تحت عنوان «التحول الرقمي في المكتبة الوطنية، من وجهة نظر المكتبيين الأردنيين»، قدّم الأستاذ الدكتور ربحي مصطفى عليان أستاذ علم المكتبات والمعلومات في الجامعة الأردنية ورئيس جمعيّة المكتبات والمعلومات الأردنيّة سابقًا، دراسةً أشاد بها حضور المؤتمر الدولي الأول لدائرة المكتبة الوطنيّة، من الباحثين الأردنين والعرب والأجانب؛ نظرًا لمنهجيّة البحث والنتائج القيّمة والتوصيات التي اشتملت عليها هذه الدراسة.
جاء ذلك، خلال الجلسة الخامسة للمؤتمر، التي حضرها مدير عام دائرة المكتبة الوطنيّة الأستاذ الدكتور نضال العياصرة رئيس المؤتمر، وأدارها رئيس جمعية المكتبات والمعلومات الأردنيّة الأستاذ الدكتور يونس الشوابكة، بمشاركة الأستاذ الدكتور سيف الجابري من سلطنة عمان، ورقيّة محمد عيد من الأردن.
وقال الدكتور ربحي عليان إنّ الدراسة هدفت إلى قراءة موضوع التحول الرقمي في دائرة المكتبة الوطنية الأردنية، وذلك من خلال تحليل وجهات نظر أعضاء جمعية المكتبات والمعلومات الأردنية، حيث اعتمد على المنهج الوصفي المسحي، مؤكدًا أنّ الأهمية النظرية لهذه الدراسة تأتي من أهمية موضوعها، وهو تحوّل المكتبات الوطنية إلى البيئة الرقمية، أما الأهمية التطبيقية فتأتي من طبيعة خصائص مجتمع الدراسة، ومن أهمية المكتبات والمؤسسات المعلوماتية التي يعملون فيها. كما تأتي أهميتها من غياب الدراسات العربية بشكل عام، والدراسات الأردنية بشكل خاص في مجال التحديات التي تواجه التحول الرقمي للمكتبات الوطنية.
وقال عليان إنّه يمكن أن يستفاد من نتائج هذه الدراسة، في الإدارات العليا للمكتبات الوطنية بشكل عام وفي الأردن بشكل خاص، وكذلك لدى العاملين في مجال المكتبات الوطنية التي تسعى إلى التحول الرقمي، والعاملين في مجال الأرشفة الرقمية والمكتبات الرقمية، والباحثين في مجال علم المكتبات والمعلومات بشكل عام، وفي مجال التحوّل الرقمي والمكتبات الوطنية بشكل خاص.
وقال إنّ أعضاء جمعية المكتبات والمعلومات الأردنية اقترحوا في موضوع تحوّل المكتبة الوطنية إلى البيئة الرقمية عدة محاور رئيسية تتعلق بالتمويل، والبنية التحتية، والتدريب، والتشريعات، والوعي المجتمعي، ويمكن تفسير هذه النتائج على النحو التالي:
الحاجة إلى التمويل والاستثمار في التحول الرقمي، حيث تم التأكيد من قبل جميع المستجيبين على أهمية توفير الدعم المالي الكافي من خلال موازنات حكومية، منح دولية، أو شراكات مع القطاع الخاص. وقد اقترح المستجيبون استراتيجيات تمويل مستدامة، مثل فرض رسوم رمزية على الخدمات الرقمية أو التعاون مع جهات مانحة، إذ اعتبروا أن الأهمّ في موضوع التحول الرقمي هو نقص التمويل، مما يستدعي البحث عن حلول مالية مبتكرة لضمان استدامة المشروع.
وكذلك تطوير البنية التحتية التكنولوجية، حيث أشاروا إلى ضرورة توفير الأجهزة والبرمجيات الحديثة، بالإضافة إلى تأمين شبكة إنترنت ذات كفاءة عالي، واستخدام تقنيات الحوسبة السحابية لحفظ البيانات وتقليل التكاليف التشغيلية، إذ يدل ذلك على أن التحول الرقمي للمكتبة لا يمكن أن يتم دون توفير بيئة تكنولوجية متكاملة تشمل بنية تحتية متينة، أنظمة حماية، ومنصات رقمية متطورة.
