بعد انتهاء اجتماعي في دولة الإمارات، اتجهت مباشرة نحو دولة رواندا، الدولة التي دائمًا ما تُحدثنا عن الثورة التي أحدثتها على مستوى العالم في معدلات النمو الاقتصادي ومستويات الشفافية والسلم الأهلي بعد سنوات طويلة من المعارك والمجازر الجماعية. تجمع قيادة شابة حكيمة في هذه الدولة الصغيرة، حيث تم الاتفاق على نسيان جميع المجازر وتجاوز الصراعات وإغلاق صفحة الماضي لبدء فصل جديد. وبدأت الرحلة الجديدة، وتمكنت رواندا من التقدم والازدهار.
ومما تأكد لي في سفري هذا ووقر في صدري، أن الاردن تسافر معنا، في قلوبنا أينما ترحلنا..
عند الوصول، كم شعرت بالفخر عندما قدمت جواز سفري الأردني وأعلمني ضابط الأمن والحدود أن الأردنيين لم يعودوا بحاجة إلى تأشيرة. كانت هذه الكلمات البسيطة سببًا في شعوري بالفخر والاعتزاز، وفتحت نافذةً إلى قلبي بالاحترام والمحبة نحو الأردن الحبيب.
في اليوم التالي صباحًا، بدأنا الاجتماعات الرسمية بحضور دولي، وتم تكرير الكلمات «عمان» و'الأردن» ما يقارب عشر مرات في اليوم الأول من هذا المحفل، حيث تمت الاشارة فيه عدة مرات إلى الاجتماع الدولي الذي عُقد في عمان تحت رعاية معالي وزير الصحة في نهاية العام الماضي، والذي تحدث عن المخاطر الامن الصحي والتهديدات وسبل التصدي لها. ذكر الأردن بهذه الطريقة جعلني أشعر بكل الفخر، حيث أصبح الأردن رمزًا في هذه المناسبات الدولية، دائمًا يُشار اليه في سياق الاستضافة والبدايات والانطلاقات، وهذه المرة من خلال منظور الصحة العا?ة، مما يعزز مكانته في الساحة الاقليمية و الدولية. كان هذا مصدر فخر واعتزاز لي خلال أقل من يومين من وصولي إلى هذا البلد الطيب.
أثناء تناولنا الطعام ووسط الحديث الشيق، قررت تناول صحن من الفواكه بعد الوجبة اللذيذة التي لم تكن مألوفة لدي، ورأيت الفاكهة اللذيذة الاستوائية و غيرها بما فيها البطيخ و بناءً على طبيعتي وانتمائي الأردني، اخترت من ضمن ما اخترت بضعا من قطع البطيخ وبدأت في تناولها، ولأنني غير محايد قمت بمقارنته سريعا بالبطيخ الأردني، لكن لا شئ يضاهيه، حيث يتميز اليطيخ الأردني بحلاوته ونكهته الرائعة التي تذكرنا بالأوقات الجميلة والسهرات العائلية الدافئة. شعرت مرة أخرى بحبي للأردن الغالي.
في نفس اليوم مساء، جلست مع زميلي السوداني الأصل الطيب الذي أحبه وأفتخر به، والذي يعيش في الأردن منذ سنوات. تبادلنا الحديث الجميل، حيث كان يخبرني أنه أصبح يعشق القهوة الأردنية أكثر من الأردنيين، على الرغم من أنه لم يكن كذلك في السابق. أخبرني أيضًا أن معدل تدخينه زاد إلى الكثير من السجائر بعد أن كانت قليلة قبل قدومه إلى الأردن. يحب الأردن بشغف كما أحبه. نعم تغنينا بحب الأردن المعدي بتفاصيله الجميلة.. فكيف لا يحبها الجميع وهي التي على مدار السنين تحتضن الجميع هي وشعبها المعطاء الكريم.
نعم، أحيانًا نجلد أنفسنا لأننا نرغب في ان نرى الأردن الحبيب في أحسن المراتب لأننا نعلم امكانياته ونعلم قدراته، ورغبة منا في خدمته بأحسن ما يمكننا، فترانا نركز على ما ينقصه، وهذا صحي في بناء الدول، ولكن يجب علينا أن لا نغفل عن ذكر الجوانب الإيجابية الكثيرة التي يجب دائمًا التأكيد عليها والاعتزاز بها والتي نسبق بها الكثير من الأمم، و على رأس هذه الأمور حب العمل و الاجتهاد و المصداقية فيه و الابداع و حبنا و شغفنا للتطور و التعلم. علينا دوما أن نسعى على العمل للتحسين المستمر و التحلي بالصبر في مواجهة التحديات ?ي المستقبل، بإذن الله.
فافتخر بوطنك الحبيب، فأنت نشمي من الأردن!