكاية ديك الجن زماناً و مكاناً و حدثاً،  فقد استبدل الرصاص بالسيف و الرمح  و الخنجر يقول :(غير أن ديك الجن أمعن في  مطاردة اللصوص و التنكيل بهم فتصدى له أثيم و فوّق إلى صدره رصاصة أردته قتيلاً) ص104  
فمن أين جاء البدوي الملثم بالرصاص؟؟ (وأنا سعيد حتى هذه اللحظة لأن اللصوص لم يستخدموا الأسلحة البيلوجيه والجرثومية!!!)  
لم تكن حكاية ديك الجن الحمصي كما رسمها قلم نسيب عريضة بعيدة عن نظر البدوي الملثم، فقد كانت مجموعة الرابطة القلمية لسنة 1921 أحد مصادره في البحث،  وقد أشار إلى إفادته منها في ص81 (نصف الصفحة)وفي ص86 (بمقدار نصف صفحة) وفي ص92(صفحة) وفي ص89 (خمسة أسطر) وفي ص101(6أسطر) وفي ص114 (صفحتين وسطرين) وفي ص118(ما يقارب الصفحة) وفي ص 134بمقدار(نصف صفحة) وبهذا يكون مجموع ما أثبته البدوي الملثم ووثّقه بالإحالة على نسيب عريضة   (ستة صفحات و نصف من القطع الصغير).إنه لمّما يحير أن يفصح البدوي الملثم عن أخذه من نسيب عريضة في مواضع مخصوصة هي التي أشرنا إليها، ويعمّي على عيون القرّاء في مواضع أخرى كثيرة نبّهنا عليها لاحقا، حيث عمد إلى بعض التحوير والتبديل والتحريف في مفردات وتراكيب لغوية توهم من يطالعها أن تتمّة النصّ ونسيج بقيته من عندياته. وهذا كله لا يعدل بالحقيقة الأدبية والتاريخية عن دلالتها وفحواها. ولا ينكر أحد على باحث أو مؤلف الإفادة من المصادر و المراجع تاريخية كانت أو أدبية، فالواقعة التاريخية المتعلقة بديك الجن مبثوثة في المصادر و المراجع التي عاد البدوي الملثم إليها مثل :الأغاني، ووفيات الأعيان وغيرها، ولكن طبيعة الرواية التاريخية تختلف عن السرد الأدبي، فالمعلومة التاريخية ملك لجميع الباحثين و الدارسين،  أما السرد الأدبي فهو ملك صاحبه لأنه عرقه و جهده في القراءة و التحليل واستخلاص النتائج،  ومن الأمانة نسبته إليه. وما أفزعنا هنا واستجلب القول أن البدوي الملثم أخذ القصة الأدبية بنسقها اللغوي و المفاهيمي و  بنائها و تسلسل سردها الأدبي،  ما يسمى في النقد الأدبي «وقوع الحافر على الحافر».
وقد اقتفى البدوي الملثم أثر نسيب عريضة في أسماء الشخصيات، فخلع عن (بكر بن دهمرد )اسمه التاريخي ومنحه اسما قصصيا (بكر بن رستم). كما جاراه في رسم صورة أبي الطيب/عم ديك الجن، وما هو عليه من استبداد واستقواء وتنكيل.وأيضا تبعه في زمان اللقاء(فصل الربيع /ليلا)بين ديك الجن وورد، ومكان اللقاء (ضفاف العاصي).
لا شك في أن القصة التاريخية عندما يلعب بها الخيال الأدبي تختلف عن القصة الأدبية، وهو أمر مشروع في الأدب، وإنما ننبّه هنا إلى وحدة التعامل مع الشخصيات والزمان والمكان والحدث، فلم تكن ثمّة ممايزة للبدوي الملثم في إعمال صنعته الأدبية بحيث يغاير من وظفوا هذه القصة التاريخية في نسق أدبيّ قصصي كأن يلعب في مكان الحدث وزمانه ويطبع الشخصيات بطابع نفسي فيه ما يوحي برؤاه هو  ، لاسيما إذا عرفنا أن الروايات التاريخية نفسها متعددة وتختلف فيما بينها في تفاصيل وجزئيات، وتبدّل وتزيّد، وقد أفاد البدوي الملثم من مصادر متعددة أشار إليها،  الأمر الذي يسمح له بتحريك الحدث والشخصيات وبقية العناصر بمايخدم رؤيته الأدبية في إغناء القصة بحيث يتمايز في جزئياتها وتفاصيلها عمّن سبقه في توظيفها.                        
