بدايةً لا بدّ من تعريف البيروقراطية التي هي بالاصل كلمة انجليزية (Bureaucracy) والتي تشير إلى الدواوينية أو الديوانية وعُرّبت بالبيرُقراطية أو البيروقراطية وهي بالاصل تستخدم في علم الاجتماع والعلوم السياسية اذ تشير إلى تطبيق القوانين والانظمة بالقوة في المجتمعات، وتعتمد على مجموعة من الإجراءات الموحدة وتوزيع المسؤوليات بطريقة هرمية داخل المؤسسات، وبالطبع فان التقيد بالاجراءات الادارية والتمسك الشديد بها وتجاوز الحدود المعقولة والمنطقية اللازمة، الامر الذي ادى اكساب المعنى السيء للبيروقراطية وباتت تٌنعت ال?ؤسسات المتردية الاداء بالمؤسسات البيروقراطية.
في العصر الحديث، عصر السرعة والتقينة السريعة أصبحت البيروقراطية – أو الإجراءات الإدارية المعقدة – عائقًا أمام الابتكار، وسرعة الإنجاز، وتحقيق تطلعات متلقي الخدمات او المتعاملين مع الاجهزة العامة. ومن هنا نشأت فكرة «تصفير البيروقراطية»، وهي مبادرة تهدف إلى تقليص أو إزالة التعقيدات الإدارية، وتبسيط الإجراءات الحكومية، بما يسهم في تحسين كفاءة الأداء وجودة الحياة.
عليه، فإن تصفير البيروقراطية يعني تقليص الإجراءات الورقية والإدارية المعقدة إلى الحد الأدنى أو حتى إلغائها عندما لا تكون ضرورية، من خلال التحول الرقمي، وتبسيط الأنظمة، وتسهيل تفاعل الأفراد والمؤسسات مع الجهات الحكومية. الهدف هو الوصول إلى مرحلة لا تُشكّل فيها الإجراءات عقبة أمام التقدم أو الحصول على الخدمات.
الفكرة بسيطة، لكن نتائجها عميقة. عندما تُبسّط الإجراءات وتُلغى التعقيدات، تنشط حركة الأعمال، ويتحسن رضا الناس، وتُرفع كفاءة الجهاز الحكومي. التحول الرقمي هو أحد أهم أدوات هذا التوجه، حيث تُنجز المعاملات إلكترونيًا دون الحاجة إلى مراجعة شخصية أو تكرار الطلبات.
تصفير البيروقراطية امر لا يخلو من التحديات. فهناك أنظمة قديمة مترسخة، وهناك مقاومة طبيعية للتغيير في بعض القطاعات، فضلًا عن الحاجة لتدريب الموظفين وتأهيلهم على العمل الجديد. ومع ذلك، فإن العائد يستحق الجهد.
في النهاية، تصفير البيروقراطية ليس رفاهية إدارية، بل هو ضرورة لتحديث القطاع العام ورفع مستوى جودة الحياة للمواطنين. إنها دعوة للتخلص من التعقيد غير المبرر، ولبناء إدارة حكومية مرنة، ذكية، وقريبة من المواطن. وبهذا نكون قد وضعنا قدمنا فعليًا على طريق المستقبل.