الخطط او ما يعرف بالتنظير في الاقتصاد غالبا ما يضعه خبراء وفق نماذج اقتصادية أكاديمية تعتمد على بيانات وأرقام وإحصاءات لكن هل هناك فرق بين هذا وبين التنفيذ على ارض الواقع؟.
تجربتنا في الأردن تقول بالفرق لذلك كان مصير عشرات الخطط والبرامج الاقتصادية ارفف المكتبات او الأرشيف لينهل منها الدارسون.
خطة التحديث الاقتصادي جاءت واقعية بدرجة ما ومرونتها القابلة للتعديل جعلتها اكثر مرونة للاقتراب من الواقع لذلك نقول ان بعض مخرجاتها ستحتاج إلى مراجعة تتماشى مع الوقائع الجديدة على الأرض وفي ضوء ما تحقق من نتائج.
في ضوء نتائج الربع الأول تبدو خطوات الحكومة ملائمة ومع ان صندوق النقد يتوقع نموا قرب ٢،٧٪ إلا ان قناعة لدى كثير من المسؤولين ان بإمكان الاقتصاد ان يحقق نسبة تتجاوز ٣٪ شريطة أن يستمر الزخم والظروف على ذات الوتيرة من دون مفاجآت فان كان ما هو قادم على المستوى الاقتصادي جيد فذلك من شأنه أن يعجل جهود النمو اما إن بقيت الظروف على ما هي عليه فن ذلك من شأنها أن يوافق توقعاتنا اما المفاجآت غير السارة فهي تحتاج إلى خطط بديلة وسريعة وطارئة تثبت على الأقل المكتسبات وتحميها من المخاطر.
خذ مثلا الخطط التي تضعها وزارة التخطيط والتي تتم على أيدي معظم الأمناء العامين للوزارات فهي غالبا ما تتحول من خطط تنفيذية إلى برامج استرشادية وأقرب مثال على ذلك خطة الاستجابة للجوء السوري التي مثلت على مدى عشر سنوات صرخات استغاثة لا اكثر !!.
آخر خطة وصفت حالة الاقتصاد الأردني كما نأمل أن يكون في عام 2025 أي هذه السنة، فما كان من توقعات لم تعد قائمة بل إنها انقلبت راساً على عقب
الخطط التي يضعها منظرون ومنهم أساتذة جامعات هي في محل اجتهادات عديدة، قد تصيب او تخطئ لكنها في الحالة الأردنية لا أبالغ إن قلت إنها لا تتجاوز كونها محاضرات تأشيرية تحدد المؤشرات الرئيسية وتتناول النهايات المطلوب تحقيقها كعناوين لكنها عندما تسقط على الواقع تصبح شيئا آخر.
بظني هذا هو أحد اهم أسباب عدم الثقة بالخطط ليس لأنها تجافي الواقع فقط بل لأنها لا تمتلك مرونة التحديث لان من يضعها غالبا هم نخبة من الأكاديميين ممن يلزمون انفسهم بمنهج تقني وفني جامد.
لا نقلل من أهمية دور الأكاديميين من الخبراء في وضع الخطط والبرامج فهذا جزء من دورهم لكن هم بحاجة دائما إلى مواكبة الوقائع ولو عبر نافذة ضيقة هي الميدان.
خذ مثلا رئيس الوزراء فهو دكتور متخصص بالاقتصاد والسياسة والإدارة وشغل مناصب عديدة منها وزير للتخطيط لكنه ترك كل ذلك جانبا وذهب إلى الميدان ومنه يتخذ قراراته لكنه في ذات الوقت يهتدي بالخطط الموضوعة ويلتزم بخطة التحديث الاقتصادي بشدة ويلحظ فجواتها في ضوء تجاربه الميدانية برصد أولويات واحتياجات المواطنين في مناطقهم.
تستطيع الجامعات أن تكون شريكة حقيقية في وضع مجموعة لا حصر لها من الرؤى، رؤية تجارية، ورؤية صناعية، ورؤية سياحية إلى آخره لكن من هي هي الجهة التي ستقوم بالتأكد من واقعيتها وتكاملها وعدم تناقضها؟.
الرؤية ليست مهمة فكرية وسياسية يتم إعدادها من قبل نخبة من المفكرين والخبراء والقادة لتحديد التوجه العام بل هي قرارات واجراءات تخاطب واقع يعيشه الناس.
qadmaniisam@yahoo.com