خطة إسرائيلية لإفراغ شمال القطاع بإقامة مركز توزيع مساعدات في الجنوب
كثف جيش الاحتلال الإسرائيلي غاراته فجر امس، مستهدفا بشكل خاص مدينة غزة والمناطق الوسطى من القطاع مما أسفر عن سقوط 50 شهيدا وعشرات الجرحى والمفقودين.
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة استشهاد أكثر من 50 شخصا خلال خمس ساعات فقط نتيجة غارات الاحتلال الإسرائيلي، من بينهم 33 طفلاً وامرأة.
يأتي هذا التصعيد في اليوم الـ 64 من استئناف العدوان الإسرائيلي، حيث واصل الجيش قصفه المكثف، مترافقا مع عمليات تدمير شاملة لمربعات سكنية في شمال القطاع.
وقالت مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان: «أن نزوح أكثر من 150 ألف مواطن من شمال قطاع غزة يفاقم الكارثة الإنسانية».
وأضافت الضمير:» نازحون يفترشون الأرض في الشوارع والمرافق العامة وخارج مراكز الإيواء في غزة حيث نزوح 270 ألف مواطن من مدينة غزة.
وقال المفوض العام لأونروا:» ما نحتاجه في غزة دعم هائل ومستمر ودون عوائق لضمان عكس مسار الجوع المتفاقم، مضيفاً أن ترامب يملك النفوذ لتغيير الوضع في غزة وضمان رفع الحصار وحصول السكان على الطعام والماء.
وأضاف: «أمر مؤسف أن نواجه حالة مجاعة في غزة، نحن في وضع يستغل فيه الجوع والغذاء لأغراض سياسية وعسكرية.
وأعلنت وكالة الأونروا أن الأوضاع في قطاع غزة تتدهور بشكل يومي، مع انتشار متزايد لسوء التغذية بين مواطنين القطاع. وأشارت الوكالة إلى أن إسرائيل تعرقل عمل الأطباء، حيث تمنع تحركهم بحرية داخل القطاع، وتعيق دخول الأدوية والمساعدات الطبية الضرورية.
كما تمنع إسرائيل المتطوعين من دخول قطاع غزة، مما يزيد من معاناة السكان ويعوق جهود الإغاثة الإنسانية في ظل الأزمة المتصاعدة.
وفي اعتراف نادر، أقر مسؤول عسكري إسرائيلي رفيع المستوى بمسؤولية الجيش عن قتل الأطفال وتهجير المدنيين في قطاع غزة، في مؤشر على حجم التصعيد والدمار الذي تشهده المنطقة.
وكشف رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، رامي عبده، إن من بين 5 شاحنات دخلت قطاع غزة، كانت اثنتان محملتين بالأكفان تبرعت بهما دولة عربية عبر الأمم المتحدة.
وأكد عبده، أن الأكفان ليست مساعدات غذائية؛ بل تحضير لموت جماعي وغزة لا يتم إطعامها بل دفنها.
وأوضح أن بيان الإدانة الصادر عن قادة بريطانيا وفرنسا وكندا لجرائم الاحتلال الإسرائيلي -وهم من أبرز الداعمين للإبادة في أشهرها الأولى-، جاء أقوى وأوضح من البيان الختامي لجامعة الدول العربية.
وبيّن أن الموقف الدولي بدأ يميل باتجاه الضغط على الاحتلال -ولاسيما بيان مشترك لـ25 دولة معظمها غربية-، يرفض الخطة الإسرائيلية الأمريكية الجديدة لإدارة التجويع في غزة عبر المساعدات، ويؤكد عدم التعاون مع نموذج يربط الإغاثة بأهداف سياسية وعسكرية.
وقال المقرر الأممي المعني بالحق بالغذاء مايكل فخري، إن المناطق التي اقترحتها إسرائيل لتوزيع الغذاء في قطاع غزة سياسية وليست إنسانية، مؤكدا أنها تشن حملة تجويع ضد أطفال غزة.
وأكد فخري أن إسرائيل تقوم بتطهير عرقي في غزة، وتجوع أكثر من مليوني فلسطيني في القطاع المحاصر.
ونبه إلى أن القطاع بحاجة إلى إدخال ألف شاحنة على الأقل يوميا، في تباين كبير بين عدد الشاحنات المطلوبة وبين ما أدخلته إسرائيل الاثنين ٥ شاحنات ٢منها اكفان وليس طعام.
وقال فخري إن إسرائيل «لو كانت مهتمة بأطفال غزة لما شنت حملة تجويع ضدهم». هذا وتحاول إسرائيل تنفيذ خطة لإفراغ شمال قطاع غزة من سكانه، من خلال استغلال توزيع المساعدات الغذائية، رغم أن خططا سابقة لدفع جميع سكان شمال القطاع إلى النزوح جنوبا فشلت منذ بداية الحرب على غزة.
