كتاب

عندما يكون الأردن باقتدار عالٍ في عين العاصفة (١-٢)

<p>منذ عقود، وجد الأردن نفسه في موقع جيوسياسي حساس، يتأرجح بين التحولات الإقليمية والدولية التي تؤثر بشكل مباشر على استقراره وأمنه. في الوقت الذي يمكن أن يبدو فيه وضع الأردن في عين العاصفة كما لو كان خيارًا استراتيجيًا، إلا أن الواقع يفرض أن المملكة كانت في كثير من الأحيان تُجبر على اتخاذ مواقف أو المشاركة في أحداث إقليمية ودولية تستجيب لها في إطار الحفاظ على مصالحها الوطنية والأمن القومي ودورها الاقليمي المتميز وهنا لا بد من التأكيد على دور الملك عبدالله الثاني في تعزيز مكانة الأردن في المنطقة حيث يعد جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين من أبرز الشخصيات السياسية التي لعبت دورًا محوريًا في تعزيز مكانة الأردن الإقليمية والدولية. ومنذ توليه العرش في عام 1999، تمكن الملك عبدالله الثاني من توجيه الأردن نحو التفاعل الفعّال مع الأحداث الإقليمية والدولية، مما جعله أحد اللاعبين الرئيسيين في المنطقة. وفيما يلي دور الملك عبدالله الثاني في القضايا الاستراتيجية التي جعلت الأردن بلدًا محوريًا:</p><p>التحديات التي يواجهها الاردن</p><p>التحديات الجغرافية والسياسية: الأردن يقع في قلب منطقة مضطربة، حيث يشترك في الحدود مع العراق وفلسطين وسوريا والسعودية، وهو محاط بدول تشهد صراعات وحروبًا دائمة. هذه العوامل تضع المملكة في مواجهة مباشرة مع الأزمات الإقليمية. من ناحية أخرى، قد تكون العوامل الجغرافية والسياسية قد فرضت على الأردن أن يتعامل مع الأحداث بشكل مباشر، سواء كانت تتعلق بالقضية الفلسطينية أو بالأحداث في سوريا أو العراق. وبالتالي، لم يكن خيارًا للأردن دائمًا أن يكون في «عين العاصفة»، بل كان غالبًا مجبرًا على اتخاذ مواقف تهدف إلى الحفاظ على استقراره الداخلي.</p><p>القضية الفلسطينية: منذ تأسيس المملكة الأردنية الهاشمية، كانت القضية الفلسطينية على رأس أولوياتها السياسية. الأردن لديه دور تاريخي في الدفاع عن حقوق الفلسطينيين، خصوصًا فيما يتعلق بالقدس والأماكن المقدسة، مما وضعه في خط المواجهة مع السياسات الإسرائيلية والأميركية. في سياق ما يُعرف بـ «صفقة القرن» أو محاولات تصفية القضية الفلسطينية، كان الأردن في موقع صعب، حيث كان يُضغط عليه ليقبل حلولًا لا تتماشى مع مواقفه الثابتة في دعم الحقوق الفلسطينية. لم يكن الأردن في هذه اللحظات يختار الوقوف في وجه القوى الدولية، بل كان يدافع عن مواقف ثابتة ترتبط بأمنه القومي والروابط التاريخية مع الشعب الفلسطيني.</p><p>الأزمة السورية: الأردن كان أيضًا في قلب العاصفة عندما اندلعت الحرب السورية في 2011. الأزمة السورية كانت تهدد استقرار الأردن بشكل مباشر، سواء من خلال تدفق اللاجئين السوريين إلى المملكة أو من خلال تداعيات الحرب على الحدود الشمالية للأردن. اضطر الأردن إلى اتخاذ موقف مرن في محاولة للتوازن بين عدم التدخل بشكل مباشر في النزاع السوري وبين حماية مصالحه وأمنه الداخلي. هذا الوضع أضاف عبئًا إضافيًا على المملكة، وزاد من الضغط عليها.</p><p>الضغوط الدولية والإقليمية: على الرغم من أنه كان يمكن للأردن اتخاذ مواقف محددة أو محايدة في بعض القضايا الإقليمية، فإن الواقع الدولي والإقليمي كان يفرض عليه غالبًا خيارات صعبة. لا يمكن للأردن أن يتجاهل الضغوط التي تمارسها القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة أو الدول الأوروبية، فضلاً عن الضغوط التي تأتي من جيرانه الإقليميين مثل السعودية ومصر. في العديد من الحالات، كان موقف الأردن يتسم بالحذر، محاولاً الحفاظ على علاقاته الجيدة مع مختلف الأطراف، وفي الوقت نفسه المحافظة على استقلالية قراراته.</p><p>التوازن بين المصالح الوطنية والتحالفات الإقليمية: الأردن كان دائمًا يوازن بين مصالحه الوطنية والتحالفات الإقليمية والدولية. يتخذ مواقف استراتيجية لحماية أمنه، سواء كان ذلك عبر التعاون مع القوى الغربية لمكافحة الإرهاب أو عبر دعم الاستقرار في المنطقة. في بعض الأحيان، كان يبدو أن الأردن مضطر للمشاركة في بعض التحالفات الدولية أو الإقليمية التي لا يتوافق معها تمامًا، ولكنها كانت تضمن مصالحه الوطنية في وقت حساس.</p>