يبرز تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، ورسوم ترامب العالمية المتبادلة التي ردّت عليها الصين برسوم مماثلة أخيراً، كأحد أكبر التحديات الكبرى التي تواجه الشركات العالمية، ومن بينها "أبل" التي تعتمد بشكل كبير على الصين في تصنيع معظم منتجاتها، وعلى رأسها هواتف آيفون.
من شأن هذه الرسوم التي أُعلن عنها مؤخراً أن تؤدي إلى زيادة كبيرة في أسعار الآيفون في السوق الأميركية، مما يثير القلق حول تأثيرها المحتمل على مبيعات الشركة وأرباحها في المستقبل القريب.
في هذا السياق، يناقش الخبراء عدة خيارات استراتيجية يمكن أن تتخذها "أبل" للتعامل مع هذه الأزمة، تتراوح بين امتصاص التكاليف ورفع الأسعار إلى تعديل سلسلة التوريد وتحويل الإنتاج إلى دول أخرى.
في هذا السياق، يشير تقرير لـ "فوربس" إلى أن تقديرات المحللين بأن رسوم ترامب الجمركية، التي تم الإعلان عنها يوم الأربعاء الماضي وأثارت هلع الأسواق، قد تؤدي إلى ارتفاع سعر هاتف iphone 16e بنسبة 43 بالمئة، من 599 دولاراً إلى 856 دولاراً، في ظل تصنيع معظم هواتف آيفون في الصين صاحبة النصيب الوافر من الرسوم.
لكن على الجانب الآخر، فإن بعضاً من المحللين لا يعتقدون بذلك، ويرون أن الأمور ربما "قد لا تكون سيئة إلى هذه الدرجة"، مراهنين على أن شركة أبل "قد تتخذ إجراءات للتخفيف من حدة هذه المشكلات".
وفي هذا السياق، ينقل التقرير عن مارك جورمان من بلومبرغ، قوله: "بافتراض أن الرسوم ستُطبق بالكامل بحلول 9 أبريل كما هو مخطط لها، سيتعين على آبل اتخاذ قرار حاسم.. هل ستتحمل تكاليف التعريفات، أم ستدفع الموردين لخفض الأسعار، أم ستنقل التكلفة إلى العملاء، أم ستجري المزيد من التعديلات على سلسلة التوريد؟". ويستطرد: "أراهن أن آبل ستلجأ إلى مزيج من الخيارات الأربعة".
ويكشف عن أن أبل كانت تُكثّف مخزونها الأميركي تحديداً لتخفيف وطأة الرسوم الجمركية، حيث ستكون جميع أجهزة آيفون الموجودة بالفعل في الولايات المتحدة مُعفاة من هذه الرسوم الجديدة، مستطرداً: "هذا يعني أن آبل، نظريًا، قد تنتظر حتى صدور أجهزة آيفون التالية في سبتمبر لإجراء تعديلات، إذا ما فعلت ذلك في النهاية".
استشاري العلوم الإدارية وتكنولوجيا المعلومات في G&K، عاصم جلال، يقول في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إن شركة أبل تواجه تحدياً غير مسبوق لسلسلة التوريد العالمية بسبب الرسوم الجمركية.
ويلفت إلى أن:
- التوقعات تشير ارتفاع محتمل لأسعار آيفون في الولايات المتحدة بنسبة تصل إلى 43 بالمئة.
- هذه الزيادة محتملة إذا ما تم تمرير تكاليف الرسوم للمستهلكين.
- وفق روزنبلات سيكيوريتيز، فإن ذلك سيؤدي إلى ارتفاع سعر آيفون 16e من 599 دولاراً إلى حوالي 856 دولاراً، وكذلك ارتفاع آيفون 16 برو ماكس إلى ما يقرب من 2,300 دولار.
لكن بحسب دان إيفز من شركة ويدبوش، فإن إن الأسعار قد ترتفع بشكل كبير فوق ذلك، مشيرا إلى أن تكلفة تصنيع آيفون في الولايات المتحدة بدلا من الصين تصل إلى 3500 دولار.
وبحسب إيفز - في مذكرة للمستثمرين- فإن فرض رسوم جمركية بهذا الحجم على الصين وتايوان من شأنه أن يتسبب في إغلاق المشهد التكنولوجي الأميركي وفي هذه العملية يتسبب في ارتفاع سعر كل جهاز إلكتروني بنسبة من 40 إلى 50 بالمئة للمستهلكين.. وستتباطأ تجارة ثورة الذكاء الاصطناعي بشكل كبير بسبب هذه الرسوم الجمركية التي تحتاج إلى التفاوض عليها إلى مستويات واقعية".
وبموازاة ذلك يتحدث جلال عن "خيارات أبل الاستراتيجية الأربعة"، على النحو التالي:
- امتصاص التكاليف: يمكن لأبل الحفاظ على الأسعار الحالية في السوق الأميركية من خلال امتصاص بعض تكاليف الرسوم، مما يحمي حصتها السوقية لكن على حساب الربحية.
- تمرير التكاليف للمستهلكين الأميركيين: نقل معظم تكاليف الرسوم إلى المستهلكين في الولايات المتحدة سيحافظ على هوامش الربح لكنه يخاطر بانخفاض كبير في حجم المبيعات.
- السعي للحصول على إعفاءات: خلال الإدارة الأولى لترامب، نجحت أبل في تأمين إعفاءات لعدة منتجات، لكن فرص الحصول على إعفاءات مماثلة الآن تقدر بنحو 20 بالمئة فقط في أغلب التوقعات.
- تسريع تنويع سلسلة التوريد: يمكن لأبل تسريع تحولها من الصين، خاصة إلى الهند ذات الرسوم الأقل نسبياً، لتقليل تأثير الرسوم على المنتجات المستوردة للسوق الأميركية.
ويضيف: "قد يتبين أن اجراءات فرض الرسوم الجمركية ليس سوى استراتيجية تفاوضية إخضاعية من الرئيس ترامب، الذي قد يتراجع عنها كلياً أو جزئيًا بعد الحصول على تنازلات تجارية من الأطراف المعنية.