لم يختر أيٌّ منا ديانته أو طائفته أو مذهبه.. هذه خيارات حدثت بالوراثة.
مناسبة هذا التذكير ما لاحظته من هجوم البعض، عبر وسائل التواصل الاجتماعي على أهل السنة، ووصف مواقفهم بالضعف من الحرب الاسرائيلية على قطاع غزة، ويذهب بعض المتزمتين أبعد من ذلك باتهامهم بالتواطؤ، بالمقابل الاشادة بموقف الشيعة بزعم أنه يدعم المواقف، ومثل هذا الكلام يحتاج الى قراءة عميقة بعيدا عن البعد الطائفي.
لا يخفى أن هناك قامات فكرية وثقافية وروحية وسياسية، بين السنة والشيعة والمسيحيين، ومن اليهود أيضا غير المرتبطين بالحركة الصهيونية، مثل المفكر اليهودي «نورمان فنكلشتاين» الذي شكك بحقيقة «المحرقة» النازية ضد اليهود خلال الحرب العالمية الثانية، في كتابه «صناعة الهولوكوست»، ونموذج آخر يتمثل بالمفكر اليهودي «نعوم تشومسكي» المعارض للمشروع الصهيوني في فلسطين المحتلة، الذي يرى أن «حل الدولة الواحدة» هو الأمل الوحيد لليهود والفلسطينيين.
اما الحديث حول دعم نظام الملالي في ايران للمقاومة الفلسطينية، الذي يعتبر نفسه الراعي الاساسي للشيعة في العالم فهو زعم غير صحيح. ذلك أن نظام ولاية الفقيه يستخدم القضية الفلسطينية ورقة للاستثمار السياسي، لتحسين فرص التفاوض مع واشنطن بشأن ملفه النووي، ورفع العقوبات الاميركية المفروضة عليه!
ولتحقيق هذا الغرض فهو يستخدم بعض الميليشيات الطائفية، التي انتجها في بعض دول المشرق العربي، ويقوم بتسليحها وتدريبها وتمويلها، مثل ميليشيا حزب الله في لبنان، وميليشيا الحوثي في اليمن، كما استأجر عشرات الميليشيات الطائفية من دول أجنبية عديدة، لدعم وحماية النظام السوري فضلا عن مشاركة الحرس الثوري الايراني الأساسية في قتل وتهجير الشعب السوري.
وكانت النتيجة أن نظام الملالي تخلى عن أذرعه، فترك حزب الله يواجه مصيره في نهاية الحرب مع الكيان الصهيوني، ما اضطر الحزب الى توقيع «صك استسلام»، بعد أن دمرت إسرائيل معظم قوته، واغتالت قياداته السياسية والعسكرية.
كما تخلت ايران عن نظام بشار الاسد الذي هرب تحت جنح الظلام، وتركت حركة حماس فريسة للعدوان الصهيوني، الذي تسبب بكارثة انسانية هائلة لاهل قطاع غزة، واكتفت باصدار بيانات وتصريحات الشجب والاستنكار، والدعوة للتهدئة ووقف اطلاق النار في ازدواجية مفضوحة، حيث يبدو هذا النظام مهادنا وليس راغبا بتصعيد الحرب في المنطقة، حسب تصريحات كبار المسؤولين الايرانيين، لكنه من جهة أخرى يدعو لمقاومة العدوان الاسرائيلي في غزة ولبنان واليمن، ولا بد من التذكير بأن نظام الملالي هو المسؤول الأول، عن نشر فيروس الطائفية السياسية في دول ا?مشرق العربي، منذ نجاح ثورة الخميني عام 1979، وقبل ذلك الوقت لم يسبق أن شكلت الطائفية السياسية، ورقة تستخدم لأغراض توسيع النفوذ السياسي والأمني كما استخدمها نظام الملالي!
لقد نجحت ايران باستخدام القضية الفلسطينية والمعاناة الانسانية الهائلة لأهل القطاع، ورقة للاستثمار السياسي لتحسين موقفها التفاوضي مع الولايات المتحدة الأميركية، وللأسف وقع بعض العرب ضحية لتضليل نظام الملالي، وصدقوا أكاذيبه حول دعم المقاومة وتزعم ما يسمى «محور الساحات'!
وبالنتيجة سقط المشروع الفارسي الذي حاول نظام الملالي الاختفاء وراءه، لتوسيع نفوذه في المحيط العرب وكلفه هذا المشروع عشرات المليارات من الدولارات التي أنفقها، بتسليح وتمويل الميليشيات الطائفية التي فرخها. وكانت الضربة القاضية التي قصمت ظهر هذا المشروع التوسعي، بسقوط النظام السوري ونجاح الثورة السورية وهروب بشار الأسد.
والمفارقة الغريبة أن بعض قوى اليسار أو حتى «الملحدين»، ينقلبون على قناعاتهم فجأة ويعبرون عن تأييدهم لنظام «ولاية الفقيه»، وكأنهم يؤمنون بالغيبيات ويصفقون لنظام «ولاية الفقيه»، بزعم أنه يدعم حركات المقاومة في غزة ولبنان واليمن!
ومن المهم الاشارة الى أن نظام الملالي، يسعى فعليا لامتلاك السلاح النووي رغم «الفتوى الزائفة»، التي أصدرها المرشد الأعلى علي خامنئي بـ'تحريم» السلاح النووي، واذا تمكن من صناعة السلاح النووي فان الهدف منه سيكون ترهيب العرب واخضاعهم وليس موجها لتهديد اسرائيل!
Theban100@gmail.com