طال أمد الحزن في كنائس فلسطين وألغيت مظاهر الاحتفال منذ سنوات، كانت كورونا البداية ثم العدوان على غزة مقرونا بكل مشاهد الدمار والقصف والموت في أرجاء غزة مقابل مقاومة وطنية مخلصة.
دعوات وصلوات فقط، هذا ما تم إعلانه من قبل مجلس الكنائس في الأردن بمناسبة عيد الميلاد المجيد والسنة الميلادية الجديدة تضامنا مع الأهل في غزة وفلسطين، وتعاطفا مع مشاعر الحزن والفقدان والألم والحرمان من الحق الإنساني على أرض السلام وميلاد السيد المسيح.
ترى كيف يكون الفرح والاحتفال بعيدا عن الشعور الإيماني مع أصحاب القضية العادلة وجوهر وأصل الحكاية والرواية الحقيقية: هي الأرض والرسالة المقدسة والبركة التي تغلف المؤمنين في باحة المجد.
ينظر الأردن بكل مودة وعرفان وإيمان صوب كنائس غزة وفلسطين وكذلك ذات الأمر للقدس ودرب الآلام ومساجد وصوت الحق والشرعية والوعد والرسالة في رحاب كنيسة المهد والقيامة والأقصى وبيت لحم وترانيم عيد الميلاد والبحث عن الفرح الحقيقي يوم يعود الحق لأصحابه المؤمنين.
عندما تضيق النفوس ويعظم الألم وتتكاثر الأوجاع والأحزان، نلجأ إلى الله وندعو ونصلي من أجل رفع الغمة عن أطفال ونساء وشيوخ غزة وفلسطين والذين لا يملكون سوى اليقين والثقة والأمل بالله بعد هذا الظلام الدامس والاحتلال البغيض.
كمّ كان جميلا مظهر الاحتفال بعيد الميلاد في أروقة القدس وغزة وفلسطين وفي الأردن وعمان والفحيص والحصن وسائر الأماكن التي فيها بيوت الله مشرعة للمحتفلين بقداسة يوم ولد السيد المسيح ورسالة السماء بالسلام والخلاص !.
وها هوالاحتلال يمنع الاحتفال بعيد الميلاد مرة عندما يضيق على المصلين من أنحاء فلسطين الوصول إلى كنيسة المهد وبيت لحم وثانية عندما اغتال الفرح من قلوب الجميع وحسرتهم على ما يحدث تحت الركام والأنقاض لجثث الأبرياء وسط نظر وسمع العالم.
لا كلمة في عيد الميلاد المجيد سوى للدعاء والصلاة من أجل من يتطلع إلى وقف إطلاق النار فورا وقبل أي شيء حتى ينعم أصحاب العيد بالمعنى السليم لولادة السيد المسيح وأمه مريم في بيت لحم ورسالته السماوية الخالدة.
لا بهجة وسرور طالما يجثم الاحتلال على الصدور ويمنعها من التنفس والحرية والعدل والسلام في أرض ومهد السلام والذي كان قبل الجميع وظل للجميع منارة؛ عمد في نهر الأردن واجتاز العالم برسالة المحبة والرحمة والنور.
كمّ نشتاق إلى تلك الأجواء من الفرح الأردني حين يمتزج السرور مع الجيران ورفاق الصبا وأصدقاء العمر وتبادل التهنئة وتناول الحلويات والمشاركة في الزيارات الأخوية وتفقد الجميع دون استثناء، كان العيد بمثابرة فرصة لتعزيز الصداقة والبحث عن معنى الوفاء والمودة المتبادلة وكسب عبارات الثناء وخصوصاً من الجدات تلك اللواتي كن يعرفن الجميع عن ظهر قلب ويفتقدن من يغيب في يوم العيد.
في عيد الميلاد المجيد ومطلع السنة الجديدة ندعو ونصلي ونلتزم بعدم الاحتفال بمظاهر خارجية وندخر ذلك في النفوس لأجل أطفال ونساء وشيوخ غزة وفلسطين وما تبقى من معنى العيد في منازلهم ومستشفياتهم وكنائسهم ومساجدهم وفي صور سوف يشهد التاريخ بأنها كانت الأبشع في عمر البشرية.
أتذكر الآن بالتحديد من تربطني بهم صداقة العمر وواجب المعايدة من اسماء وشخصيات راقية بكل معنى الكلمة، تسابقني في كل عيد للاتصال والاطمئنان والسؤال عن الوالدة والأهل، فلهم مني اليوم بطاقة وباقة من نور المناسبة وبريقها الذي لن يخفت، سوف ينير النفوس ودرب من يؤمن بالخلاص من نير الاحتلال ومن يطلق جرس الكنيسة ومن يرفع الأذان ليعلو صوت الحق: عيد ميلاد مجيد بالنور والسلام، وسنة جديدة بروح الإيمان، كل عام والجميع بمحبة وغبطة وسرور.
fawazyan@hotmail.co.uk