(المضمون: عندما يعلن رئيس الوزراء مسبقا عن «اعلان سياسي» فانه يخلق توقعات. لكن بقدر التوقع تأتي خيبة الامل. نسأل بحق الجحيم ما الذي يريده وعلى ماذا ولماذا كل هذه الدراما–المصدر).
توجد إسرائيل في ذروة احدى الازمات الأخطر في تاريخها. ليس أزمة واحدة بل جملة من الازمات – الأمنية، الاجتماعية والسياسية. ايران على شفا قدرة نووية وإدارة ترامب تبقي إسرائيل جانبا. عدد اقل فأقل من رجال الاحتياط يمتثلون للخدمة، والحصانة الوطنية في تردٍ. إسرائيل تغرق في حرب استنزاف في القطاع كله بكليله غرق في مستنقع. الغالبية الساحقة من الجمهور تريد مساواة في العبء، لكن نتنياهو يسعى الى قانون تملص آخر. الجمهور يريد تحرير المفقودين لكن نتنياهو يرقص على نغمات سموتريتش وبن غفير.
على هذه الخلفية، ينتظر الجمهور بشرى. عندما يعلن رئيس الوزراء مسبقا عن «اعلان سياسي»، فانه يخلق توقعات. ربما تطور سياسي. ربما تصريح يتعلق بالمفقودين ربما، نهاية كل النهايات، سنكتشف أنه يخطط لليوم التالي. نحن في متاهة. نحن بحاجة الى زعامة. لكن بقدر التوقعات تأتي خيبة الامل. وينبغي الاعتراف بانه عند الحديث عن نتنياهو، لا تكون أي مفاجأة. ولا يزال يثور السؤال: ما الذي يريده بحق الجحيم؟ على ماذا ولماذا كل الدراما؟ فقط كي يوسع الشرخ؟ فقط كي يقول ان ما كان هو ما سيكون؟ أهذا اعلان سياسي؟
بشكل عام، مهمة كاتب خطوات نتنياهو سهلة. فالحديث يدور عن نغمة تكرر نفسها. أنا وأنا مسؤول عن كل النجاحات. أنا وأنا قلت وحذرت ونبهت. هم وهم وفقط هم يتحملون المسؤولية عن كل الإخفاقات. أحيانا، يمكن الافتراض، يملي المضمون المنجم السخيف من ميامي. وهذا هو الجزء المتعلق بالشتم والسب. هم فوضويون، هم يسرويون، هم مجرمون. هو يقول كل الكلمات التي يقصد بها في واقع الامر «الخونة»، دون أن يقول الكلمة صراحة. مشوق أن نعرف متى سيصل اليها. يمكن التقدير بان السخيف يضغط. هذا لا بد سيأتي.
بعد بضع لحظات من الوحدة، في اعقاب الهجوم، يدهورنا نتنياهو الى مزيد فمزيد من الهوات. هو يخلق هنا صدعا لم يشبه له مثيل. هو يسحق التكافل. ويفعل كل شيء ممكن كي يسحق المصلحة القومية. فقد اغرق مكتبه بالمستشارين الذين يخدمون مصالح الغير. على كل واحد من هذه الإخفاقات كان ينبغي له أن يرحل. فقد وعد باننا على مسافة «خطوة عن النصر». الوعد تفجر. ومنذ سنة ونحن غارقون في مستنقع حرب استنزاف. وهو يوفر لنا «اعلانا سياسيا» إضافيا لا يوجد فيه شيء. كان يمكنه أن يقول، بعد الفشل الكبير بان المسؤولية العليا هي عليه. لكن ماذا يفعل؟ رشق وحلا على كل الاخرين. هم يتحملون المسؤولية. بالتأكيد يتحملونها. لكن مسؤوليته اكبر بعشرات الاضعاف. وهو يعرف هذا.
هاكم ما قاله نتنياهو لاولمرت في اعقاب نشر استنتاجات لجنة فينوغراد التي عنيت بحرب لبنان الثانية. «عندكَ للفشل يوجد الكثير من الإباء، باستثناء أب واحد. كلهم مذنبون باستثناءك. انت تتحدث عن المسؤولية لكن المسؤولية ليس أن تتحدث عن المسؤولية. المسؤولية هي أن تتحمل المسؤولية، ان تكون مستعدا لان تدفع الثمن عن الطريق والايمان وكذا عن الإخفاقات. لكنك لا تبدي مسؤولية لكنك غير مستعد لان تدفع أي ثمن. بالعكس – انت تحتج على أن أحدا ما يتصور أنه يتعين عليك أن تدفع الثمن. الخطوة الضرورية الواجبة هي استبدال رئيس الوزراء الذي فشل. رئيس الوزراء ورجاله يقولون بتهكم – محظور استبدال القائد. لكن هذا مثلما ان يقال بعد كارثة التايتنك انه اذا ما نجا القائد فينبغي إعطاء سفينة أخرى له. يوجد معنى أعميق للفشل من مصير القائد – رئيس الوزراء. حياة الامة ليست مسار نجاة شخصية لرئيس الوزراء.. مررنا ونحن نمر في محيط الزمن العاصف الذي امواجه تهدد باغراق السفينة ولم نصل بعد الى شاطيء الأمان. صراعات وتحديات لا تزال امامنا. على الدكة يستبدل القادة، لكن هدفهم يجب أن يكون واحد – ليس النجاة الشخصية بل ضمان وجود وازدهار شعب إسرائيل... يا رئيس الوزراء كان ينبغي لك أن تفحص جاهزية الجيش، تفعيل الجيش، حماية الجبهة الداخلية، دحرجة كهذه للمسؤولية لم ارها ابدا، وعندما يكون الفشل على هذا الاتساع فان الخطوة الواجبة هي استبدال رئيس الوزراء».
كل كلمة، ببساطة، كل كلمة حقيقة تامة. الى أن يصل هذا الى نتنياهو نفسه. وهكذا يجدر بنا ان نسأل: من المسؤول عن أن مزيدا فمزيدا من المقاتلين لا يمتثلون لخدمة الاحتياط. هل هم فوضويون بعد مئات الأيام من خدمة الاحتياط، بعد الاعمال التجارية التي انهارت، بعد الجراحات في الجسد والروح – أم أولئك الذين يروجون لقانون التملص ويحولون المليارات لدوائر المتملصين. من المسؤولين عن كتب الاحتجاج، هل هو من يترك المفقودين لمصيرهم ويجرنا الى حرب استنزاف في الوحل الغزي الذي جبى امس قتيلا آخر – ام من حملون هذه الدولة على الاكتاف – في الاحتياط، في البحث، في التطوير، في دفع الضرائب؟ من الذي يحظى بالمعاملة المفضلة، سكان الشمال والجنوب – ام عشرات الاف الصارخين–تموتوا ولن نتجنيد لجفني وغولدكنوف؟
اردنا ان نسأل. لكن للاعلام الاسرائيلي لا يقدم نتنياهو الا تصريحات بلا بشائر. ولعموم إسرائيل – خيبات أمل فقط.
(يديعوت احرونوت)