كتاب

معارض السيارات

.. هل الأردن فقير؟..

يكفيك أن تمشي في السيارة، من الشارع الممتد بين صرح الشهيد وحتى بنك القاهرة عمان في آخر وادي صقرة، وتنظر لليمين ولليسار.. وستشاهد مئات السيارات الفارهة المتروسة على جوانب الطريق.

أتذكر أننا أنتجنا ممرا تاريخيا في حدائق الحسين يحكي قصة الأردن، في ذات الوقت أنتجنا ممرا لمعارض السيارات، أظن أنه ربما الأطول في الشرق الأوسط...

سؤالي: حين يأتي المواطن العربي لدينا، حتما سيسأل.. عن بلد يعاني من الظرف الاقتصادي الصعب، وجزء من ميزانيته تقوم على المنح والقروض، وتحمل أعباء اللجوء، ومازال يعاني من وطأة الديون الخارجية.. سيسأل هل الأردني يحتاج لهذا الكم الهائل من معارض السيارات؟

هذا تشويه للجغرافيا، وأيضا تزييف لحقيقة الأردني.. نحن أصلا لا نحتاج لهذا الكم من الترف، لا نحتاج لإعلان على سيارة (جي كلاس) يتجاوز ثمنها الـ (200) ألف دينار، ولا نحتاج لإعلان على سيارة رنج روفر.. نحتاج لمن يجدول لنا قروضنا، ولمن يوفر لنا زيادة في الراتب.

الغريب أن هذا الشارع لا يوجد فيه معلم ثقافي، أو حديقة.. أو حتى استراحة، لا يوجد فيه لوحة أو جدارية تتحدث عن تاريخ الأردن، لا يوجد فيه أي نصب تذكاري يشير إلى معركة، مجرد محلات متروسة بالسيارات، وبلا أرصفة.. وزبائن يفاوضون، وسيارت قديمة تمر وينظر من فيها لهذه المعارض بعين الحزن والحسرة.

في دبي حين تريد شراء سيارة، تذهب لخارج المدينة، فهناك ساحات ومواقف خاصة لتجار السيارات، وفي مصر بدأوا ينظمون المسألة أيضا، في الرياض يوجد سوق خاص بهذه التجارة، لدينا أكبر شوارع عمان وأكثرها إنفاقا من الأمانة والحكومة، على إنشاء الأنفاق والجسور والتوسعة... ناهيك عن الباص السريع، كلها متروسة بمعارض السيارات.. في النهاية هذه البنية تشعر بأنها لم تخلق لخدمة المواطن بقدر ما وجدت لخدمة صاحب المعرض، فالرصيف مباح له... والشارع هو الآخر مباح للزبائن، والأزمات تحدث أحيانا نتيجة تكدس العرض..وفي النهاية حين تسأل كم تشكل هذه التجارة من الناتج المحلي، ستعرف أنها لا تشكل شيئا..لأنها عملية عرض وطلب وبيع، وليست إنتاج.. هي تشبه السوبرماركت لا أكثر ولا أقل.

تجارة السيارات ليست مهنة، فالكل يستطيع ممارستها... وأظن أن التفكير بحلول لحماية الشوارع، وتنظيم هذا الأمر يحتاج منا أن نفكر بالبديل..

القصة ليست مرتبطة فقط بالتكدس الهائل لهذه المعارض، ولكنها مرتبطة أيضا بجمالية العاصمة، بحيوية الشوارع، بالأزمات بروح العاصمة ذاتها..

ترى متى نصحو على شوارع، خالية من معارض السيارات.

Abdelhadi18@yahoo.com