إن ما تقرأه هنا من إبانة واضحة أو إشارة لامحة، لم أعتسف إليه اعتساف من يظن أو يشك  أو يتوهم، فالكتابان معروضان للقرّاء في المكتبات، ومطالعتهما تجلو ظلام التردد أوشبهة المغالطة في أن البدوي الملثم قد أخذ من نسيب عريضة.ولسوف أثبت هنا نصّ عريضة أولا ثم أقفّي بنصّ البدوي الملثم : 
شاهد رقم (1)
* وأصغت آذانهم  إلى نعيم أوتار اللاعبين و إنشاد المغنين، وديك الجن بينهم يتمايل طرباً و يهتز عجبا وينشد المقطع بعد الآخر من أشعاره النفيسة التي  فتنت أهل العراق بعد أهل الشام وخر لها أبو نواس ساجداً خاضعا ص106
* جلس شاعر حمص إلى صاحبه بعد أن اطمأنت نفوسهم إلى أوتار اللاعبين وإنشاد   المغنين وديك الجن في وسطهم ينفحهم  بروائعه التي فتنت أهل العراق بعد أهل الشام وأضحى بها(أبو نواس) مفتوناً مذهولاً ص 62 
شاهد رقم (2)
* إذا كنت تهوى فلا تستصعب نيل من تحب،  وإن كانت لك بغية صعبة المنال فلا تيأس من الظفر بها فإن كل شئ سهل المنال في الشباب...أترون هذه السماء أنتم تظنونها بعيدة و لكني أستطيع أن أنالها بيدي،  أتريدون أن أثب وثبة فأبلغها، أكاد والله أفعل ذلك وأجني لكم قطاف الجوزاء وأزهاراً من المجرة. ص107 
*  فإن كنت تهوى...فلا تستصعب   وصل من تهوى وإن كانت أمنية صعبة المنال فلا تيأسنّ في الظفر بها. انظر إلى النجوم في مسالكها تراها بعيدة عنا، لكني أكاد أثب وثبة فأبلغها وأجني لكم قطوف الجوزاء، وحصيد المجرة...ص65  
شاهد رقم (3)
* لا تلومينا يا زين النساء. فهذا ديك الجن الشاعر وأنا رفيقه. قد كنا مارين فسمعناك تترنمين ببيتين لرفيقي. فجذبتنا ناركم كما يجذب النور الفراشة. وهل في هذا من حرج؟ ص113
* لا تسرفي في العنف و الملامة يا ذات الدلَ و الخال، فهذا الشاعر ديك الجن الحمصي و أنا رفيقه بكر بن رستم كنا في طريقنا إلى المدينة فسمعنا إنشادك بيتين من منظومه فجذبتنا ناركم المشبوبة في هذا الروض الأفيح كما يجذب النور الفراشة، أفبعد هذا من لوم وتثريب...ص73
شاهد رقم (4)
* إن هذا المكان وما حوله مع ذلك الدير الصغير والقرية التي بجانبه واسمها الدوير هو حمى لنا النصارى لايتخطاه المسلمون اكراما لشواعرنا.فهو لنا منزل واحد بلا اسوار وخدر لا يحجبه الا الوقار.وقد جرت العا دة ان نخرج اليه نحن عذارى النصارى من المدينة في بدء الربيع يوم الاثنين اول الصوم الكبير الذي ندعوه نحن «اثنين الراهب». ص115 
* إن هذا الروض وما حوله من  الدير الصغير المقابل، وتلك القرية المتناثرة المساكن واسمها «الدوير» حمى لنا نحن النصارى، لايتخطى تخومه أحد إكراما لمشاعرنا الدينية فهو منزل بلاسور، وخدر لاتحرسه إلا الحشمة والوقار وقد جرت العادة أن تخرج إليه عذارى النصارى في بدء الربيع يوم الاثنين أول الصوم الكبير الذي ندعوه( اثنين الراهب)ص79- 80
شاهد رقم (5)