ويقيم جيش الاحتلال الإسرائيلي في هذه الأثناء أربعة مراكز لتوزيع المساعدات الإنسانية – مواد غذائية وأدوية. وحسب الخطة الإسرائيلية، فإن أحد هذه المراكز سيقام في جنوب محور صلاح الدين ('نيتساريم) في وسط القطاع، كي لا يضطر سكان شمال القطاع إلى الذهاب إلى جنوبه حيث تقام ثلاثة مراكز أخرى لتوزيع المساعدات.
وأفادت إذاعة الجيش الإسرائيلي، امس، بأن الخطة الاقتصادية تقضي بأن جميع سكان شمال القطاع الذين يتوجهون إلى مركز توزيع المساعدات جنوب محور صلاح الدين لن يُسمح لهم بالعودة إلى شمال القطاع. ووصفت الإذاعة هذه الخطة بأنها «تذكرة باتجاه واحد»، وسترغم عمليا السكان إلى النزوح إلى المناطق في جنوب القطاع. وأضافت الإذاعة أنه بهذا الشكل تعتزم إسرائيل تسريع إخلاء السكان الغزيين من شمال القطاع، وأنه سيكون بالإمكان إفراغ شمال القطاع من سكانه بشكل كامل.
ولفتت الإذاعة إلى أنه طوال الحرب على غزة، وفي ذروة الاجتياح البري الإسرائيلي في مدينة غزة ومناطق أخرى في شمال القطاع، «لم تنجح إسرائيل أبدا في إفراغ المنطقة الشمالية كليا. ورغم عشرات بيانات الإخلاء التي وجهها الجيش الإسرائيلي للسكان، بقي في شمال القطاع بشكل دائم 200 – 300 ألف من سكانه الذي رفضوا التوجه إلى جنوب محور نيتساريم». والاعتقاد في إسرائيل الآن، حسب الإذاعة، هو أن هذه الخطة لن تبقي للغزيين خيارا، وستلزمهم بالنزح جنوبا.
ونقلت الإذاعة عن مصادر أمنية إسرائيلية نفيها، مزاعم إسرائيلية ترددت أمس، بأن عناصر في حماس استولت على 5 شاحنات إغاثة دخلت إلى القطاع.
وقالت المصادر الأمنية الإسرائيلية إن عناصر حماس «لم تستول على 5 شاحنات دخلت أمس من معبر كرم أبو سالم، وكانت محملة بطعام للأطفال والحفاضات بالأساس. ووصلت الشاحنات إلى غاياتها، وقسم منها إلى مستشفيات في القطاع وقسم آخر إلى مخازن برنامج الأغذية العالمي».
وأضافت المصادر ذاتها أن «طائرات مسيرة للجيش الإسرائيلي رافقت الشاحنات، ولم تكن هناك حاجة لاستخدامها، لأنه لم يتم أبدا رصد خلايا تحاول الاقتراب أو من شاحنات الإغاثة».
في المقابل، أعلن الجيش الإسرائيلي، الثلاثاء، مقتل أحد جنوده خلال معارك شمال قطاع غزة، في ظل استمرار المواجهات العنيفة مع فصائل المقاومة الفلسطينية. وذكر المتحدث باسم الجيش في بيان رسمي، أنه تم السماح بنشر هوية الجندي القتيل، وهو الرقيب يوسف يهودا حيراك (22 عاما)، من كتيبة الهندسة القتالية 601، وقد أبلغت عائلته بالنبأ.
وتواصل كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، إلى جانب فصائل المقاومة الأخرى، التصدي لتوغلات قوات الاحتلال في مختلف محاور قطاع غزة، مؤكدة أنها تواصل إيقاع خسائر بشرية ومادية في صفوف الجنود الإسرائيليين، في ظل استمرار ما تصفه بـ'حرب الإبادة الجماعية» التي يشنّها الاحتلال على القطاع.
وبحسب البيانات الرسمية الصادرة عن الجيش منذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في 7 تشرين الأول 2023، فقد قتل أكثر من857 جنديا إسرائيليا، بينما أُصيب الآلاف بجراح متفاوتة، ما يعكس حجم الكلفة البشرية التي تتكبدها إسرائيل في هذه الحرب المستمرة منذ أكثر 18 شهرا.
ووفقا للبيانات الصادرة عن الجيش الإسرائيلي، فإن 415 جنديا خلال المعارك البرية في القطاع، فيما أصيب 5891 جنديا بجروح متفاوتة، بينهم 2667 جنديا أصيبوا خلال المعارك في القطاع.
تجدر الإشارة إلى أن الأرقام الرسمية الخاصة بالمصابين في صفوف الجيش الإسرائيلي منذ بداية الحرب لا تشمل جميع الحالات، إذ تستثني الأشخاص الذين تم إجلاؤهم بشكل روتيني وليس بسبب حادث تشغيلي، بالإضافة إلى من وصلوا إلى غرف الطوارئ ولم تُسجل لهم إصابات تتطلب إدخالا إلى المستشفى، أو لم تحدد درجة خطورتها، بما في ذلك الإصابات الطفيفة أو ما دون ذلك.