في مشهد سياسي وأمني بالغ الحساسية، أعلن وزير الداخلية مازن الفراية عن تفاصيل دقيقة وخطيرة تتعلق بنشاطات جماعة الإخوان المسلمين المنحلة، والتي قال إنها «كانت تعمل في الظلام وتخطط لزعزعة الاستقرار الوطني».
الردود النقابية، التي التي أعقبت تصريحات الفراية، تعكس حالة من التوحد المجتمعي خلف القرار الرسمي، وتنم عن إدراك نخبوي لأهمية سيادة الدولة وضرورة حماية المجتمع من أي اختراقات أيديولوجية أو تنظيمية.
كما بعثت الردود النقابية رسالة واضحة بأن الأردن يدخل مرحلة جديدة من الحسم في مواجهة التهديدات الداخلية، مستندًا إلى وعي شعبي ونقابي متزايد بأهمية الأمن، ووحدة الصف، وسيادة القانون.
في تعقيبه على ما ورد في تصريحات الفراية، قال نقيب الصيادلة الدكتور محمد شريف العبابنة إن ما تم الإعلان عنه «يؤكد خطورة ما كانت تخطط له بعض العناصر الخارجة عن القانون، ومحاولاتها لضرب الأمن الوطني من الداخل». وأضاف:
"محاولة تهريب الوثائق وتصنيع المتفجرات لا تعبّر فقط عن تجاوزٍ قانوني، بل عن محاولة مكشوفة لضرب صميم الدولة. إن الاستواء على الأردن مرفوض، ومن يعبث بأمنه يعبث بمصيره أولًا».
وشدد العبابنة على أن «الصفّ النقابي والمجتمعي سيبقى خلف الدولة الأردنية ومؤسساتها الأمنية»، مؤكدًا أن النقابات «تقف كدرع وطني في وجه أي تهديد داخلي أو خارجي».
في هذا السياق، اعتبر العبابنة أن موقف النقابات تبلور لا كرد فعل، بل كجزء من تحصين الجبهة الداخلية وبناء عقد سياسي جديد، يضع مصلحة الوطن فوق كل الاعتبارات، ويؤسس لمرحلة أكثر وعيًا وصلابة في مواجهة التحديات، مستندًا إلى روح المواطنة الصادقة، والانتماء الراسخ للأردن الذي لا يقبل القسمة ولا المساومة.
من جهته، وصف عضو مجلس نقابة الأطباء الدكتور محمد حسن الطراونة ما حدث بأنه «طَيٌ لصفحة رمادية من التاريخ السياسي»، قائلاً:
"لا يظننّ أحد أن حظر الجماعة هو النهاية، بل هو ميلاد فجر جديد. كما تنفض الشجرة أوراقها الذابلة لتستقبل الربيع، كذلك يتخلّى وطننا عن كل ما يعوق نموه».
و اعتبر الطراونة أن الدولة لم تكن تواجه جماعة سياسية تقليدية، بل «تنظيمًا عابرًا للحدود، اتخذ من الدين ستارًا ومن الوطنية قناعًا، وخطّط للفرقة لا للوحدة».
وأضاف: «لقد آن الأوان لتثبيت مبدأ لا يقبل التأويل: لا مكان في الأردن لتنظيمات تؤمن بالولاء خارج حدوده، أو تمتهن التسلل إلى مفاصل المجتمع لفرض رؤاها المنغلقة».
ما يبرز من تصريحات وزير الداخلية أن الدولة الأردنية لم تعد تتعامل مع ملف الجماعة من منظور تنظيمي فقط، بل كتهديد شامل للأمن والسيادة. فقد تحدث الفراية صراحةً عن «ارتباطات مشبوهة» و"نشاطات في الظلام» و"تصنيع متفجرات»، وهو ما يؤكد تحول القضية إلى بُعد أمني عميق يتجاوز أي خلاف سياسي تقليدي.