كتاب

مقابلة الملكة رانيا.. مدرسة في الخطاب الإنساني والإعلامي

في ظل الحرب الإسرائيلية على غزة، ومحاولات وضعنا كعرب ومسلمين في دائرة الاتهام، حيث علينا أن نبرر ونعتذر عن كل شيء، جاءت مقابلة جلالة الملكة رانيا المعظمة والتي يجب أن تدرس في علم الاعلام والسياسة والخطاب.

حاولت صحفية السي إن إن، كريستين أمان بور، وضع جلالة الملكة في مربع التبرير، عبر طروحات الخطاب الإعلامي الغربي المتحيز، وهو ما رفضته جلالة الملكة، والتي أكدت أن القصة لم تبدأ في 7 أكتوبر، بل هي قصة تبلغ من العمر 75 عاما، فيها قتل وتهجير للشعب الفلسطيني، وهي قصة احتلال تحت نظام فصل عنصري يحتل الأرض ويهدم البيوت ويصادر الأراضي، يقوم بتوغلات عسكرية ومداهمات ليلية.

الإعلام الغربي المتواطئ مع الاحتلال يضيع السياق ويصوره على أن الفلسطينيين هم المعتدون، ولكن جلالة الملكة قالتها بوضوح إن » السياق المفقود من السرد هو أن قوة إقليمية نووية تحتل وتقمع وترتكب جرائم يومية موثقة ضد الفلسطينيين. ولفترة طويلة، حياة الفلسطينيين مفقودة من الرواية».

وعندما سألت الصحفية جللة الملكة عن ما شعرت به في 7 أكتوبر، أكدت جلالتها على موقف الأردن بإدانة قتل أي مدني، سواء كان فلسطينيا أو إسرائيليا، وهو أيضا موقف الإسلام، فالإسلام يدين قتل المدنيين.

وكما ذكر جلالة الملك عبدالله الثاني -في مؤتمر القاهرة للسلام- فإن العهدة العمرية التي صدرت على أبواب القدس منذ 15 قرنا، أي ألف سنة من قبل صدور اتفاقيات جنيف، تأمر المسلمين بعدم قتل امرأة أو طفل أو مسن وعدم قطع شجرة أو إيذاء راهب. وأكدت جلالة الملكة أننا نؤمن بقواعد الاشتباك هذه خلال الحرب، لكنها تحتاج إلى أن تطبق من قبل الجميع.

وتساءلت جلالة الملكة لماذا لا توجد إدانة متساوية لما يحدث الآن؟ وفي الأسابيع الماضية شهدنا معيارا مزدوجا صارخا في العالم.

كريستين أمان بور كانت هجومية ومستفزة في تبنها للرواية الإسرائيلية، لكن جلالة الملكة قلبت الطاولة ووضعتها في موقف الدفاع، عندما ذكرتها بنشر سي إن إن خبر «أطفال إسرائيليون تم العثور عليهم مذبوحين في كابوت إسرائيلي»، وعند قراءة بقية الخبر، فإنه لم يتم التحقق منه بشكل مستقل. وسألتها «هل كنتم لتنشروا مثل هذا الادعاء المدين من غير التحقق لو كان من قبل فلسطيني؟ ».

جلالة الملكة رفضت أن نكون كعرب ومسلمين في موضع الامتحان دائما، وتساءلت «ماذا عندما يمثل أحد القضية الفلسطينية يجب أن تمتحن إنسانيتهم في بداية المقابلة، وعليهم تقديم أوراق اعتمادهم الأخلاقية بإجابة سؤال: «هل تدين'؟ بالمقبل نحن لا نرى مطالبة المسؤولين الإسرائيليين بالإدانة؟ وحتى عندما يتم ذلك، يتقبل الناس بسهولة حقنا في الدفاع عن أنفسنا.

وقالت جلالة الملكة «لم أر مسؤولا غربيا قط يقول هذه الجملة: للفلسطينيين الحق في الدفاع عن أنفسهم، ولذلك فإننا نرى هذا. حتى في الديمقراطيات الغربية، يبدو أن حرية التعبير هي قيمة عالمية إلا عندما تذكر فلسطين».

مقابلة جلالة الملكة رانيا هي الخطاب الإعلامي الذي نحتاجه في وجه التحيز الغربي، وهو الخطاب الذي يجمع قوة الحجة والثقة بالحضارة العربية والإسلامية وقيمها، والإنسانية التي ترفض المساس بحياة جميع المدنيين.