بديهيات المواطنة والعمل السياسي أن من يؤمن ببلده ودولته هو الشخص الطبيعي، ومن يلتزم بالدستور ويحترمه هو المواطن بالتعريف السياسي والأخلاقي والدستوري، وأن من لديه غيرة حقيقية على بلده وأمنه وحق الناس فيه بالحياة الطبيعية هو من يحمل مضموناً وطنياً، لكن التشويه الذي شمل كثيراً من الأشياء وصل إلى البديهيات ربما بسبب الصوت المرتفع للبعض أو طغيان المتاجرة بالقضايا الكبرى مثل العروبة وفلسطين وقضايا اخرى فانقلبت الموازين، فأصبح من يعمل 'ذيلاً' لتنظيم خارجي أو من يصرخ في الشوارع بالولاء لدولة أخرى أو تنظيمات خارجية هو الوطني ومن يدافع عن بلده متهم وكأنه يعمل مع عدو.
ربما يعود الأمر إلى عمليات تضليل مارستها دول وتنظيمات منذ عشرات السنين اقنعت فيها فئات من الناس أنها الممثل الشرعي والوحيد للعروبة والاسلام والنضال، وانها من تدافع عن قضايا الامة.
ورغم أن التجارب مع هذه الجهات كانت مريرة، وأن تلك الانظمة والتنظيمات انكشف كذبها وسقطت ادّعاءاتها وأخذت الأمة وقضاياها وشعب فلسطين تحديداً من تهجير وموت الى الآخر بسوء إدارتها للمراحل ان لم يكن شيئاً آخر، إلا أنه في كل مرحلة تخرج أجساد تنظيمات أو أنظمة تكرر ذات المراحل وتصنع الهزائم والتضليل وتأخذ الناس الى الوهم وتبيعهم سراب الانتصارات ثم يكتشف الناس ان الواقع نقيض ما عاشوا من وهم.
في الأردن نعيش عمليات منظمة لتشويه الامور، فالبعض يعمل تابعاً لدول اخرى او صدى لتنظيمات وميليشيات ويهتف لها في عمان ويمجد قادتها ويعتبر نفسه ممثلا للوطنية. أما الاردني الذي يدافع عن مستقبل أولاده ونقاء ارضه من الارهاب ويؤمن ببلده وقيادته وتاريخ وطنه فهو المتهم.
الشتائم والاتهامات ليست دليل قوة عند مدَّعي النقاء وحب الأوطان وهم ليسوا أكثر من أتباع لاي شيء إلا وطنهم'، واذا كان الشهداء يقدمون أرواحهم فداءً للاردن فإن صدور الاساءة بحق كل أردني اقل واجب يقدمه وهو يحاول إعادة الامور الى نصابها؛ فالوطنية ان تحرص على بلدك لا ان تأخذه بحكم تبعيتك لدول وتنظيمات الى المحرقة والدمار... هذا اذا كانوا يرون في الأردن وطناً وليس ساحة!