المسلسل العربي المصري الجديد «فجر ليلة صيف»، كان آخر أعمال الفنان محمود مرسي، والذي رحل قبل أن ينهي من تصوير المسلسل سوى 35%، فحلّ مكانه الفنان جميل راتب، ليلعب دور رجل الأعمال الثري عبد الرحمن الرمادي، الملقب بـ «الحوت»، بسبب من قسوته وجبروته.
هذا العمل بدأت بعرضه قناة دبي الفضائية وهو جدير بالتنويه والمشاهدة.. ذلك أن كادره الأساسي، قد اختبر مراراً، عبر مجموعة متميزة من المسلسلات.
أسامة أنور عكاشة الذي وقع على أهم الأعمال الدرامية العربية، كمؤلف وكاتب حوار وسيناريو، يكتفي هنا بلعب دور الروائي، وهي الصفة التي يفضل أن يلقب بها، ولكنه كان يسعى الى مساحة أوسع من المتلقين، ومن هنا قال، في حديث مع الكاتب الراحل عبد الفتاح الجمل «إن عدد كتاب القصة في مصر اكثر من قرائها».. من هنا وجد عكاشة أن الوصول للمتلقي مسألة ضرورية لذا كان من الضروري الانتقال لمرحلة الدراما التليفزيونية التي اتاحت له الفرصة للوصول للمتلقي متخطيا عائق الامية الثقافية. من هنا ربما أسهم أسامة أنور عكاشة في تكريس الدراما التليفزيونية كأحد الاجناس الادبية الجديدة.
ورغم ذلك فلم يهجر عكاشة ارض الادب المقروء..فقد سبق له وأصدر إلى جانب رواية «وهج الصيف»، التي أخذ منها هذا المسلسل، روايتي «أحلام في برج بابل» و«منخفض الهند الموسمي»، بالاضافة إلى مسرحيتين، تحمل احداهما اسم «الناس اللي في التالت»، وثلاثة كتب في النثر الفني هي «أوراق مسافر» و«همس البحر» و«تباريح خريف». والمعروف أن بدايات عكاشة الأدبية كانت مع القصة القصيرة.. حيث أصدر في اوائل السبعينيات من القرن الماضي مجموعتين قصصيتين هما «خارج الدنيا» و«مقاطع من اغنية قديمة».
أما كاتب الحوار والسيناريو فهو عاطف بشاي أحد أعمدة كتاب الدراما التليفزيونية الذي لمع اسمه عبر مسلسلات ناجحة أثارت الكثير من الجدل ومنها: «النساء قادمون» و«يا رجال العالم اتحدوا» و«الكلام المباح» و«يا نساء العالم اتحدوا» و«حضرة المحترم» و«لا». وهو يعد الآن لمسلسل عن مي زيادة، وله اسهامات سينمائية مهمة مثل: أهل القمة، ولا تطفيء الشمس، بحب السيما، الوزير جاي.
وهذا المسلسل هو ثاني تجربة للمخرج الشاب هشام أسامة عكاشة بعد حلقات «أحلام سنابل» الناجحة الذي عرض العام الماضي.
كان محمود مرسي قد التقى مراراً مع أسامة أنور عكاشة فهذا هو العمل الرابع بينهما بعد مسلسلات «ابوالعلا البشري» بجزءيه و«عصفور النار» و«لما التعلب فات»، أما جميل راتب فتميز مع عكاشة في المسلسل المهش «الراية البيضا».
يتقاسم ادوار البطولة، إلى جانب محمود مرسي/ جميل راتب، كمال أبو رية، ميرنا المهندس، سوسن بدر، إبراهيم يسري، شوقي شامخ، يسري مصطفى، خالد الصاوي، أسامه عباس، وآخرين.
يحكي مسلسل «فجر ليلة صيف»، المكون من ثلاثين حلقة تلفزيونية، قصة الفتاة هالة، (ميرنا المهندس) وهي الحفيدة المدللة للثري الجبار (الحوت)، وهي فتاة ذات إرادة حديدية وصاحبة موقف حر وطموح من أجل تحقيق آمالها وأحلامها.. رغم سطوة جدها العاتي.
تحب هالة زميلها الشاب الفقير زين، الذي يعمل والده ناطوراً في إحدى البنايات.. في الوقت الذي كان فيه الحوت يخطط ليزوج حفيدته هالة من ابن عمها جاسر، ليحافظ على إرث العائلة.. غير أن علاقة هالة بزين أقوى من كل المخططات..عندئذ يلجأ الحوت إلى محاربة زين، بكل الوسائل، لإبعاده عن حفيدته، ولكي يظل مسيطراً على الجميع.. حتى ابنائه واحفاده، فهو على استعداد دائم كي يدمر أي شيء، وأي انسان في طريقه مهما كان.. لقد حقق الحوت ثروته الهائلة علي حساب استغلال الناس، ودون قيم أو مباديء.. مما يضطر حتى ابنه (شوقي شامخ) لمغادرة إمبراطورية أبيه، كي يستقل بخياراته ويحمي ابنته هالة.
على الجبهة المضادة في محاربة الفساد والشر والجريمة يتحمس الصحافي يوسف (كمال أبو رية) ليقوم بدور التحري، ليجمع المعلومات والأدلة التي تدين جرائم الحوت.. لكشفه أمام الرأي العام.. فيكون أن يدخل عالم الأسر الغنية والعائلات الكبيرة ليكشف أسرارهاوفضائحها وينشرها في تحقيقاته الصحفية.
بعد فشل مخطط الرمادي في تزويج حفيدته من ابن عمها جاسر، بسبب ارتباطها بزميلها الفقير، يعلن الرمادي الحرب على زين.. حد القتل..وبسبب من الموقع المركزي لمأساة زين في العمل فقد كان أحد مقترحات اسم المسلسل هو تغير الاسم من وهج الصيف إلى آه يا زين، ثم استقرت التسمية عند «فجر ليلة صيف».. فيكون أن تتشعب شبكة الشخصيات والأحداث التي تصنع وقائع هذا المسلسل، وهنا بالضبط تبرز قدرة كاتب السيناريو (بشاي) والمخرج (هشام عكاشة) في تحويل شخصيات أسامة الروائية الورقية إلى نبض حي وثيق الصلة بيومياتنا المعاصرة.. إن امتياز دراما المسلسلات يكمن أساساً في إقامة شبكة من الخيوط المتعامدة زمنياً والمتصلة أفقياً لاغناء موقع البؤرة المركزي في العمل الدرامي، وتسليط مزيد من الاضواء عليه، ومن هنا تصبح التفريعات الدرامية ضرورة فنية تثري العمل وتعمّق القضية المطروحة، وهي هنا عالم الصراع المحتدم بين قوى الخير والشر.. وحيث يستشري ويستشرس الحيتان والقطط السمان لافتراس الاجساد الطرية والبريئة للناس الشرفاء.. فلمن تكون الغلبة في ظل اختلال الموازين والأخلاق؟!
هذا ما ستخبرنا به حلقات المسلسل، وسندع متعة متابعاته ومفاجآته لمن يود مشاهدة هذا العمل المتميز.
[email protected]