مجتمع

وادي الحسا..لقاء الجغرافيا بالتاريخ

يقع وادي الحسا في قلب الجنوب الأردني، ممتدًا بين محافظتي الكرك والطفيلة، حيث يشكل معلمًا طبيعيًا فريدًا من نوعه، ويبلغ طوله حوالي 40 كيلومترًا، مما يجعله من أطول وأعرض الأودية في المملكة، متجاوزًا في ذلك وادي الموجب الواقع شماله، وتتدفق مياهه على مدار العام بفضل العيون والينابيع التي تغذيه، خاصة في الجزء التابع لمحافظة الطفيلة، ما جعله مقصدًا دائمًا للعديد من الزوار والمغامرين.ويُعرف الوادي،تاريخيًا، باسم «وادي زارد» في الكتابات العبرية القديمة، ويصب في جنوب البحر الميت عند بلدة الصافي، وتتجمع مياهه من الأودية والسيول الصحراوية الممتدة حتى منطقة الجفر، وتنقلها إلى الغور والبحر الميت، مما يجعله جزءا مهما من حوض مياه البحر الميت في الأردن، فيما تبلغ مساحة حوضه حوالي 2500 كيلومتر مربع، وقد تم بناء سد التنور عليه في عام 1999 بسعة تخزينية تصل إلى 16 مليون متر مكعب من المياه.ويتميز الوادي بتنوعه البيئي والجغرافي، حيث يضم سيقًا مائيًا تشكل عبر الزمن نتيجة نحت المياه للصخور، ويصل عمقه في بعض الأماكن إلى أكثر من ستة أمتار، وتنتشر على ضفافه أنواع مختلفة من الطيور والزواحف والبرمائيات، مما يضفي عليه طابعًا بيئيًا فريدًا، كما يحتوي على العديد من المزارع، خاصة في الجزء المقابل لسد التنور، حيث تُزرع الخضروات وأشجار الزيتون والبرسيم، ويستخدم السكان القريبون منه مياهه الجوفية والينابيع الصالحة لري محاصيلهم.ووصف المغامر الأردني مراد السعودي، الذي يزور الوادي بين فترة وأخرى، تجاربه فيه بأنها رحلة إلى قلب الطبيعة، مشيرًا إلى أن التنوع البيئي في الوادي يجعله مكانًا فريدًا من نوعه في الأردن، مضيفا أنه يحتوي على مسارات متعددة تناسب مختلف مستويات اللياقة البدنية، مما يجعله مناسبًا للجميع، سواء من المبتدئين ووصولا إلى المحترفين.من جانبه، أعرب السائح فهد العنزي من المملكة العربية السعودية عن إعجابه الشديد بجمال الوادي، حيث لم يتوقع أن يجد هذا الجمال الطبيعي في الأردن، حيث أن الوادي وفّر له تجربة فريدة خلال مروره فيه وزيارته لبضعة ساعات تجربة جمعت بين المغامرة والاسترخاء في أحضان الطبيعة، مؤكدًا على الحاجة إلى تطوير المرافق العامة، وهو ما يمكن تحقيقه من خلال الشراكة مع القطاع الخاص المهتم بإنشاء مثل هذه المشاريع الاستثمارية على ضفافه.وفي هذا السياق، أكد رئيس مجلس محافظة الطفيلة، أحمد الحوامدة، أن المواقع الطبيعية في المحافظة تعد من ذات الأهمية على الجانبين السياحي والاقتصادي، مشيرا إلى أن المجلس يولي أهمية خاصة لتطوير مثل هذا النوع من المواقع ضمن رؤيته التنموية.وأضاف الحوامدة أن المجلس يعمل دوما على إدراج مشاريع تطويرية لعدد من المواقع الطبيعية والأثرية والتاريخية ضمن خططه التنموية اتجاه هذه القطاعات في المحافظة، وذلك بالتعاون مع الجهات المعنية، بهدف تحسين البنية التحتية وتوفير الخدمات الأساسية لزوار المحافظة.ويُعَدُّ وادي الحسا من الكنوز الطبيعية التي تستحق الاكتشاف، حيث يجمع بين الجمال الطبيعي والتحدي والمغامرة، ومع مزيد من الاهتمام والتطوير، يمكن أن يصبح من أبرز الوجهات السياحية في المملكة والعالم العربي، وبالتالي إسهامه بشكل مباشر في تعزيز السياحة البيئية ورياضة المغامرات في الأردن.