هل بإمكان الآلة أن تشعر بـ"الخذلان"؟ أو أن تتفاعل مع "دفء الحنان"؟ وهل يمكن لمراهق يجد في تطبيقات الذكاء الاصطناعي متنفسًا لعواطفه أن يكتفي بها عن التواصل الحقيقي مع البشر؟ أسئلة تبدو خيالية للوهلة الأولى، لكن الجواب العلمي الذي تحمله خبيرة التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي أسماء حميض يكشف عن واقع يزداد رسوخًا في تفاصيل حياتنا اليومية.
تؤكد حميض، المديرة التنفيذية لشركة القمة للذكاء الاصطناعي، أن الذكاء الاصطناعي لا يشعر بالعواطف البشرية لأنه ببساطة "لا يملك قلبًا"، بل يعتمد على خوارزميات معقدة قادرة على قراءة تعابير الوجه وتحليل نبرات الصوت، لكنها "لا تشعر بوخز الخذلان ولا دفء الحنان"، على حد تعبيرها.
وتلفت حميض إلى ظاهرة مقلقة تتزايد بين فئة المراهقين تحديدًا، حيث يعتمدون على تطبيقات الذكاء الاصطناعي لإيجاد أجوبة عاطفية، بحثًا عن أمان مؤقت سرعان ما ينقلب إلى عزلة عاطفية وتجريد من عمق العلاقات الإنسانية. وتقول: "شاهدت مراهقات يعانقن هواتفهن ليلًا بدلًا من مواجهة الحياة.. وهذا كافٍ لفهم خطورة الأمر".
ورغم اعترافها بأن استخدام الذكاء الاصطناعي في الحياة اليومية أصبح أمرًا لا يمكن تجاهله، تحذر حميض من أن الاعتماد العاطفي عليه يهدد بتجريد الإنسان من جوهره . وتضيف أن الخطر لا يقتصر على المراهقين فقط، بل يطال جميع الفئات العمرية التي تسأل التطبيقات كيف تتصرف في علاقاتها الشخصية والعاطفية.
وتسلط الضوء على أحد أكثر التهديدات صمتًا وخطورة، وهو "التلاعب العاطفي" الذي قد تمارسه خوارزميات الذكاء الاصطناعي، والمصممة لتحليل لحظات ضعف المستخدم والتأثير على قراراته دون وعي.
أما عن دور الأهل، فتدعو حميض إلى تفعيل الرقابة الأبوية الذكية، بعيدًا عن القمع، إضافة إلى ضرورة تدريب المعلمين على فهم أثر الذكاء الاصطناعي في البيئة الصفية، ودمج التربية الرقمية والنفسية في المناهج الدراسية.
وتنبه من أن الإفراط في الاعتماد على هذه التقنية قد يؤدي إلى فقدان قيم إنسانية أساسية، كالقدرة على قراءة لغة العيون أو تمييز نبرة الحنان في صوت الأم أو الأب. وتقول: "إذا تربّى الطفل على لغة روبوتية باردة، لن يعرف ماذا يعني أن تُربَّت على كتفه يدٌ حانية".
ومع ذلك، ترى حميض أن التحول الرقمي ليس شرًا مطلقًا، بل سيف ذو حدين، يمكن تسخيره إيجابيًا في دعم الصحة النفسية أو تعزيز الروابط الأسرية، شرط استخدامه بوعي ومسؤولية.
وتختم حديثها بالقول: "الذكاء الاصطناعي قد يكون مساعدًا وموجهًا، لكنه لن يعوّض أبدًا لمسة أم، أو نظرة أب، أو حوارًا دافئًا بين أصدقاء مقربين".