وتحدث عليان عن أهميّة موضوع تأهيل وتدريب الكوادر البشرية، في المكتبة على تقنيات التحول الرقمي وأمن المعلومات، حيث تم اقتراح إدراج مقررات دراسية متخصصة في الرقمنة ضمن المناهج الجامعية لتخريج أجيال مؤهلة، يشير ذلك إلى أن نجاح التحول الرقمي يعتمد على توفر كفاءات مدربة وقادرة على إدارة نظم المكتبات الرقمية بكفاءة.
كما أشار عليان إلى أهمية تحديث الاجراءات القانونية لحقوق الملكية الفكرية، وإعداد تشريعات واضحة لحماية حقوق النشر عند رقمنة المحتوى بوضع إجراءات قانونية لضمان أمان البيانات والمعلومات الرقمية، وهو ما يُبرز ضرورة وجود إطار قانوني متين يُنظّم عملية الرقمنة ويحمي حقوق جميع الأطراف المعنية، مما يسهم في الحد من المشكلات القانونية.
وكذلك نشر الوعي بأهمية التحول الرقمي، من خلال حملات توعوية تستهدف المسؤولين والمجتمع حول فوائد الرقمنة، وتنظيم ندوات وورش عمل لتعريف المستفيدين بطريقة الاستفادة من المكتبة الرقمية. يعكس ذلك أن التحول الرقمي يعتمد بشكل كبير على تغيير الثقافة المؤسسية والمجتمعية، بحيث يصبح استخدام المكتبة الرقمية خيارًا مفضلاً لدى المستفيدين.
وتناول عليان موضوع الاستفادة من التجارب المحلية والإقليمية، وضرورة تشكيل لجان وطنية تضم أصحاب القرار والمختصين لوضع استراتيجيات واضحة، لتحقيق نتائج فعالة في عملية التحول الرقمي.
وذكر الدكتور عليان من توصيات الدراسة: تعزيز الاستثمار في البنية التحتية الرقمية، وتطوير أنظمة أمن معلومات قوية، واعتماد تقنيات الحوسبة السحابية، بالإضافة إلى توفير تدريب مستمر للعاملين في المكتبة حول أحدث التطورات في مجال الأرشفة الرقمية، ووضع خطة تدريجية لاستبدال الأنظمة القديمة وتحسين سرعة الإنترنت سيعزز من كفاءة التحول الرقمي للمكتبة الوطنية الأردنية، ووضع برامج تدريب مستدامة لتعزيز مهارات العاملين، وخلق بيئة داعمة تساعد على تقبل التغيير، وتطوير سياسات واضحة لإعادة تأهيل الموظفين بدلاً من استبدالهم، وتعزيز ثقافة التحول الرقمي من خلال برامج توعية داخلية تبرز فوائد الرقمنة على المدى الطويل، وكذلك زيادة التمويل المخصص للمكتبة الوطنية من خلال البحث عن شراكات مع القطاع الخاص والمنظمات الدولية التي تدعم مشاريع الرقمنة، إضافة إلى تقديم مقترحات تمويل للحكومة لدعم هذه المبادرات، وتطوير خطة استراتيجية واضحة للتحول الرقمي تتضمن مراحل تنفيذية وأهداف محددة، مما يسهل إدارة الموارد بفعالية، وتعزيز وعي الإدارة العليا بأهمية التحول الرقمي عبر إجراء ورش عمل وعروض توضيحية توضح فوائد الرقمنة وتأثيرها على تحسين جودة الخدمات المكتبية، وإبرام اتفاقيات مع المؤلفين ودور النشر لتوفير محتوى رقمي قانوني يسهل الوصول إليه، مع ضمان حماية حقوق النشر، وإجراء المزيد من الدراسات في مجال التحول الرقمي تتناول الأنواع الأخرى للمكتبات في الأردن.