* فاستخرط ابو الطيب في البكاء.وقال وصوته يتهدج من الحزن الكاذب اني لم ارد سوءا لعبد السلام رحمة الله عليه بل احببت ان لا ينقطع عن الناس فينساه اصدقاؤه.اواه!لو كنت اعلم ان الامر يفضي الى هذه الفادحة لفديته بنفسي.ولكن لا مرد لقضاء الله.فسر بنا يا بكر لنستقبل جثته.فقد حان ان تصل الى المدينة.ولناخذها الى منزله ليلقي عليها الاهل والخلان نظرة الوداع.مسكينة ورد!ماذا سيحل بها.هلا ذهبت اليها يا بكر بنفسك وهيأتهالاستقبال المصاب لئلا يهبط عليها دفعة واحدة فيقتلها.اذهب بربك ودعني استقبل الجثة وحدي..ص128-129،
* فاستخرط  في البكاء والعويل ليوهم بكرا بموت رفيق صباه ويضاعف في قناعته بموت ديك الجن والتفت إليه قائلا:لم يكن الالحاح في طلب المال كرهي لعبد السلام ابن عمي-رحمات الله عليه-.....ولو كنت أعلم أن الأمر سيفضي إلى الفجيعة به لسامحته بالمال وفديته بنفسي....هلم بنا يا بكر نستقبل جثمانه ـفقد شارف الركب الوصول ولنعرج به على منزله ليراه المحبون وذوو القربى قبل أن يوسد الثرى !لك الله يا ورد من بائسة مسكينة !...استحلفك يا بكر بأعز الناس لديك، بأمك وأبيك، وارجو أن تذهبمن توك إلى وردوتصارحها بالخطب الجلل، وتعدها لاستقبال الجثمان لئلا تنقض عليها الأحزان دفعة واحدة فتقتلها .  ص 106 -107
إن نقول البدوي الملثم من نسيب عريضة كلها تجري على هذا النحو من الاقتفاء والاحتذاء واللعب بالمفردات والكلمات والتراكيب والجمل.
وللقارئ أن يعود إلى النصين عند البدوي الملثم وعند نسيب عريضة ويتتبّع سردها بحسب الصفحات التالية حيث يشير الرقم الأول إلى موقع النّص عند نسيب عريضة ويشير الرقم الثاني إلى موقع النّص عند البدوي الملثم:  
62 = 106 - 64 = 106 - 65 = 107 - 66 = 107/108 - 67 = 108 - 68 = 108 - 110 - 69 = 111 - 71 = 112 - 72 = 112 - 73/74 = 113، 114 - 75 = 114 - 78 = 115 - 79 - 80 = 115 - 116 - 82/83 = 116 - 117 - 87 = 121 - 88/89 = 122 - 123 - 93 = 124 - 125 - 95 = 125 - 100 = 126، 127 - 102 = 127 - 103 = 128 - 106 = 128 = 129 - 108، 109 = 129، 130 - 111 = 131، 132 - 121 = 134 - 123 = 135 - 130 - 139
وما تمثّله أرقام الصفحات هنا وهناك إنما هي شواهد دالّة جئت بها على سبيل الاستدلال مستغنيا عن الكلمات والنصوص بالأرقم خشية الإطالة وإملال القارئ.وقد بلغ من مكوث الملثم في إهاب عريضة أن أخذ خاتمة القصة بنصّها(ص134) وهو اقتباس بالرغم من الإشارة إلى أخذه من عريضة ص(140) إلا أنه لا مسوّغ له بأخذه.فنسيب يقول في خاتمته :(عندما كنت أطا لع  بعض أشعاره في كتاب قديم) والملثم يشير في مقدمة كتابه (ص9) أنه طوّف في شعر ديك الجن جميعه.فالأول قرأ(بعض) الأشعار، والثاني قرأها (جميعا)، فكيف (يبعّض) الملثم (كلّه)؟؟؟.إنه هنا يناقض نفسه مناقضة صريحة، فلم يعد ما أقرّه في المقدمة متفقا مع ما أثبته في نهاية قصته، وفي علم المنطق لابد من أن تقوم النتائج على مقدّماتها.ولكن عين التاريخ بصيرة و(الحق العلميّ) لابد وأن يعود إلى أصحابه، فلكل نصّ تاريخ وضع ونشر، وما بين قصة ديك الجن عند نسيب عريضة (1921) وعند البدوي الملثم (1948) زمن  مديد مقداره (27) عاما جلّى ما بينهما من تأثر وتناصّ بعد أكثر من نصف قرن.وصدق القا ئل إذ يقول : ونُصّ الحديث إلى أهله /فإنّ الأمانة في نصّه.
[email protected]

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF