لا يُعقل أن يقف العالم المتحضر موقف المتفرج من الجرائم والفظائع التي ترتكبها اسرائيل ضد المدنيين والعزل في غزة، ومن المعيب أن لا يحرك المجتمع الدولي ساكناً إزاء قتل الأطفال والنساء والشيوخ بدم بارد والخروج عن قواعد ومبادئ إنسانية لم ينتهكها سوى القتلى والمأفونين عبر التاريخ، تمثلت في تدمير دور العبادة والمستشفيات والمدارس ومساكن المدنيين.
هذه الغطرسة الإسرائيلية التي أعتاد عليها العالم في القتل والتهجير، لا تفهم إلا من باب أنَّ قادة إسرائيل يدركون أنهم ليسوا أصحاب حق في هذا الصراع، وأنهم محتلون وحتماً سيأتي يوم ويغادرون هذه الأرض التي أغتصبوها من أصحابها الحقيقيين، وفي المقابل لا يكون الصمود والتضحية التي يقدمها الشعب الفلسطيني إلا من شعب يؤمن بقضيته وأنه صاحب حق، وأن التضحيات من الشهداء والجرحى والمهجرين وهدم البيوت والجوع والتشريد سيجني مقابلها طرد المحتل وتحرير كامل الأرض الفلسطينية.
إنَّ ما يجري في غزة من جرائم حرب وما يتم نشره عبر وسائل التواصل الاجتماعي لفت أنظار الشعوب والعالم أجمع إلى عدالة القضية الفلسطينية وحجم ما يواجه هذا الشعب من ظلم وتعدٍ صارخ من قبل إسرائيل ومن يقف إلى جوارها وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية، ودليل ذلك المظاهرات والوقفات الإحتجاجية في العديد من دول العالم، رغم ما تمارسه ماكينة الإعلام الإسرائيلي والأميركي من تظليل وتزوير للحقائق والوقائع.
إن غزة وصمود أهلها بات يفضح إنحياز الولايات المتحدة الأميركية لماكينة القتل الإسرائيلية، ويكشف كذلك زيف المبادئ الأميركية وإيمانها بحقوق الإنسان ونشر السلم والعدل بين شعوب العالم، لقد عمقت الأحداث الجارية في قطاع غزة وما رافقها من تصريحات ومواقف لقادة الولايات المتحدة وفي مقدمتهم الرئيس بايدن حجم السيطرة الإسرائيلية على دوائر القرار الأميركي، حتى أنهم باتوا غير قادرين على الضغط على إسرائيل للسماح بمرور ما يكفي من المساعدات الإنسانية للمدنيين في غزة، كما لاحظنا تصريحات بايدن بنفي الأخبار التي تؤكد قصف إسرائيل للمستشفى المعمداني.
الموقف الأمريكي الداعم للممارسات الإسرائيلية في غزة والأراضي المحتلة كان له تاثير كبير على الموقف العالمي أتجاه ما يجري في غزة، حيث سارعت الولايات المتحدة الأمريكية لإعلان دعمها للعدوان الأسرائيلي على غزة، وإرسال الدعم العسكري واللوجستي، إلى جانب زيارة الرئيس الأميركي بايدن لإسرائيل وتقديم كل ما من شأنه تعزيز قوة اسرائيل، الشيء الذي دفع العديد من دول العالم إلى المضي قدماً في الوقوف إلى جانب إسرائيل. واليوم ورغم أن العالم أجمع يشاهد أن ما تقوم به إسرائيل ليس دفاعاً عن النفس بل هو قتل للأطفال والأبرياء من المدنيين وتدمير كل مظاهر الحياة لا زال قادة هذه الدول يساندون ماكينة القتل الإسرائيلية ويمعنون في خذلان الشعب الفلسطيني الأعزل والمحاصر في ظروف غير إنسانية.
Rsaaie.mohmed@gmail.com