كتاب

المشاريع الصغيرة والمتوسطة.. تزهو في «اليوبيل الفضي»

استطاعت المشاريع الصغيرة والمتوسطة والتي تمثل 99% من المنشآت العاملة في الاقتصاد على مدار الخمس والعشرين سنة الماضية تحقيق العديد من المنجزات الوطنية. وتثبيت دورها الاقتصادي الهام في تعزيز النمو والمنعة الاقتصادية، بالإضافة الى دورها في معالجة تحدي البطالة وتمكين الشباب الأردني نحو الريادة وفتح الطاقات والإمكانات الإبداعية. وتحقيق مستوى عال من التقدم والنجاح في العديد من القطاعات الاقتصادية.

اذ شهدت هذه المشاريع تطوراً ونمواً يشار له بالبنان منذ استلام جلالته مقاليد الحكم، حيث ارتفعت أعداد المشاريع الصغيرة والمتوسطة العاملة في الاقتصاد بالوطني بأكثر من 51 ألف مشروع ليصل عددها الى نحو 169 ألف مقارنة مع اعدادها خلال العام 2000، ولتصل العمالة لديها ما يقارب 530 ألف عامل وعاملة بارتفاع بنحو 170 ألف عامل مقارنة مع العام 2000.

وبشكل أكثر تخصصاً قادت المشاريع الصغيرة والمتوسطة القطاع الصناعي في تعزيز مستويات النمو والتصدير لتصل الصادرات الصناعية الى ما يزيد عن 90% من الصادرات الاردنية، كما ساهمت المشاريع الصغيرة والمتوسطة في بناء قاعدة تصديرية من المنتجات الصناعية لتصل الى أكثر من 160 بلد حول العالم وما يفوق المليار مستهلك. فيما يجذب القطاع الصناعي الاستثمارات المحلية والاجنبية، حيث استحوذ القطاع على أكثر من 62% من الاستثمارات المستفيدة من قانون الاستثمار والتي بلغت 1.057 مليار دينار أردني في عام 2023.

وفي قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات استطاعت المشاريع الصغيرة والمتوسطة تعزيز مستويات نموه وتطوير حصاده الاقتصادي والاجتماعي خلال 25 عاماً من الإنجاز، فيما وصل عوائد القطاع خلال ربع قرن الى قرابة 4 مليارات دولار، مع تأمين حوالي 46,000 وظيفة، فيما يمتاز القطاع بالتنافسية على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ويخدم حاليًا أسواقًا إقليمية أكبر في عصر التكنولوجيا والابتكار، كما أن الثورة العلمية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات اصبحت جزءا لا يتجزأ من تطور القطاعات الاقتصادية والخدمات الحكومية والتي شهدت قفزات نوعية في عهد جلالته الميمون. كما استطاع القطاع تعزيز دور الشباب الريادي من خلال رؤى جلالته السابقة للقطاع منذ توليه سلطاته الدستورية، ويذكر ان 75% من الفضاء الالكتروني للمملكة يصنع في المملكة او بأيدي أردنيين عالمياً، كما ان المحتوى العربي على الشبكة العالمية حوالي 70% منه أردني، هذا بالإضافة الى ان 27 من أفضل 100 رائد أعمال في مجال التكنولوجيا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا هم من الأردن، والكثير من الشركات الكبرى التي نشأت في المنطقة أسّسها أردنيون، ثم استحوذت عليها شركات عالمية كبرى بمئات الملايين.

وأخيرا في جانب القطاع السياحي استحوذت المشاريع الصغيرة والمتوسطة على تطوير مفاهيم السياحة الداخلية ودعم المجتمعات المحلية وتعزيز قدرات الشباب في محافظاتهم لتطوير مشاريع خلاقة كالسياحة العلاجية وسياحة المغامرات وغيرها.

لقد اتسمت المشاريع الصغيرة والمتوسطة في الاقتصاد بمحرك التغيير، وقد استطاعت المملكة تعزيز بيئة الاعمال المراعية لكافة أطياف المشاريع الصغيرة والمتوسطة على مدار 25 سنة من العطاء والانجاز في عهد جلالته؛ ومن ذلك مجموعة البرامج الاقتصادية الرائدة لدعم القطاعات الاقتصادية في وقتها بين أعوام 2010-2012 مع الاتحاد الأوروبي، وما تلا ذلك من تطوير للخطط والاستراتيجيات الملائمة لتعزيز بيئة الاعمال ومنها مراجعة عملية التسجيل والترخيص بهدف تسهيلها وأتمتتها واطلاق التسجيل الالكتروني، واطلاق التعريف الموحد للمشاريع الصغيرة والمتوسطة في عام 2020، بالإضافة الى تطوير البيئة التنظيمية المعنية بفتح افاق الاستثمار ودعم تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة والتي جاء على راسها قانون البيئة الاستثمارية لعام 2022 والذي نصت السياسة العامة فيه على تشجيع الاستثمار في المشاريع الريادية والابتكار والبحث والتطوير، وتهيئة البيئة المناسبة لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة.

