كتاب

تراجع جودة التعليم.. أين الخلل؟

أحد أهم الأختبارات الدولية لتقييم التعليم (PIZA) أشار إلى تراجع ترتيب الأردن في مستوى وكفاءة التعليم، ورغم أن الأختبارات الدولية ليست المؤشر الوحيد على جودة برامج التعليم في الدولة، غير أنه يمكن توظيف نتائجها في سياقات التقييم والتطوير، وتحديد أي محاور عملية التعليم (المعلم، المتعلم، المناهج الدراسية، الإدارة، وبيئة التعلم) يشوبها الخلل، وفي أي الأتجاهات يمكن أن توجه قاطرة التعليم التي تتعدد في هذا الوقت أمامها التحديات.

دراسات عديدة وخبراء تربويون أجمعوا على أن كفاءة المعلمين وما يمتلكون من فلسفة تعليمية عامل أساسي يتقدم على جميع ممكنات التعليم وجودته، وبالتالي فمراوحة آليات تعيين المعلمين مكانها سيبقي منحى التقدم في مستويات التعليم في تراجع على جميع المؤشرات والمقاييس العالمية، حيث ما زالت تعبئة الشواغر التي تعلن عنها وزارة التربية والتعليم في الأردن تتم باختيار من أصبحوا في مقدمة المنتظرين في قائمة التوظيف، وهم في الغالب لا يمتلكون أدنى مؤهلات العمل في ميدان التربية والتعليم، وإذا ما ذهبنا إلى أبعد من ذلك سنجد معظم من يتم اختيارهم لتعليم وتربية طلبة مرحلة رياض الأطفال والصفوف الثلاثة الأولى هم خريجو كليات التربية الذين يحوزون عادةمعدلات متواضعة في الثانوية العامة.

الدراسات التي اهتمت بالكشف عن خصائص المعلمين وسماتهم الإنفعالية واتجاهاتهم نحو التدريس في مدارسنا ومؤسسات التعليم المختلفة لدينا، أشارت إلى غياب الشغف لديهم، وضعف دافعيتهم للإنجاز، وفي مجال الكفاءة التدريسية والمهارات الفنية فالتقييم يشير إلى أمرين أولهما ضعف الكفاءة والمهارة، والأمر الآخر الميل للتقليدية والرتابة غير المنتجة في التدريس.

ما يجري داخل غرف التدريس في مدارسنا من أنشطة تعليمية يشكل في معظمه تضاد كبير مع المناهج الدراسية، فالمناهج الأردنية تقوم على الأستقصاء وأقتصاد المعرفة في حين ينحى معظم المعلمين للتلقين وتركيز العملية في أدوار مقصورة عليهم، إضافة لإجرائهم اختبارات تقيس كماً معرفياً دونما مهارت التفكير والبحث، ورغم توفر بيئات تعلم محفزة (مكتبة – مسرح – مختبرات- حدائق – ساحات) في معظم المدارس، تجد النسبة الأكبر من المعلمين لا توظف ذلك في التعليم.

ندرك ما يتسبب به شح موازنة وزارة التربية والتعليم في إعاقة التطوير وتحسين جودة التعليم وتأهيل المعلمين والإرتقاء بإمكاناتهم الفنية والمادية وزيادة الرواتب، وتحسين البيئة الصفية، ولكن هذا لا يمنع من تغيير بعض الإجراءات والسياسات وخاصة في آليات تعيين المعلمين وسياسات المسآلة، ووضع برنامج يعتمد التدرج في زيادات مالية على الرواتب إلى جانب نظام حوافز يرتبط بالإنجاز، ويمكن البدء بتطبيق ذلك في مرحلتي رياض الأطفال والصفوف الثلاث الأولى.

Rsaaie.mohmed@gmail.com