كتاب

أين بقية الاقطاب؟

ساد اعتقاد خلال السنوات القليلة الماضية، بأن العالم بدأ يتقاسم النفوذ في السياسة الدولية العديد من الأقطاب، وبشكل أساسي الولايات المتحدة الأميركية وروسيا والصين، لكن حرب الإبادة التي تتعرض لها غزة من قبل دولة الاحتلال والدعم الأميركي لها، تكذب وجود عالم متعدد الاقطاب.

وتؤكد أن أميركا لا تزال القوة المهيمنة على السياسة الدولية، وأن بقية الدول وخاصة روسيا والصين دورها هامشي، وتجيد فقط إصدار بيانات الإدانة والتعبير عن القلق!

من البدهي القول أن دول عديدة مستفيدة من تعدد الاقطاب في عالم مضطرب، تتنازعه المصالح الاقتصادية والعسكرية، فرغم كثرة القواعد الاميركية في الشرق الاوسط وفي عشرات الدول حول العالم، لكن المؤسف أن واشنطن تعتبر إسرائيل القاعدة الرئيسية التي تمثل مصالحها في المنطقة، بل وكأنها إحدى الولايات الأميركية، فهي عملياً تقوم بحماية المصالح الأميركية، من خلال إفشال أي محاولة جدية لتعزيز التضامن العربي، استخدام القوة العسكرية والتدمير المنهجي لأي قوة عربية تحاول النهوض، كما يحدث في قطاع غزة منذ 7 اكتوبر – تشرين الاول الماضي? حيث تشن حرب إبادة غاشمة على سكان القطاع وتدمير كل مقومات الحياة، بروح الانتقام والثأر رداً على عملية «طوفان الاقصى» التي قامت بها كتاب القسام. وكانت عبارة عن صرخة في وجه الحصار الظالم المستمر منذ نحو 16 عاما.

لا نلوم دولة الاحتلال على ما تقوم به، فهي كيان قام على أساس عنصري استيطاني، وفقا لايدولوجية صهيونية –تلمودية، تعتبر فلسطين أرض الميعاد لشعب بلا وطن، متجاهلة حقيقة راسخة وهي أن الشعب الفلسطيني موجود في هذه الأرض منذ آلاف السنين حتى العديد من رموز الكيان الصهيوني قدموا إلى فلسطين كلاجئين بتأشيرات فلسطينية، لكن دولة الاحتلال تم إقامتها بمؤامرة بدأت منذ صدور وعد بلفور عام 1917 من قبل بريطانيا، التي قامت خلال فترة انتدابها على فلسطين بتقديم كل التسهيلات والدعم لإنشاء دولة الاحتلال عام 1948، وبعد ذلك تولت رعاية ?ذه الدولة الولايات المتحدة الأميركية، من خلال تقديم كل أنواع الدعم العسكري والاقتصادي والسياسي والدبلوماسي، وأحدث ما فعلته ولا تزال واشنطن إقامة جسر جوي عسكري، لدعم العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة، فضلا عن نشر حاملات الطائرات والغواصات والسفن الحربية، باعتبار اسرائيل قاعدة عسكرية متقدمة في المنطقة تقوم بدور وظيفي خدمة للمصالح الأميركية.

المشكلة الحقيقة ليست في إسرائيل وأميركا فثمة علاقة عضوية بين الطرفين، لكن القصور هو في سياسات ومواقف بعض الدول العربية، حتى ايران تتباهى بأنها تسيطر على دول في الإقليم، من خلال ميليشيات طائفية تعبث بأمنها وتخرب نسيجها الاجتماعي بتعميق الانقسامات المذهبية، ولو كان هناك حد أدنى من التضامن والعمل العربي المشترك لاختلفت الصورة، فهناك الكثير من الأوراق الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية لو تم استخدامها بالحد الأدنى لاختلفت الصورة.

وعلى ذلك من العبث اعتماد بعض دول الإقليم على فرضية تعدد الأقطاب في العالم، فنحن في عالم تحكمه المصالح فقط ولا قيمة فيه لأخلاق وقانون وشرعية دولية!!