كتاب

الأيتام

مناسب ما تقوم به المؤسسات وكذلك الأفراد من إقامة حفل إفطار للأيتام في شهر الخير، ولكن ثمة العديد من الملاحظات والتي ينبغي الإشارة إليها في هذا المجال والإحاطة بمفهوم الرعاية الأشمل عند التعامل مع الأيتام وهم فئة قد تقارب من السبعين الفا، قرابة 30% منهم بحاجة للدعم المباشر لأسباب إنسانية واضحة.

نحمد الله على توافر مؤسسات وجمعيات ودور وجهات وأفراد تقوم على رعاية الأيتام سواء الحكومية والخاصة وتعمل عل متابعة القضايا ذات العلاقة بالأيتام وهي بالمناسبة كثيرة خصوصا عند فقدان الأم، الأب أو كليهما وما تؤول إليه من ثم المسؤولية للعم والجد والجدة والخال والخالة ومجموعة من القضايا ذات العلاقة المباشرة بالأيتام وتفاصيلها الكثيرة. المهم والملاحظ عند إقامة حفل الإفطار وشراء الملابس والفقرات الترويحية هو تصوير تلك الفئات بشكل غيرمناسب ؛ الأولى عدم التصوير والنشر في حدود ضيقة، للحصول على الاجر والثواب دون منة.

العديد من الدراسات الاجتماعية دعت إلى دمج الأيتام في المجتمع وعدم عزلهم وإبعادهم عن الناس وخصوصا عند اقامة موائد الإفطار في المطاعم والأماكن العامة والتضييق عليهم وإضافة مشاعر النقص والحرمان.

روى لي بعض من المنظمين لموائد إفطار للأيتام عن حجم الحاجة لديهم خصوصا عند جمعهم في رمضان من أماكن ومناطق ذات حاجة ؛ بعض من الأيتام لا يأكل الوجبة ويأخذها لبقية أفراد العائلة، وبعض من الحالات تهجم على الأكل بشكل محزن.

كما أشرت في مرات عديدة لا يظهر الفقراء والأيتام في شهر رمضان فقط ولكنهم موجودون طوال العام وعلى المتبرع البحث عنهم وإسعادهم ورعايتهم والتعامل معهم ومتابعة أمورهم ومنها التعليمية والصحية ودعم من يقومون على خدمتهم من أفراد ومؤسسات ومختصين في ذلك.

قد يحتاج اليتيم الفقير إلى الطعام واللباس ولكن ثمة العديد من المطالب الإنسانية والإجتماعية للفئات المهمشة من الأيتام وفي مناطق منوعة في الأردن، ويمكن التواصل من العديد من الجهات المعنية بذلك للتعاون في مجال كفالة اليتيم والتي تحتاج هي الأخرى إعادة فهم ؛ ليس المطلوب فقط التبرع بمبلغ محدد لليتيم، المطلوب تحقيق الكفالة بمعناها الأشمل والقرب للرعاية والإهتمام والمتابعة.

حدثني صاحب محل عن حجم المعاناة عند قدوم مجموعات من الأيتام لشراء ملابس للعيد ضمن اتفاق مسبق مع متبرعين أفاضل وضمن مبلغ معين لكل يتيم، كانت الصورة محزنة والوصف صعب لتصرفات الأيتام مع مرافقيهم من القائمين على حملات التبرع، فعلا نحتاج لمراجعة حقيقية وإنسانية للتعامل مع الأيتام بكرامة.

بالمقابل لا بد من الإشارة إلى بعض التجارب الناجحة للتعامل مع الأيتام والتفاعل مع قضاياهم طوال العام بيسر وسهولة وإنسجام وإدخال البهجة والسرور إليهم ضمن أشكال متنوعة من الهدايا والتحفيز والتكريم، وهذه التجارب بل المبادرات تحترم وتقدر لعنايتها بمشاعر وأحاسيس الأيتام، وبالمناسبة يمكن البحث عنها والعثور عليها بسهولة.

لرعاية الأيتام خصوصية وأهداف شرعية وقانونية وجوانب عديدة لا بد من الإهتمام بها والتعامل معها بحكمة وحرص وحسن تقدير، بل بمخافة الله–عزوجل–مصداقا للحث عن إكرام اليتم وما أجلها من صورة وسورة:«وَالضُّحَى (١) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (٢) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3) وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى (4) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (5) أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى (6) وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (7) وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى (8) فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (9) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ (10) وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11).

لا بد من إلغاء التصوير والدعاية الشخصية وتصرفات أخرى خلال موائد الإفطار للأيتام وعدم إضاعة أجر العمل في رياء ومنة، نرجو ذلك ونتمنى ونسعد قبل الأيتام ونفرح !.

fawazyan@hotmail.co.uk