يسعدني ويشرفني باسمي ونيابةً عن الوفود المشاركة في المؤتمر الدولي الأول لدائرة المكتبة الوطنية، أن أرفع أسماء آيات الشكر والتقدير إلى وزارة الثقافة والمكتبة الوطنية على حسن الاستقبال، ولتنظيم هذا المؤتمر الهام الذي يعالج موضوعًا يمسّ هويتنا وذاكرتنا الوطنية، وهو: «المكتبات الوطنية ودور المحفوظات في حفظ الذاكرة الوطنية في بيئة رقمية متغيرة»، ونتشارك بمشاعر الفخر والاعتزاز بمرور 50 عامًا على نشأة المكتبة الوطنية التي ساهمت في نشر الوعي الثقافي والعلمي، وحفظ الإرث التاريخي والثقافي ونقله للأجيال القادمة.
إنّ هذا المؤتمر يُعدُّ منبرًا فكريًّا وعلميًّا وعمليًّا يتيح لنا تبادل الخبرات والمعارف ومناقشة التحديات والفرص التي تواجه مؤسساتنا في ظلّ التحول الرقمي المتسارع، فالرقمنة ليست مجرد أداة تقنية، بل هي تحوّل يفرض علينا تطوير استراتيجيات جديدة لحفظ الوثائق والمخطوطات التاريخية، وضمان إتاحتها للأجيال القادمة بأمان وجودة واستمرارية.
إنّ انعقاد هذا المؤتمر في هذا التوقيت بالذات ليس احتفاء بالماضي فحسب، بل هو أيضًا التزام بالمستقبل. فالمكتبات الوطنية ودُور الوثائق ومراكز الأرشفة لم تعد فقط حاويات للورق والوثائق، بل باتت مؤسسات استراتيجية تشارك في صناعة الهوية الوطنية وتوثيق الذاكرة، بما يخدم الباحث والمثقف وصانع القرار على حدٍّ سواء.
وأعتبر أنّ هذا المؤتمر امتدادٌ لكلّ الفعاليات التي استضافتها المنطقة العربية لصون تراث هذه الأمة، ومنها استضافتنا في دولة قطر لمؤتمر «الذاكرة في التراث»، بالتعاون مع منظمة اليونسكو، والذي أعلن فيه عن تأسيس لجنة ذاكرة العالم للمنطقة العربية، والتي تستهدف بإذن الله رفع نسبة المشاركة في السّجل الدولي لـ"ذاكرة العالم» بما يتناسب مع ثراء وتنوع التراث الوثائقي العربي.
إنّ المكتبات الوطنية، إلى جانب دور المحفوظات، تقوم بدور محوري في حفظ الذاكرة وتعزيز الهوية وربط الماضي بالحاضر، وتقديم رواية متكاملة لتاريخ الشعوب. وفي ظلّ المتغيرات، فإنّ مسؤوليتنا مضاعفة وواجبنا المشترك أن نعمل سويًّا من خلال هذا المؤتمر وغيره على بناء شركات، وتطوير بنى تحتية رقمية، وتبنّي سياسات تحفظ لنا هذا الإرث الوثائقي للأجيال المقبلة.
نجدد الشكر والتقدير لكم جميعًا، وآمل أن تشكّل مخرجات هذا المؤتمر خطوة جديدة في تعزيز التعاون الإقليمي والدولي في مجال حفظ الذاكرة الوطنية في العصر الرقمي.
(الأمين العام لدارالوثائق القطرية، رئيس لجنة «ذاكرة العالم»)
