في الوقت الذي يقف فيه الأردن، ملكاً وحكومةً وشعباً، إلى جانب أشقائه في فلسطين، ويوجه كل جهوده نحو تخفيف معاناة أهل غزة، تطل علينا منابر إعلامية مشبوهة ترفع لافتة "الاستقلالية"، بينما هي في جوهرها أدوات تضليل مأجورة، لا همّ لها سوى الإساءة للدول والمجتمعات التي ما زالت تؤمن بالقيم الإنسانية وتدفع ثمن مواقفها المبدئية.
آخر هذه الحملات المغرضة، ادعاء كاذب نشره ما يُسمّى "موقع لندني مستقل"، تضمن اتهامات للأردن بأنه يتكسّب من مأساة غزة. وهي تهمة فجّة وساقطة أخلاقيًا قبل أن تكون سياسيًا. هذه المزاعم لم تأتِ من فراغ، بل تقف خلفها شخصية ذات توجهات أيديولوجية مثيرة للريبة، معروفة بعدائها العلني للأردن وخطابه المتوازن.
لقد جاءت الحقائق سريعًا لتسقط هذه الأكاذيب. فقد أصدرت الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية، وهي الجهة المعنية بإدارة الجهد الإغاثي الأردني تجاه غزة، بيانًا موثقًا بالأرقام والبيانات، يوضح حجم المساعدات المقدّمة، وعدد الطائرات والجهود اللوجستية المبذولة منذ بداية العدوان الإسرائيلي على القطاع. وهي جهود يشهد لها العالم، ولا تحتاج إلى تبرير أمام أبواق مأجورة تتاجر بدماء الأبرياء.
ما لا يدركه أصحاب هذه الحملات أن الأردن لا يسعى للربح من المآسي، بل يدفع من استقراره وموارده من أجل نصرة قضايا عادلة، على رأسها القضية الفلسطينية. فقد بقي الصوت الأردني ثابتًا، رافضًا لكل أشكال الاحتلال، وداعمًا لحل الدولتين، مدافعًا عن المقدسات في القدس، عبر الوصاية الهاشمية التي يحاول البعض الطعن بها عبثًا.
إن ما يحدث ليس مجرد خبر عابر أو تقرير صحفي مضلل، بل هو محاولة ممنهجة لضرب الثقة بين الشعوب، وتشويه صورة دولة لم تتاجر يوماً بالدم الفلسطيني، بل كانت ولا تزال الحضن الدافئ والداعم الصادق.
رسالتي لهؤلاء: الأردن أكبر من حملاتكم، ومواقفه أنبل من أكاذيبكم. وإن كان هناك من يتاجر بغزة، فأنتم أول المتهمين، أما نحن فمع كل شهيد ونازح وطفل ينتظر الأمل في خيمة أو سرير مستشفى.