ما يزال الراحل الحسين -طيب الله ثراه- بيننا نحن جيل من عاصر فترة حكمه ومسيرة بناء الأردن الإنسان والدولة والمؤسسات وتعزيز التنمية والمساهمة الخيرة للخبرات الأردنية في الدول العربية والعالمية.
تصادف ذكرى ميلاد الحسين في 14 من تشرين الثاني والتي غالبا ما تشهد وترافق أمطار الخير والعطاء والأغنيات المنطلقة من الإذاعة والتلفزيون وصور من حياة الحسين ونشأته بين شعبه في عمّان وتسلم سلطاته الدستورية والعمل على حماية الأردن من تحديات عديدة وكثيرة ضده.
عايشنا وعشنا مع الراحل الحسين أبا وقائدنا ورائدا لسنوات أردنية خدم فيها الجد والابن والحفيد مع ثنايا تفاصيل بناء الأردن وقد كان سيدنا جلالة الملك عبد الله الثاني جزءا منها وشهد مسيرة العطاء والفداء والحكمة والرؤية الأردنية للمستقبل.
ما تزال عبارات ونظرات وخطوات وحتى ضحكات وعفوية الراحل الحسين في كل موقع من رحاب الأردن ومسيرته سواء الشخصية منها والرسمية، وما تزال الكثير من الشواهد حاضرة لزيارته والتفاف أفراد الشعب حوله والتسابق للسلام عليه وبث محبتهم وبوحهم ورسائلهم والتي كان يحرص كل الحرص على متابعتها باهتمام وعناية.
وما تزال مواقفه بيننا خالدة ومنها على وجه التحديد استقبال المرحوم الشيخ أحمد ياسين والضغط على إسرائيل من أجل خالد مشعل عندما خططت لاغتياله وما تزال تفاصيل فلسطينية عزيزة تحكي عن مشواره مع الأهل في فلسطين بشوق ومودة وتقدير لا مثيل له.
انتقاء الرجال والتعامل معهم كرجال دولة سمة من خصال الحسين الراحل لاستقطاب الكفاءات الأردنية القادرة على المساهمة في مسيرة البناء في الأردن والتحضير للمستقبل واستيعاب قصة الأردن بما يحيط به من تحديات وعقبات.
حين شهدت عمّان مولد الأمير الهاشمي الحسين بن طلال، عم الفرح الأرجاء وانطلقت الزغاريد في الأجواء وخصوصا لدى الملك المؤسس عبد الله الأول والذي اكتشف في شخصية الحسين صفات تؤهله لأن يكون قائدا في المستقبل، والملك طلال وعموم العائلة الهاشمية؛ ولد بنباهة وذكاء واضح وشخصية مميزة، ومضت معه قصة الأردن تروي عن نفسها باقتدار من جهة، وبالعديد من المواجهات والمؤامرات والحقبات الصعبة والدقيقة من تاريخ الأردن من جهة أخرى.
هي الذكرى وهو الحسين عمن نتحدث ونسرد من صفحات كتاب الأردن والذي بناه الحسين بجهد ومحبة وإخلاص للأردن وشعبه الوفي، فأنجزا معا مسيرة واثقة ودولة تستمد قوتها من وحدتها الوطنية وتغلبها على العقبات كافة.
ذات مرة قيل للحسين وقد كانت الأحداث متوترة في المنطقة: لماذا تراهن دوما على كسب الأردن في النهاية للجولات، فأجاب بثقة: لأن الشعب هو الذي يحمي الإنجاز ويحافظ عليه دوما.
يحكى عن الحسين الكثير من المناقب والذكريات سواء عندما كان تلميذا في الكلية العلمية الإسلامية ينمو ويكبر وعمّان وفي مراحل لاحقة وتسلمه سلطاته الدستورية وقيادته الأردن نحو مشارف النمو والتنمية وبناء الذات والمنعة والاستقرار والتمتع بالأمن والأمان والازدهار والتقدم والرخاء.
على خطى الحسين يمضي جلالة الملك عبد الله الثاني -حفظه الله ورعاه- يشيد الأردن بمسيرة التطوير ومواكبة التحديث وتعزيز الإنجاز بحكومات حزبية والحرص على إشراك الشباب والمرأة في مضمون ذلك بثقة وقوة وإصرار.
كنا وجيلنا الممتد من بداية الستينيات نشهد الاحتفال بيوم الشجرة وإطلالة الحسين وغرسه شجرة مع أفراد العائلة الهاشمية، ولهذا أدعو وهذا العام بالتحديد غرس شجرة باسم الحسين في أرجاء الأردن لتنمو باسقة وتظلل ربى الأردن كما فعل المرحوم الحسين رحمه الله.
في ذكرى ميلاد الحسين نقرأ الفاتحة على روحه ونهتف عاش الأردن وحفظ الله أبا الحسين والحسين بكنفه وكريم رعايته وعنايته.