كتاب

الفساد الصغير !.

يقال إن الأخطاء الإدارية وحتى عدم اتخاذ القرار في الوقت المناسب هو شكل من أشكال الفساد لأنه يعادل هدرا ماليا وفيه تفويت الفرص.

هذا صحيح، لم نعد نسمع بقضايا فساد كبيرة وحتى القضايا المثارة في سنوات سابقة عولجت وصدرت فيها احكام وما بقي هو الفساد الصغير واظنه اكثر خطرا وهو ما تركز هيئة النزاهة جهدها في محاصرته.

هل انتهى الفساد الكبير؟, في الحقيقة لم تسجل منذ وقت قضية كبيرة لكن ذلك لا يعني أن هذا الفساد الكبير قد انتهى..

الفساد الصغير فالأصغر هو الأخطر لأنه في جسد البلد مثل لوكيميا الدم, لا يمكن القضاء عليه بمجرد غسيل الدم ولا تستطيع أي حكومة ولا أي هيئة لمكافحة الفساد اجتثاثه.

تسربت الاتمتة والخدمات الإلكترونية وسيلة مهمة لمحاصرة الفساد الإداري كما أن خطة تطوير وإصلاح القطاع العام ضرورية لذات الأهداف فعندما يتم التعامل الكترونياً مع المعاملات مهما كان شكلها ونوعها فان نسبة الخطأ الإداري تصبح محدودة كما أن التدخل البشري بشقيه حسن النوايا او سيئها لا مكان له.

حكايات المضايقات ومحاولات الابتزاز التي يقودها متنفذون لا شك أن لهم أدوات تدل على قدرتهم على الإيذاء وعرقلة الأعمال, ومرافق وشركات تواجه ضغوطا كبيرة لإجبارها على تمرير وظائف او دفع أموال عبر تهديد بحملات تشويه، وتحريض تستخدم فيها كافة الأسلحة.

أسوأ أنواع الفساد هو الفساد التحريضي، بمعنى أن يضغط صاحب نفوذ للتضييق على منافسين أو يدفع صاحب مصلحة رشوة لموظف ليس الغرض منها تسليك معاملة بل إحداث ضرر بمصلحة أخرى تخص منافساً له.

كل استطلاعات الرأي خلصت الى أن قوانين الاستثمار التي عدلت وطورت على مدى نصف قرن مضى ممتازة وجيدة لكن المشكلة فيمن يطبق القانون وفيمن يجيره لخدمة مصلحة ويغير مساره على هواه لكن ربما سيحتاج الأمر الى بنود قانونية توفر للمستثمرين صغارا وكبارا الحماية ليس فقط من مثل هذه الممارسات بل حماية المستثمرين من تفوق منافسيهم أو مبتزيهم الذين طوعوا هذه القوانين عبر موظفين لعبوا هذه الأدوار ببراعة..

كلما قل عدد القضايا المضبوطة كلما تيقنا أن الجهود تؤتي أكلها وقلتها يجب أن تعني أن هذه الجهود تنجح وليس ان ثمة تراخيا قد حصل كما يظن البعض.