توثيق المرويات الشخصية عن الشهيد وصفي التل
دعا وزير الداخلية الأسبق المهندس سمير الحباشنة المتخصصين والباحثين إلى توثيق المرويات الشخصية عن الشهيد وصفي التل التي تم تداولها بين الأفراد والجماعات خلال لقاءاتهم معه لتعزيز فهم الاجيال لفكره ونهجه.
وأكد أن هذه المرويات تشكل جانبًا مهمًا من إرثه الفكري والسياسي، خاصة وأن التل لم يسعفه الوقت لكتابة كل أفكاره وتوثيقها مشيرا إلى أهمية هذا العمل للأجيال التي لم تعاصر وصفي التل، لكنها سمعت عنه أو قرأت أفكاره، ما يبرز الحاجة لتعزيز فهمها لفكره ونهجه من خلال هذه المرويات.
واضاف خلال الندوة التي اقيمت مساء اليوم الخميس في ديوان عشيرة ال التل بمدينة اربد للحديث عن مرور 53 عام على استشهاد وصفي التل وقدمها الزميل محمد التل وادارها المهندس زياد التل إن الشهيد وصفي التل كان ينظر إلى وزارة الزراعة كوزارة سيادية وأعطاها أولوية في سياسته لتعزيز الإنتاج المحلي، مع التركيز على برامج التحريج وزيادة الرقعة الخضراء.
وأوضح أن وصفي شكّل حكومات نوعية، ففي حكومته الأولى لم يأتِ بأي وزير سابق، وأخرج جميع المعتقلين السياسيين، أحرق ملفاتهم، وعينهم بوظائف، مكرسًا نهج الاحترام للأشخاص كما أوقف أحكام الإعدام بجرأة وأعطى الأولوية لبناء المدارس، مؤكدًا رؤيته الإصلاحية الشاملة.
واكد إن الشهيد وصفي التل يمثل "ذهبًا معتقًا قديمًا"، وكل سنة تضاف منذ رحيله تزيد من حضوره في وجدان الأردنيين وضمائرهم و حتى خصومه أنصفوه، واصفًا إياه بأنه شخصية تجسد الضمير الوطني. وأضاف أن الأزمات الكبرى تجعل الأردنيين يستحضرون وصفي، مرددين: "وينك يا وصفي؟ ومدرسة وصفي "، مشيرًا إلى أن الاردنيين يرددون ايضا بعد وصفي، لم يُملأ كرسي الحكومة.
وأوضح أن الشهيد التل أدرك أهمية التعليم العالي بعد إيفاد الطلاب الأردنيين إلى الخارج، ما دفعه لتأسيس الجامعة الأردنية كأول صرح جامعي في المملكة، بهدف النهوض بالواقع التعليمي وتعزيز القدرات الوطنية.
وزاد المهندس الحباشنة إن المرحوم شاكر بن زيد تحدث له ذات مرة عن حوار دار بينه وبين الشهيد وصفي التل عندما كان شاكر رئيسًا للأركان اذ أن وصفي سأله عن أحد قادة الألوية، مشيرًا إلى أنه لم يره مؤخرًا، فأجابه شاكر أن قائد اللواء تم إرساله في دورة تدريبية إلى الولايات المتحدة وعندما سأله وصفي عن الشخص الذي تم تكليفه بديلاً له، ذكر له الاسم، فرد وصفي قائلًا: "ممتاز، هذا اسم مطمئن.
وأكد أن المحبة الشعبية لوصفي نابعة من صدقه، نزاهته، وعمله دون أجندات شخصية، مما جعله رمزًا وطنيًا خالدًا.
واستذكر الحباشنة حين كان برفقة والده في مدينة حلب عندما وصلهما نبأ استشهاد وصفي التل مبينا أن والده كان يحتفظ بأكبر صورة لوصفي، وعند سماعه الخبر أصيب بصدمة كبيرة.
وأضاف أن الأردنيين عبروا عن حزنهم العميق وذهولهم برمي القهوة، تعبيرًا عن الحداد على وصفي الذي شكل رمزية كبيرة في حياتهم ومواقفهم الوطنية.
ولفت المهندس الحباشنة إن بعض الوزارات كانت مغلقة على نخب معينة، ومع وصول وصفي التل، تغيرت المعادلة؛ فكان الشهيد منزعج بان "عيال الحراثين لا يفوتوا عليها" مثل وزارة الخارجية، وفتح أبوابها لجميع الأردنيين.
ولفت إن الشهيد وصفي التل كان قوميًّا عربيًّا مخلصًا، حيث قاتل في فلسطين وذهب ليكون شهيدًا هناك وآخر خطاب ألقاه قبل اغتياله كان أمام وزراء الخارجية العرب، دعا فيه إلى وضع خطة عربية لتحرير فلسطين وهذا يؤكد تعلق الشهيد بالقضية الفلسطينية.
وأضاف المهندس الحباشنة أنني زت فلسطين عدة مرات والتقيت بقيادات فلسطينية أكدوا خلالها تقديرهم لوصفي، معربين عن إدانتهم لجريمة اغتياله التي اعتبروها خسارة كبيرة للجهود القومية في دعم القضية الفلسطينية.
واشار إن الشهيد وصفي التل كان شخصية استثنائية في تاريخ الدولة الأردنية، ومن أهم الشخصيات خلال المئة عام الماضية و عبقريته تجلت بشكل خاص خلال أحداث أيلول، حيث أعاد وحدة الصف الوطني وطبق فكرة الاتحاد الوطني، مع اعتماد الانتخاب على مستوى الوطن ضمن قائمة واحدة، في وقت كان المجتمع يعاني من التشظي.
وختم المهندس الحباشنة حديثه بالقول أن تلك الخطوة تدلل على عبقرية وصفي الفكرية والإدارية والسياسية، مما جعله رمزًا خالدًا في مسيرة الأردن.
