كتاب

السياحة الداخلية.. تنتظر استراتيجية من الواقع

 

القطاع السياحي الأردني شهد خلال العام الحالي نموا كبيرا، فقد بلغ الدخل السياحي أكثر من 1.2 مليار دينار في الربع الأول من العام، بزيادة تقارب 9% عن الفترة نفسها من العام الماضي، كما ارتفع عدد الزوار بنسبة 13%، وهو أمر يعكس جهودًا ملموسة على صعيد الترويج الدولي وتوسيع شبكات الطيران منخفض التكلفة، بحسب أرقام البنك المركزي ووزارة السياحة.

لكن، كيف يمكن لهذا القطاع أن يستفيد من قوة السوق الداخلي «السياحة الداخلية»، لا سيما في أوقات الأزمات أو التغيرات الجيوسياسية والمناخية التي تؤثر على حركة السياحة العالمية؟

حلم السياحة الداخلية لا زال بالنسبة للكثير من الأردنيين فكرة رومانسية أكثر من كونها خيارا واقعيا، ويعود ذلك إلى عدة أسباب، إذ أن زيارة البحر الميت أو وادي رم أقرب إلى مغامرة مالية تحتاج إلى استراتيجة تخطيطية طويلة الأمد، وكذلك المنافسة الكبيرة للترويج السياحي لدول الإقليم مثل تركيا وعلى الطريق سوريا ولبنان بعد وضوح الرؤية السياسية لهذين البلدين الشقيقين، خاصة بعد رفع العقوبات الأمريكية على سوريا والتوقعات بزيادة النمو الاقتصادي خاصة السياحي فيهما، حيث أن التكلفة المالية لزيارة تلك البلدان أقل تكلفة من مغامرة مالية لزيارة داخلية لموقع سياحي أو أثري.

مسألة الكلفة، التي تبدو غالبًا غير متناسبة مع دخل المواطن، من أكبر التحديات التي تواجه قطاع السياحة الداخلية، فعندما تصبح عطلة نهاية الأسبوع في إحدى مناطق الجنوب السياحية مساوية – وربما أغلى – من رحلة إلى إحدى العواصم المجاورة، فإن الخيارات تصبح واضحة: شنطة السفر تتجه نحو الخارج، مستفيدة من فرق الأسعار وارتفاع القوة الشرائية للدينار مقارنة بعملات الدول المجاورة.

وهنا يبرز دور حملات التوعية والتسويق الداخلي، التي لا تزال بحاجة إلى تطوير، وإلى لغة تلامس يوميات المواطن وتدفعه لاكتشاف ما يملكه من كنوز على بعد بضع ساعات بالسيارة، وكذلك، ضعف الثقافة السياحية الداخلية، خاصة بين الشباب، وعدم إدراك أهمية الموارد السياحية الوطنية، وغياب التكامل بين السياحة والتعليم، وانخفاض معدلات زيارات الطلبة والأسر للمواقع السياحية، وتركيز الفعاليات السياحية والمهرجانات في مناطق محددة (مثل عمان والعقبة)، وغيابها في المحافظات الأخرى.

إن معالجة هذه التحديات تتطلب استراتيجية وطنية متكاملة تشجع الأردنيين على السفر داخل بلدهم، ودمج السياحة في التنمية المحلية، وإعادة تعريف العلاقة بين المواطن وموارد بلاده، ليس فقط كمشاهد، بل كشريك ومستفيد.

وكذلك الترويج لحزم سياحية ميسّرة للمواطنين لردم فجوة الإقبال على ما نملكه من كنز سياحي يفوق ما تملكه العديد من الدول من خلال تسعير عادل يراعي دخل المواطن، ودعم مبادرات السياحة المجتمعي، ورفع الوعي بقيمة الموارد المحلية، وتحسين خدمات النقل والإقامة، وإشراك الشباب والنساء في مشاريع سياحية تخلق فرص عمل وتعزز الاقتصاد المحلي.