يُعتبر الدماغ واحدًا من أهم الأعضاء البشرية في الجهاز العصبي والمسؤول الأول عن عملية التحكّم في جميع وظائف أعضاء الجسم المختلفة مثل: التفكير، الإدراك، الذاكرة، الانتباه، حلّ المشكلات، اتخاذ القرارات، التحكّم في المشاعر، السلوكيات وغيرها من الوظائف الحيوية التي يتحكم بها؛ فهو المركز الرئيسي للحياة. لذا، فإن حدوث خللٍ لو كان بسيطًا في هذا العضو سيؤثر بشكل مباشر على صحة الإنسان البدنية أو السلوكية أو الاثنتين معًا.
تعرض المقالة الآتية مدى أهمية وظيفة الدماغ البشري وما يحدث للدماغ جرّاء التعرض المفرط للشاشات الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي لا سيما الفيديوهات القصيرة المتعددة المحتوى او ما يطلق عليها اسم الريلز (Reels) لكن يجب في البداية أن نستعرض بنية الدماغ ووظيفة كل جزء من اجزاء الدماغ.
بنية الدماغ البشري البيولوجية:
يقع الدماغ داخل الجمجمة ويزن في المتوسط حوالي 1.4 كيلو غرام، حيث يتكون من ثلاثة أجزاء رئيسة (المخ، المخيخ، الجذع الدماغي)، ويعتبر المخ الجزء الأكبر العضو الرئيس في الجهاز العصبي في الدماغ وهو المسؤول عن العمليات العقلية العليا كالتفكير والتعلم كتخزين المعلومات ومعالجتها والتحكم بردود الأفعال المختلفة ومهارات حل المشكلات كذلك الذاكرة بمختلف أنواعها والتحكم في الوظائف الحيوية للجسم كالتنفس و القلب والمعلومات الحسية السمعية والبصرية وهو يقع في المنطقة الأولى في الدماغ، أما الجزء الأخر في الدماغ وهو المخيخ؛ ح?ث يقع في الجزء الخلفي من الدماغ، وهو الجزء المسؤول عن عملية التنسيق الحركي: كحركة اليدين والقدمين أثناء الجري أو المشي والتوازن الحركي، إضافةً إلى تعلّم الحركات الجديدة وتحسين الأداء البدني، أما الجزء الأخير في الدماغ وهو الجذع الدماغي؛ وهو الجزء الذي يربط الدماغ بالحبل الشوكي والمسؤول عن تنظيم معدل التنفس وعمق التنفس والتحكم بضربات القلب وضغط الدم وتنظيم درجة حرارة الجسم مع التحكم في شهية الإنسان للأكل والشرب.
كيف يؤثر محتوى الريلز ( Reels) على مستوى كفاءة الدماغ:
أدّت مواقع التواصل الاجتماعي لا سيما التطبيقات التي تعرض المحتوى القصير والسريع من الفيديوهات (Reels) إلى انخفاض مستوى الأداء الوظيفي للدماغ؛ حيث يقوم هذا المحتوى بعرض كم كبير من الفيديوهات القصيرة والمختلفة في الأفكار، سواء ديني أو تعليمي أو ترفيهي، الأمر الذي يؤدي إلى إحداث تأثير سلبي وعميق على الدماغ بشكل عام، والمخ بشكل خاص جرّاء التحفيز السريع في نسبة الدوبامين في الدماغ؛ ففي كل فيديو قصير يقوم الدماغ بالتفاعل معه (ضحك، مشهد ترفيهي، مشهد جذّاب) يقوم الدماغ بشكل فوري في إفراز هرمون الدوبامين، وهذا ما ?ُعزّز السلوك الإدماني ويُبقي الدماغ مع الوقت بحاجه إلى تحفيزاً أكبر ومتكرر؛ ليشعر الفرد بنفس المتعة عند إفراز كميات أكبر من الدوبامين.
بالإضافة إلى ذلك، للريلز مخاطر أخرى كتقليل مدة الانتباه والتركيز؛ حيث إن عملية التمرير السريع للمقاطع القصيرة يؤدي إلى حدوث خلل في العمليات العقلية وإلى صعوبة في مواجهة الأنشطة التي تتطلب التركيز والجهد الذهني لأن الدماغ اعتاد على المحتوى القصير والسريع فلا يستطيع الانخراط في أنشطة تتطلب الصبر والجهد الذهني، اضافةً إلى تراجع كفاءة الذاكرة بسبب كثرة المعلومات والافكار المختلفة التي تُعرض على الدماغ في وقت قصير، وتؤدي إلى التحميل المعرفي الزائد الذي يصعب على الدماغ الاحتفاظ بها.
طرق الوقاية والحفاظ على كفاءة الدماغ:
أنعم الله تعالى على الدماغ البشري بخاصية تسمى(المرونة العصبية)؛ والتي تشير إلى قدرة الدماغ على التغيير و التكيف والاستجابة للخبرات الجديدة والتعافي والتعلم، فهي تساعد على اعادة بناء الروابط العصبية عن طريق تعديل النشاط الكهربائي وتكوين خلايا عصبية جديدة، فمنّ الإجراءات التي تساعد على تحسين الكفاءة الدماغية هي اتباع نمط حياة صحيّ، وبناء عادات إيجابية تساعد على التحكم في الشعور بالحاجة الملحة إلى استخدام مثل هذه المحتويات القصيرة، والعمل على تطوير العمليات العقلية والوظائف التنفيذية مثل: اتباع نظام غذائي ?حي يحتوي على العديد من الفيتامينات والمعادن الضرورية لصحة الدماغ والمحافظة على موعد النوم والاستيقاظ بشكل منتظم وممارسة التمارين الرياضية بشكل دوري مع التقليل من حالات التوتر والقلق النفسي وممارسة تمارين الاسترخاء والتأمل.
اختصاصي التربية الخاصة