كتاب

هل هو استغلال للوضع؟

ما الذي يحدث في الأراضي الفلسطينية المحتلة؟ ما هي آخر التطورات في العدوان على قطاع غزة؟ وإلى أين يتجه الوضع المتأزم في جنوب لبنان؟ ومتى سيكون الرد الإيراني؟ وهل الرد الإيراني جرى تأجيله أو إلغائه مقابل الهدنة بين دولة الاحتلال وحركة حماس؟ ولماذا ترفض دولة الاحتلال الهدنة المعروضة من قبل الدول الراعية؟ وما الذي تسعى إليه دولة الاحتلال في قطاع غزة والمنطقة؟

ولمحاولة الإجابة على الأسئلة المطروحة، سنحاول استعراض ما الذي يجري على الأرض، فلا يخفى على أحد أن كل الدول في المنطقة وحتى الدول الغربية تحاول تجنب اشتعال ووقوع أي نزاع مسلح على مستوى الإقليم، باستثناء دولة الاحتلال، التي تسعى لتوسيع دائرة الصراع لفرض أمر واقع لمصلحتها.

ومن الواضح للعيان أن دولة الاحتلال تستغل العدوان على قطاع غزة لتحقيق مكاسب، كانت تسعى وتحاول تحقيقها منذ زمن ليس بقريب، وموجودة في خططها بعيدة المدى، ومن ضمنها القضاء على حركة حماس، وإفراغ قطاع غزة من السكان كمرحلة أولى، واستغلال أبار الغاز في القطاع بعيداً عن السلطة الفلسطينية، وإنشاء القناة الجديدة بين البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط كبديل لقناة السويس للسيطرة على التجارة البينية العالمية، وتهجير السكان الفلسطينيين من الضفة الغربية كمرحلة لاحقة، ومن ثم تهجير الفلسطينيين من الداخل (ما يعرف بعرب 48)، والوصول إلى مرحلة الدولة اليهودية من البحر إلى النهر.

وإصرار دولة الاحتلال على استغلال الوضع القائم لتحقيق أهدافها من خلال توسيع دائرة الصراع معتمدةً على الدعم الغربي بشكلٍ عام والأمريكي بشكل خاص، الأمر الذي يدفعنا على القول إن هذا الاستغلال جاء عن طريق إحدى فرضيتين؛ الأولى أن حركة حماس قامت بما قامت به في السابع من تشرين الأول من العام الماضي من خلال تعطيل الدفاعات لدولة الاحتلال وأجهزتها وإجراءاتها الأمنية، والهجوم على من احتل أرضهم ويحاصرهم ويمنع عنهم كل سبل الحياة والرفاه، مع عدم قدرتهم على السفر للتنقل حتى للعلاج، وكل هذا من خلال قدرة الحركة التي اكتسبتها من خلال حروبها مع جيش الاحتلال على مر التاريخ، ومن خلال مهارات الفنيين في مجال التكنولوجيا والمخترقين للأنظمة الالكترونية منهم، ليأتي بعد ذلك دور المقاتلين من حركة حماس، وتطبيق ما تدربوا عليه واختراق الحاجز الحدودي، والسيطرة على البرامج الالكترونية الدفاعية وأسر عدد من الأشخاص والعودة إلى مقراتهم، دون علم جيش الاحتلال وأجهزته الاستخبارية، ليظهروا أنهم مصدومين مما حصل، على الرغم من معرفتنا أن التدابير الأمنية المتخذة من دولة الاحتلال على الحد الفاصل بين قطاع غزة والضفة الغربية من أقوى وأعقد التدابير الأمنية على مستوى العالم.

أما الفرضية الثانية أن ما حدث كان عملية استدراج من دولة الاحتلال لحركة حماس بأن أظهرت تراخياً من قبلها في تدابيرها الأمنية على الحد الفاصل بين القطاع غزة والضفة الغربية، لتقوم حركة حماس بهجومها المشرّف، ومن معززات هذه الفرضية التدابير الأمنية عالية المستوى على الحد الفاصل بين القطاع والضفة، ومصلحة رئيس وزراء دولة الاحتلال بالبقاء في السلطة والاحتفاظ بالحصانة لتفادي المسائلة القضائية بقضايا الفساد.

وعلى جميع الأحوال فإن النتيجة أن دولة الاحتلال تسعى لتوسيع دائرة الصراع وإطالة أمد الحرب، وتحقيق أهافها التوسعية والمدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية (ما يعرف بدول العالم الأول)، مستغلة الوضع في عدم إنهاء النزاع المسلح الأخير إلى بتحقيق انتصار وتحقيق أهداف أخرى من ضمن الأهداف الاستراتيجية لدولة الاحتلال.