كتاب

إصلاح إسرائيل أم إبادتها؟

لم يحن بعد وقت تفاعل ارتدادات زلزال عملية «طوفان الأقصى» التي قامت بها كتائب القسام، وما أعقبها من حرب إسرائيلية مدمرة على قطاع غزة، لكن بالتأكيد ستحدث تحولات جذرية في مسيرة الصراع الفلسطيني الصهيوني وعلى الصعيد العربي أيضا. والبداية ستكون داخل دولة الاحتلال، وهنا لا يعنيني المزايدات بين قادة الاحزاب والنخب السياسية الإسرائيلية، واستثمار ما حدث في الانتخابات القادمة، ذلك أن عملية طوفان الاقصى وما تمثله من اختراق أمني واستخباري وعسكري لا مثيل له منذ قيام دولة الاحتلال، تشكل خطرا وجوديا بالنسبة لهذا الكيان المزروع في الجسد العربي كورم سرطاني! وكانت أولى النتائج والتداعيات الأولية لهذا الطوفان، إحداث صدمة في الرأي العام الاسرائيلي، الذي لم يصدق أن دولته التي كانت تتباهى بأن جيشها «لا يقهر» بهذه الهشاشة! ولم تصمد أمام فصيل فلسطيني صغير، وأن كل ما فعلته حكومته بعد ذلك شن حرب انتقام وابادة جماعية ضد المدنيين العزل!

هذه الصدمة ستكون جرس إنذار لكي يستيقظ هذا المجتمع الاستيطاني، الذي قام على أسس عنصرية ونظرية خرافية رسمتها الحركة العنصرية، تقوم على قاعدة أن فلسطين هي «أرض الميعاد» لليهود، وانه لا وجود لشعب فلسطيني، لكن زلزال 7 اكتوبر 2023 قلب كل المعادلات التي كادت أن تصبح بدهيات!، وفق ما كرسته الحركة الصهيونية من ثقافة وتربية وتعليم في المناهج والسلوكيات، لجهة أن الشعب الفلسطيني مزروع في هذه الأرض ويؤمن ايمانا عميقا، بأن هذا وطنه تم اغتصابه بدعم وتواطؤ دولي!.

«المجتمع الاستيطاني» داخل هذا الكيان بدأ يصحو من أحلام اليقظة، على حقيقة أن الشعب الفلسطيني صاحب حق في أرضه، وأنه لا بد من الاعتراف بهذا الحق من قبل دولة الاحتلال، وأنه أمام ثلاثة خيارات مفصلية، الأول الضغط باتجاه إصلاح دولة الاحتلال وتغيير نظريتها العنصرية الاستيطانية التي تقوم على الغاء الآخر الفلسطيني، وبالتالي إجبار النخب السياسية الحاكمة بكل تصنيفاتها من اليمين المتزمت إلى اقصى اليسار بضرورة اقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس.

والخيار الثاني هو مواجهة تحدي وجودي لدولة الاحتلال قد يقود الى ابادتها وتفكيكيها..! أما الخيار الثالث، وهو اقامة دولة واحدة على كامل الاراضي الفلسطينية من البحر الى النهر، دولة ديمقراطية يتم انتزاع القوانين والثقافة العنصرية وشهوة الإبادة الجماعية التي كرستها دولة الاحتلال منذ إقامتها عام 1948، عبر المجازر المروعة التي ارتكبتها بحق الشعب الفلسطيني وأحدثها حرب الابادة التي يتعرض لها أهالي قطاع غزة!.

أما الشق الثاني من المعادلة فهو ضرورة إصلاح الوضع الفلسطيني نفسه، من خلال توسيع منظمة التحرير الفلسطينية لكي تكون ممثلة حقيقية لكافة أطياف الشعب الفلسطيني، وكذلك انضمام جميع منظمات المجتمع المدني بكافة اختصاصاتها ومسمياتها لمنظمة التحرير. وذلك يتطلب مراجعة جادة لمسيرة الكفاح الفلسطيني، خاصة بعد اتفاق اوسلو وما ترتب عليه من فشل وخذلان.

وأولى الخطوات باتجاه الاصلاح تكمن بتوقف قادة فتح وبعض المسؤولين بمنظمة التحرير في شكلها وتركيبتها الحالية، عن انتقاد المقاومة وتحميلها مسؤولية الكارثة الانسانية الناجمة عن العدوان الاسرائيلي على القطاع، والاعتراف بأن زلزال 7 أكتوبر هو الذي أعاد القضية الفلسطينية الى صدارة الاهتمامات العربية والدولية، بعد أن كانت خلال السنوات الماضية في الادراج يعلوها الغبار، وأن دولة الاحتلال تكبدت خسائر كبيرة في سرديتها التي كانت تسوقها في العالم وخاصة دول الغرب، بانها تدافع عن نفسها ضد ما تصفه بـ«الارهاب» الفلسطيني، وبعد أن ثبت للعالم خلال الحرب على غزة بأنها دولة ارهابية ترتكب مجازر وابادة جماعية، استيقظت نسبة كبيرة من الرأي العام الدولي واكتشفت الحقيقة!

Theban100@gmail.com