في ظل الترقب للانتخابات النيابية القادمة، فان الأحزاب الأردنية تقود حملة دؤوبة ومتسارعة لتوسيع قواعدها الانتخابية، من خلال زيادة عدد اعضائها وحشد الدعم بكافة أشكاله، في الفترة القصيرة المتبقية للانتخابات للوصول إلى قبة البرلمان في الفترة القصيرة المتبقية قبل الانتخابات.
والظاهرة البارزة في حركة بعض الأحزاب، انها لا زالت تلجأ إلى الخطابات المشحونة بالعواطف والكلمات الرنانة، التي تهدف إلى التلاعب بعواطف المواطنين بهدف الوصول إلى البرلمان، دون أن يكون لديها رؤية برامجية واضحة تلبي الاحتياجات الوطنية في الظروف الصعبة التي نمر بها. بحيث ينبغي أن تكون هذه البرامج واقعية وقابلة للتطبيق والمتابعة والقياس، تشارك في إعدادها مختلف شرائح المجتمع من الشباب والنساء والخبراء والفئات المهمشة أو الاقل حظا، كلا منهم حسب موقعه ومقدرته واختصاصة. لأن هذه البرامج الواضحة والمدروسة بعناية تعد أ?اسًا حاسمًا لجذب دعم الناخبين والانخراط في الحياة السياسية، وتشجيعهم على المشاركة في العملية الديمقراطية. وبالرغم من ماتقدم، لا يبدو أن هناك الكثير من البرامج الحزبية التي تأسست على الفكر السياسي البرامجي المنظم، الذي يستهدف العقل والمنطق وتلبية الاحتياجات، والذي يمكنه معالجة المشكلات المتعددة التي نواجهها في مجتمعنا، بما في ذلك الملفات الاقتصادية والصحية والسياسية، فضلاً عن العادات السلبية التي تنتشر في المجتمع. لان المفترض في البرامج الحزبية ان تسهم في تشكل الهوية الفكرية والتوجهات المستقبلية للحزب ثم لم?تمعه، حيث تحدد خريطة الطريق لتحقيق الوعود التي قدمها الحزب للمواطنين الأردنيين بشكل عام. فإن الشخص الذي يتم انتخابه يلتزم بتمثيل وتنفيذ عقيدة الحزب السياسية والتزامه بمبادئها، دون التحيز أو التخلي عن القرارات السابقة دون مبرر مقنع ومتفق عليه.
كما تهدف هذه البرامج أيضًا إلى إيجاد منصة مشتركة للأعضاء المختلفين وكذلك لتشكيل الكتل النيابة المستقبلية، وكذلك تقليل الانفرادية في الرأي والتخفيف من مظاهر المحسوبيات والشليلة.
إن الانتخابات القادمة تعتبر فرصة حاسمة للأحزاب السياسية، حيث يمثل النجاح في إدارة هذه العملية في قدرتنا على إقناع المواطنين بأهمية الانخراط في الحياة السياسية والانتماء إلى الأحزاب و تلمس مشاكله بكافة انواعها.وفشلنا في ذلك، لا قدر الله، سيعيدنا إلى المربع الأول وسيكون ضربة موجعة للمشهد السياسي وهو ما لا نتمناه. مؤكدين في نفس الوقت على أهمية توفير معايير اختيار داخلية واضحة و شفافة في الأحزاب السياسية لتحديد مرشحيها للمشاركة في الانتخابات. بحيث تتميز هذه المعايير بالشفافية الحقيقية والتركيز على الكفاءة، وال?مر، والجندر وتنوع الخبرات. وهذه المعايير، يجب أن تكون حقيقة و شفافة وقابلة للتطبيق العملي وتلامس تطلعات المواطن، بحيث لا تقتصر على أن تكون مجرد تصريحات رنانة أو خطط على ورق، ان وجدت أصلاً.
كما ينبغي علينا أن لا نقتصر في مهمة الحزب على الانتخابات النيابية القادمة فقط، التي تهدف إلى الوصول إلى الحكومة النيابية التي لا تزال بحاجة إلى الوقت لكي تنضج. يجب علينا أن نفكر مستقبلاً في بناء الهرم من القاعدة إلى القمة، وذلك من خلال مشاركة الحزب في انتخابات البلديات ومراكز الشباب ومجالس المرأة ومجالس اتحاد الطلبة، وغيرها من المؤسسات وذلك تعزيزاً للفكر الحزبي وزيادة ثقة المواطنين بالأحزاب والنهج الجديد.
نأمل أن لا تنتهي أو تتمضحل أحزابنا بمجرد انتهاء الانتخابات النيابية، إذا لم نفهم الصورة الشمولية بشكل متأن و عميق. بل نخشى أن تتصدع بعض الأحزاب حتى قبل خوض الانتخابات النيابية بمجرد الإعلان عن قوائم المرشحين للانتخابات النيابة القادمة.