كتاب

عن (الطماقات)

 

 

.. تابعت مؤخراً التنمر الذي حدث على رئيس مجلس النواب أحمد الصفدي، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لقد كان مخجلاً وخارجاً عن الأصول.

أعرف أني سأتعرض لذات التنمر بعد هذا المقال، لكن الحقيقة أحيانا تحتاج منك أن تحتمل، وللعلم فهذا التنمر مصدره في الدرجة الأولى الذباب الإلكتروني الموزع بين المتعاطفين مع الإخوان والإخوان ذاتهم، وبين مجموعات تطلق على نفسها النخبة وتستصغر كل شيء في البلد، والبعض الذين يسيرون مع التيار، الذين يسيرون وفق أول تعليق وضع على المقال فإن كان هجوميا هاجموا وإن كان غير ذلك أيدوا.

الغريب أن نسبة من الذين شاهدتهم في منزله يباركون له بتسلم الرئاسة، هم ذاتهم من كانوا يهاجمونه، هم ذاتهم من كانوا يقبلونه ويكتبون له: (بكم تزهو المناصب).

حسنا.. هذا ليس دفاعا عن الصفدي لكنه توضيح لابد منه، توضيح من رجل كان يغطي جلسات مجلس النواب منذ العام (1996)، أي قبل أن (يترمج) الصفدي من الجيش.. وما أعرفه أن شخصية رئيس مجلس النواب مطلوب منها ضبط الإيقاع بين النواب وضبط الإيقاع في علاقة المجلس بالحكومة، ليس مطلوبا من رئيس مجلس النواب أن (يطبطب) على نواب جبهة العمل الإسلامي بعد كشف الخلية الإرهابية، وليس المطلوب منه أن يهادنهم، لكن المطلوب منه أن يسير وفق المزاج الشعبي والنيابي.. وأن يعبر عما يحدث في الشارع.

هو عرّاب المجلس باقتدار، أطفأ بؤراً مشتعلة في مجالس سابقة، وأنجز تسويات مع حكومات سابقة، تعامل مع أزمات كادت تعصف بمجالس نيابية وحين كلف بالملف نجح في الوصول إلى حل، هو الوحيد الذي يفهم مزاج الحكومة ومزاج النواب ويستطيع أن يصل إلى حالة من التوازن بين الاثنين.

أنا منحاز له وقبله كنت الأكثر انحيازاً لعبدالكريم الدغمي وما زلت، ولكن يسجل للصفدي أنه يسمعنا، قد يهاتفك في منتصف الليل يطلب رأياً، وقد يهاتفك في الصباح الباكر للحصول على مشورة.. ميزته أن يحترم العقل، ويحب أن يستمع للرأي.

التنمر على الرجل بهذا الشكل مؤلم جداً، ولو قدر لي أن أطرح سؤالاً على المتنمرين فسيكون: من هو البديل إذا..؟

في فترة من عمر الدولة اقتحمت تيارات (التكنوقراط) مفاصل القرار، وحين كنت أجلس معهم كان يحدثونني عن (جورج أورويل) وموسيقى (البيتلز) والفارق بين فروع (ستيك هاوس) في نيويورك وبقية الولايات، وعن السفر إلى (تكساس).. وعن دراستهم في (هيدرزفيلد).. لكني حين كنت أجلس مع الصفدي فحديثنا غالبا ما يكون عن (الطماقات) وعن (القايش) وعن (مأمور العهدة).. وعن زواريب جبل عمان، والباشاوات الذين أدخلوا إلى المدينة الطبية وما هي آخر كلماتهم قبل مغادرة العمر، ونتحدث عن رضا الأم, وعن دعواتها.. وعن عصا الأستاذ التي لم تكن تقيم وزنا ل?ألم ولا للبكاء.

على كل حال أنا منحاز لمن ارتدوا (الطماقات)، ومنحاز أكثر للناس، شعبنا لا يستحق أبدا أن يمارس كل هذا الهجوم، من أجل عاطفة فقط، لا من أجل الحقيقة.

Abdelhadi18@yahoo.com