وسط مشهد إقليمي مأزوم، يزيده الحلف الصهيو أميركي تأزما، على نحو تمنح فيه إدارة ترامب مزيدا من الأسلحة والعتاد والتغطية الإعلامية والدبلوماسية، إضافة الى الأضواء الخضراء لمواصلة حرب الإبادة والتجويع والتطهير العرقِي وصولا الى التهجير واحتلال/ واستيطان القطاع الفلسطيني المنكوب. وسط ذلك كله تتواصل عربدة الدولة الفاشية العنصرية لتطال معظم دول المنطقة، على نحو تبدو فيه وكأنها (دول المنطقة) باتت ساحات مفتوحة للغارات الجوية والاغتيالات وتدمير البنى التحتية العسكرية والمدنية واللوجستية في كل من سورية ولبنان، وربما?تطال لاحقا دولا أخرى تبدو إيران في مقدمتها (والعراق بالتأكيد، إذا ما قرّر تحالف الصهيو أميركي تنفيذ تهديداته بتدمير البرنامجيْن.. النووي «والصاروخي» لطهران).
يبرز في مقدمة ما يجري... «الكِباش» التركي ــ الإسرائيلي، الآخذ في التصاعد «كلاميا» حتى الآن، رغم ان دولة العدو تُقرِن أقوالها بالأفعال (ولكن على «الساحة» السورية)، عبر مواصلة تدمير ما تبقىّ من قدرات واصول عسكرية للجيش السوري (يحلو لبعض وسائل الإعلام العربي ان تزعُمَ وتُبرر ان هذه الأسلحة والأصول الإستراتيجية، التي يجري تدميرها «صهيونياً»، لجيش «النظام السابق»، وكأنها ليست مُلكاً لعموم الشعب السوري، الذي دفعَ أثمانها «ضرائب» ومن عرق ابنائه وبناته).
الحرب الكلامية التركية ــ الإسرائيلية وصلت ذروتها في الأيام الثلاثة الأخيرة، ــ وإن بدا فيها الطرفان ــ وكأنهما «يحاولان» عدم إيصال الأزمة بينهما الى نقطة اللاعودة، رغم ان لهجة العدو الصهيوني تميّزت ــ كعادته ــ بالغطرسة والتحدّي، على النحو الذي برز في تصريحات وزير الحرب/كاتس الوقِحة. ناهيك عمّا اوردته وسائل الإعلام الصهيونية. والتي تجلت من بين أمور وتصريحات اخرى، في «مانشيت» صحيفة معاريف الخميس الماضي: («اسرائيل» قامت بــ«قصف سِجّاديّ» لمطاريْن في سوريا لمنع تركيا من استغلالهما). وجاء في التفاصيل وفق «معا?يف»: ان جيش العدو أقدمَ على تدمير مطاريّ حماة وT4 في حمص، بصورة كاملة، من أجل قطع الطريق على تركيا، التي زعمت/معاريف أن انقرة تُريد إقامة موطئ قدم في سوريا.
في الوقت ذاته الذي اشارت فيه الصحيفة، إلى أن الهجوم الإسرائيلي استخدمَ ما يُعرف بـ«القصف السِجّادِيّ»، بحيث (لم يبقَ أي بناء قائما في المطاريْن، سواء الطائرات أو أنظمة الرادار أو أبراج المراقبة ومواقف السيارات ومدارج الطائرات وكافة المباني والمستودعات). مُضيفة ان هذه الخطوة جاءت بعد أن «أدركتْ» إسرائيل، أنه إلى جانب محاولات الأتراك تسليح الجيش السوري وإعادة تأهيله، فإن «لديهم خططا لتشديد قبضتهم على سوريا،وتحويلها إلى محمية تركية لها بوجود عسكري فيها». ناقلة عن وزير الحرب الفاشي/كاتس، قوله خلال جولة في القي?دة الشمالية: ان هناك «قاعدتيْن» ستلتزِم بهما إسرائيل في سوريا، اولاهما: سيتم نزع السلاح من جنوب سوريا لأي قوات مسلحة، اما الثانية فهي: أن «حرية طيران القوات الجوية/ (الصهيونية بالطبع) في الأجواء السورية ستبقى محفوظة».
لم تكتف تل ابيب بذلك بل واصلت احتلال المزيد من الأراضي السورية وصولا الى تخوم محافظة دمشق، بعد ان استباحت محافظة ريف دمشق، بل طالت أيضا منطقة «الكسوة» جنوبي العاصمة دمشق، إضافة الى إحكام قبضتها على كامل هضبة الجولان وجبل الشيخ، وصولا الى محافظة درعا مُوقعة قتلى بين المواطنين السوريين، الذين رفضوا التعاون معها وتمرير مشروعاتها التقسيمية، وبخاصة «سلخ» محافظة السويداء لإقامة «دويلة» درزية، وقف منها «بني معروف» كعادتهم وما يرويه التاريخ الناصع عنهم ــ موقفا عروبيا حاسما، اسهمَ في افشال المخطط الصهيوني الطائفي ?لتفتيتي، الرامي تقسيم سوريا الى كانتونات طائفية/وعرقِية.
وإذ حرص وزير الخارجية التركي حاقان فيدان اول امس/الجمعة، على التأكيد بان أنقرة
«لا تريد أن نرى أي مواجهة مع إسرائيل في سوريا لأن سوريا ملك للسوريين. سوريا ليست مُلكا لتركيا، وسوريا ليست ملكا لإسرائيل». فإن مسؤولا صهيونيا «كبيراً» على ما وصفته وكالة «رويترز» التي نقلت عنه قوله: بأن «إسرائيل لا تسعى إلى صراع مع تركيا في سوريا»، ونأمل ــ أردفَ ــ ألا تسعى تركيا إلى صراع معنا»، ثم ما لبث ان تابعَ بإستعلاء وغطرسة: لكننا «لا نريد أيضا أن نرى تركيا تتمركز على حدودنا، وجميع السُبل ــ هدّدَ بِصلَف ــ موجودة لدينا للتعامل مع هذا الأمر».
* استدراك:
تركيا تُجهّز فخًّا لسلاح الجو الإسرائيلي في سوريا عن إمكانية نقل منظومة S- 400 الروسية من تركيا إلى حمص السورية، كتبَ إيغور سوبوتين، في «نيزافيسيمايا غازيتا» أمس على موقع شبكة/RT: قد يُصبح نشر منظومة صواريخ S- 400 المضادة للطائرات في سوريا، جزءًا من اتفاقية الدفاع التي يجري إعدادها بين أنقرة ودمشق. حيث لا يستبعِد المسؤولون الأتراك حدوث مثل هذا السيناريو. وبحسبهم، قد يلبي هذا «شروط» واشنطن، التي أصدرتْ «إنذارًاً نهائياً» لحليفتها في «الناتو»، بضرورة «التخلّي عن منظومة الدفاع الجوي روسيّة الصُنع».
kharroub@jpf.com.jo