كتاب

مدمرات التربية: عدو خفيّ يهدد الأبناء

إن التربية مسؤولية عظيمة تقع على عاتق الآباء والأمهات، وهي بمثابة فن بلورة الشخصية وغرس القيم وإكساب المهارات وصياغة مستقبل أفضل للأبناء. ولكن، للأسف، قد تُصبح هذه المسؤولية ثقيلةً ومرهقةً إذا لم يتمّ التعامل معها بذكاء وحكمة؛ ففي خضمّ ضغوط الحياة اليومية، قد يقع بعض الآباء والأمهات في فخاخ التربية، دون إدراكهم لخطورة سلوكياتهم على تنمية أطفالهم وصحتهم النفسي وأثرها على شخصية وسلوك الابناء فولي الأمر الكريم لا بد أن يكون لابنه معلماً وهو طفل، وصديقاً حين يكبر، فالقرب من الأبناء والقرب منهم هو بر وحق للأبناء ونتذكر (بروا تبروا) فبر الوالدين هو نتاج بر الأبناء والتربية السليمة الصالحة، والدرس الأول في التربية هو التحمل؛ إذ أن التحمل هو أول شيء يجب على الطفل تعلمه، وهو أكثر ما سيحتاج لمعرفته.

يُشير مُصطلح «مُدمّرات التربية» إلى مجموعة من السلوكيات والممارسات الخاطئة التي يُمكن أن يُمارسها الآباء والأمهات، سواء عن قصد أو عن غير قصد، ممّا يُلحق ضررًا كبيرًا بأطفالهم على كافة المستويات، لأن الأبناء على خطى الآباء يسيرون ويقتدون بهم ويقلدونهم كأنموذج وقدوة لهم في كل السلوكيات سواء كانت سلبا أو إيجابا. وتقسم مُدمّرات التربية إلى نوعين أساسين المدمرات النفسية مثل الصراخ والتهديد والغضب والمقارنة والمدمرات البدنية مثل الضرب والتعنيف. وفيما يلي ذكر لأخطر عشر مدمرات للتربية: أولاً الإهمال العاطفي: يُعدّ الإهمال العاطفي من أخطر مُدمّرات التربية، حيث يُؤدّي إلى شعور الأطفال بالوحدة والعزلة، ممّا يُعيق نموّهم العاطفي ويُؤثّر على سلوكياتهم وتفاعلهم مع الآخرين فالتربية الأسرية تظل قادرة على ممارسة فن الممكن؛ أي إنقاذ ما يمكن إنقاذه.. ثانيًا التسلط والقمع: يُمكن أن تُؤدّي التربية الصارمة والقمعية إلى شعور الأطفال بالخوف والانعدام الثقة بالنفس، ممّا يُعيق نموّهم الشخصي ويُؤثّر على قدرتهم على اتخاذ القرارات فلا بد من توجيه الابن ولكن بحكمة وعقلانية وليس العنف والقمع فإذا كبر ابنك فعامله كأخ.. ثالثًا التناقض في المعايير: يُربك التناقض في المعايير الأطفال ويُصعّب عليهم فهم السلوك الصحيح من الخطأ، ممّا يُؤدّي إلى سلوكيات متناقضة ومشكلات سلوكية وتأكد أن من أدب ولده صغيراً، سر به كبيراً. رابعًا الإفراط في استخدام التكنولوجيا: يُؤدّي الإفراط في استخدام التكنولوجيا إلى إهمال الأنشطة الواقعية والتفاعلات الاجتماعية، ممّا يُعيق نموّ مهارات الأطفال الاجتماعية والعاطفية. خامسًا غياب القدوة الحسنة: يُعدّ الآباء والأمهات قدوةً لأطفالهم، ولذلك فإنّ سلوكياتهم تُؤثّر بشكلٍ كبيرٍ على سلوكيات أطفالهم، الأولاد بحاجة إلى نماذج أكثر منهم إلى نقاد.. سادسًا المقارنة بين الإخوة:تُؤدّي المقارنة بين الإخوة إلى شعور الأطفال بالغيرة والحقد، ممّا يُعيق نموّهم العاطفي ويُؤثّر على علاقتهم ببعضهم البعض. سابعًا التوقعات المُفرطة: يُمكن أن تُعيق التوقعات المُفرطة من الأطفال قدرتهم على تحقيق إمكاناتهم، ممّا يُؤدّي إلى شعورهم بالإحباط وفقدان الثقة بالنفس. ثامنًا الحماية المبالغ فيها: تُعيق الحماية المبالغ فيها من الأطفال نموّهم واستقلاليتهم، ممّا يُؤدّي إلى شعورهم بالخوف وعدم القدرة على مواجهة التحديات. تاسعًا التركيز على النتائج الأكاديمية فقط: يُؤدّي التركيز على النتائج الأكاديمية فقط إلى إهمال جوانب شخصية الأطفال، ممّا يُعيق نموّهم الشامل. عاشرًا غياب الحوار والنقاش: يُؤدّي غياب الحوار والنقاش إلى شعور الأطفال بعدم الأهمية وعدم القدرة على التعبير عن أنفسهم.

والدور الأكبر على المؤسسات التربوية والإعلامية التوعية بخطورة مُدمّرات التربية؛ إذ أن نشر الوعي بمُدمّرات التربية ضروريًا لضمان تربية أجيالٍ سليمةٍ وناجحة فأحسن توصية يحملها الإنسان للناس هي التربية الحسنة (وكما قيل درهم وقاية خير من قنطار علاج). ويُمكن تحقيق ذلك من خلال: برامج التوعية: يُمكن تنظيم برامج توعية للآباء والأمهات حول أهمية التربية السليمة فجذور التربية مر ولكن ثمارها حلو فلا بد من تعرف كيفية تجنّب مُدمّرات التربية. والكتب والمقالات: يُمكن نشر كتب ومقالات تتناول موضوع مُدمّرات التربية وتُقدّم نصائح عملية للآباء والأمهات. والتوعية عبر الإنترنت: يُمكن استخدام الإنترنت لنشر معلومات حول مدمّرات التربية وتُقدّم إرشاد عملي للآباء والأمهات.

ختامًا إن التربية مسؤولية وأمانة وأقدس مهمة عرفتها البشرية، فبها الصلاح والفلاح والتوفيق وخلافة الأرض والخطأ مرفوض وغير مقبول لأن فيه دمار جيل كامل، حفظ الله لكل ولي أمر قرة عينه وأعانه علي تربية أبنائه تربية سليمة على أكمل وجه.