على نحو مثير للشكوك والريبة في ما تحول إدارة بايدن تمريره او فرضه لا فرق, سواء في ما خص «تبييض» المذبحة التي يتوعّد مجرم الحرب نتنياهو وأركان مجلس الحرب, كما جنرالات جيش الفاشية الصهيونية, بإرتكابها في مدينة رفح الفلسطينية المُثقلة بأعباء وعذابات نازِحيها وساكنيها, تتكشّف مواقف الإزدراء الأميركي للقانون الدولي وكل ما يمتّ لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي بِصلة, وخصوصاً قوانين الحرب ومنع الإبادة الجماعية, التي أقرّتها اسرة الشعوب/الأمم المتحدة, مباشرة بعدما وضعتْ الحرب العالمية الثانية اوزارها.
ففي وقت زعمت فيه واشنطن انها تُعارض «هجوما» إسرائيليا على رفح, ما لبثت بعد ذلك بوقت فصير ان أعلنت ان «لا مانع» لديها باجتياح رفح ولكن بعد وضع خطة لتجنيب المدنيين مخاطر إجتياح كهذا, في مسعى منها للظهر بمظهر إنساني, لم تكن عليه أميركا في اي وقت من تاريخها وبخاصة في حروبها الكثيرة التي لم تكن ذات يوم عادلة او شرعية.
هنا يحضر الفيتو الأميركي «الرباعي», الذي لم تتردد إدارة بايدن في إستخدامه «أربع مرات», لإسقاط اي مشروع قرار قُدّم الى مجلس الأمن الدولي (هذا المجلس الذي طالما إزدرته الإدارات الأميركية المتعاقبة, عند شروعها في شن حروب أو إعتداءات على معظم دول العالم وبخاصة في المنطقة العربية, كما إفريقيا وأميركا اللاتينية وجنوب شرق آسيا/ فيتنام,لاوس, كمبوديا وكوريا الشمالية. كما شكّل «إمتناع» إدارة بايدن عن إستخدام «الفيتو» لإسقاط القرار/2728 هو أكبر «فضيحة» أميركية, تُضاف الى سلسلة تواطئها مع الدولة الصهيونية الإستعمارية, عندما أعلنت/ واشنطن على لسان أكثر من مسؤول في وزارة الخارجية كما البيت الأبيض وناطق مجلس الأمن القومي, بعد دثائق معدودات على صدور قرار مجلس الأمن بوقف النار (حتى نهاية شهر رمضان), أن القرار الأممي «غير مُلزِم» لحكومة وجيش الفاشيّين في تل أبيب.
ثم توالت التسريبات الأميركية المُبرمجة والمقصودة بذاتها ولذاتها, سواء كانت بالونات إختبار ام رمت الى تضليل الجمهور و«الشركاء», أم خصوصا اذا ما أردت/واشنطن تهيئة الأجواء لتمرير مشروع أو خطة ما, على النحو الذي جسّده إعلان بايدن نفسه «إعتزام» إدارته بناء رصيف عائم «مؤقت» على شاطئ غزة بمياهه «الضحلة», بهدف/ زعمَ بايدن/ توفير المساعدات الإنسانية لقطاع غزة, ضاربا عرض الحائط (عن قصد وسابق تصميم, ان هناك ميناء «أسدود» التجاري الدائم والمعتمد في إستقبال ومغادرة السفن التجارية (تصديرا واستيرادا) بتصنيفاتها المختلفة, الذي طالما كانت حكومة نتنياهو إعتمدته لإستقبال المساعدات الإنسانية, المرسلة للقطاع الفلسطيني المنكوب والمُحاصر إسرائيليا منذ 17 عشر عاماً.
وإذ اعربت دول عديدة.. منظمات وتنظيمات حقوقية, وأخرى سياسية وبرلمانية وخصوصا إعلامية, عن هواجس ومخاوف من خطورة مشروع أميركي كهذا, ورأت فيه محاولة صهيوإميركية لتهجير «ناعِمٍ» لسكان غزة, بعدما أعلنت معظم دول العالم معارضتها مشروع تهجير الغزيّين, الذي وضعته حكومة الفاشيين الصهاينة, فإن واشنطن ماضية في إقامة هذا الرصيف «المُفخّخ', الذي لن يكون جاهزا قبل اواسط شهر أيار المقبل, إن لم يكن بعد ذلك التاريخ, فيما الجوع وسوء التغذية يفتكان بأطفال ونساء وجرحى ومرضى والغالبية العظمى من سكان القطاع, ولم تتوقّف آلة الحرب الصهيواميركية للحظة عن قتل المزيد من أطفال ونساء القطاع وتدمير ما تبقى من مشافي وأبنية ومعالم في القطاع المنكوب.
ثمة «مفاجأ’» اميركية أخرى جرى تسريبها عبر صحيفة «بوليتيكو» الأميركية ذات المصادر والإطلاع الواسعين, أو قل ربما نجحت الصحيفة بجهود محرريها في الوقوف على هذا الخبر المثير للقلق, والذي يقول: أن مسؤولين في إدارة الرئيس جو بايدن, يجرون «محادثات» أولية حول خيارات «تحقيق الاستقرار» في غزة بعد الحرب، بما في ذلك «اقتراح للبنتاغون للمساعدة في «تمويل قوة مُتعددة الجنسيات أو فريق حفظ سلام فلسطيني». وقال مسؤول كبير في الإدارة ــ أضافت بوليتيكو ــ إننا نعمل «مع الشركاء على سيناريوهات مُختلفة», للحكم المؤقت والهياكل الأمنية في غزة, بمجرد «إنحسار الأزمة»، رافضا تقديم تفاصيل مُحددة. مُتابعا: لقد أجرينا عدداً من المحادثات مع كل من «الإسرائيليين وشركائنا» حول العناصر الأساسية لليوم التالي في غزة عندما «يحين الوقت المناسب».
كلام عمومي وملغوم بوضوح (رغم غموضه), يستبطن الكثير, خاصة ان إدارة بايدن هي التي صمُمته وستتولى «رعاية» تنفيذه وتحديد أسماء ومهمات الشركاء, واستبعاد دول وجهات إقليمية ودولية عديدة, خصوصا الأمم المتحدة وأي إطار يمكن إقتراحه, على نحو يعيد الى الأذهان «الإحتكار» الأميركي المطلق لما كان يُوصف «عملية السلام», التي إنتهت الى فشل ذريع', بل قل لـ«الدِقة» الى تمكين «إسرائيل» من إستكمال مشروع الضم الزاحف, الذي يوشك على الإنهاء.. للضفة الغربية المحتلة.
أما آخر الدعم الأميركي لـ«حل الدولتين» والسلام بين الفلسطينيين و»إسرائيل».. فقد تبدّى في صفقة طائرات «الشبح» من طراز F35 الأحدث في الترسانة الأميركية(عددها 25 طائرة)، إضافة الى قنايل ضخمة يصل وزنها الى «طن وأكثر» من المتفجرات. مع «تنويه» أميركي مهم» بان الجيش الصهيوني «لم» يحصل على «كل ما طلبه».
kharroub@jpf.com.jo