وفي جانب المعيقات التي تواجه المشاريع الصغيرة والمتوسطة، فقد قطعت المملكة شوطا كبيراً في العديد من الجوانب؛ كتخفيض أثر الوصول الى مصادر التمويل والوصول الى الأسواق والدعم الفني على إمكانيات المشاريع.

وفي الجانب الأول فقد وصلت المملكة الى المرتبة 4 عالمياً على مؤشر الحصول على التمويل، نتيجة الإصلاحات التي تمت بهذا الخصوص، كما ساهم تنوع أدوات التمويل وتطوير خطوط التمويل منخفضة التكاليف من البنك المركزي على دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة وخصوصا خلال جائحة كورونا، كما ساهمت استراتيجية الشمول المالي في رفع نسبة الاشتمال المالي في المملكة الى قرابة 50%، بالإضافة الى تنوع أدوات التمويل المتاحة ما بين التمويل المصرفي بشقيه الإسلامي والتجاري، وتوافر أدوات التمويل الحكومية، وتطوير أدوات الضمان من خلال الشركة الأردنية لضمان القروض، وإتاحة استخدام سجل الأموال المنقولة جزءا من الضمانات، هذا بالإضافة الى الميزات المتنوعة لجذب الاستثمار والاعفاءات التي يتمتع فيها العديد من القطاعات، وتعزيز افاق الاستثمار في المشاريع الصغيرة والمتوسطة من خلال صندوق رأس المال والاستثمار الأردني وهو أكبر صندوق استثماري يؤسسه القطاع الخاص، وأضخم شركة تؤسس في تاريخ المملكة من حيث رأس المال والذي يبلغ 275 مليون دينار، ومملوك بالكامل من قبل البنوك الاردنية.

كما تسعى الجهات المعنية بالتمويل الى فتح افاق جديدة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة من خلال انتقالها الى مراحل المرتبطة بتكنولوجيا والمعلومات والمتعلقة بتطور الخدمات المالية والمصرفية ومنها أنظمة الدفع الرقمية وتطبيقات الهاتف المحمول التي وصل عدد مستخدميها الى ما يزيد عن 3.2 مليون مستخدم، بالإضافة الى فتح افاق التجارة الالكترونية واستخدام المحافظ الالكترونية والتوجه نحو تطبيقات الذكاء الاصطناعي مثل البلوك تشين والبنوك المفتوحة وغيرها.

ان الحديث عن تطور المشاريع الصغيرة والمتوسطة في عهد جلالته قد يطول كثيرا لكثرة الإنجازات المحققة من خلال رؤى جلالته الاقتصادية والاجتماعية التي ارتكزت على فتح طاقات الشباب الأردني وتطوير الخطط والاستراتيجيات المعنية في دعم بيئة الاعمال وانطلاقها في المملكة، هذا بالإضافة الى جهد جلالته ومتابعته الشخصية على مختلف الأصعدة المعنية بهذا الجانب من تعزيز التكامل العربي الاقتصادي، والتوجيه بفتح افاق التجارة وعقد الاتفاقيات التجارية والاقتصادية مع مختلف بلدان العالم، وتقديم صورة مشرقة للمملكة للعالم وكواحة للأمن والأمان.

تمضي المشاريع الصغيرة في عهد جلالته الى المستقبل والافق الواسع برؤية جلالته الطموحة، وسواعد الأردنيين، وهو ما نراه جليا في رؤية التحديث الاقتصادي التي تستهدف المستقبل الأفضل للأردنيين من خلال مضاعفة فرص العمل، وتوسيع الطبقة الوسطى، ورفع مستوى المعيشة وصولا الى نوعية حياة أفضل للمواطنين. وهي ثلاثة اهداف شاملة ترتبط ارتباطاً وثيقا بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة، كما تمتاز هذه الرؤية بانها عابرة للحكومات وتمتلك أدوات المتابعة والتقييم فضلاً عن تقديم الحكومة برنامج واضحاً لتنفيذ المشاريع والمقترحات الواردة فيها.

ان تلمس الفوارق والمنجزات التي حصلت في المشاريع الصغيرة والمتوسطة لا يخفى على أي متابع، لكن التلمس الحقيقي الظاهر لهذا القطاع يصب أولا واخيراً في تعزيز المستوى الاجتماعي والاقتصادي والانتقال على مدار 25 عاماً الى مستويات اعلى من الإنتاج والتطور تصب في اثار مباشرة لكثير من فئات المجتمع كالشباب والنساء واسرهم والريادين وغيرهم، وهو ما يراه جلالته واقتبس هنا من خطاب جلالته «الأردن الغالي بأرضه وأهله وانا أرى فيه رجالاً ونساءً وشبابًا بجباه مرفوعة وهامات عالية وقيم اصيلة».