كتاب

التحشيد إلى الحدود إضعاف لموقفنا.. وخدمة للمحتل!

الدعوات التي أطلقتها بعض القوى الحزبية والسياسية الأردنية لتحشيد بعض الشباب المتحمس والمنفعل للتضامن مع المقاومة الفلسطينية في غزة، والتظاهر اليوم الجمعة في مناطق «الحدود»، مع دولة الاحتلال في الأغوار، تعكس موقفاً عاطفيًا وانفعاليًا للتضامن مع الأهل في غزة، لكنه يستوجب التوقف على بعض المخاطر والمحاذير على الأمن الوطني الأردني، والتي يجب أخذها بعين الاعتبار لدى قيادات الأحزاب وهذه القوى، ذلك أن مخططات الاحتلال تسعى جاهدة لابتلاع غور الأردن، عبر بناء جدار عازل يسعون إليه بدعم عالمي، فهذه الانفعالات التي نشهادها، حتما ستخدم نظريات الاحتلال ومطامعه ببقاء جيشه في منطقة الاغوار بذريعة حماية حدوده.

أولها: أن موقف الأردن الذي يقوده جلالة الملك لنصرة الشعب الفلسطيني يتقدم كل المواقف، ويتعامل مع العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في غزة بكل حزم وصلابة على المستويات كافة. وقد نجح جلالته في حشد رأي عام دولي لمناصرة الأهل في فلسطين الذي يتعرض لمجازر في غزة. كما تم بناء موقف عربي موحد بالتنسيق الكامل مع السلطة الوطنية الفلسطينية وجمهورية مصر العربية يدعمه موقف عربي قومي وإسلامي ودولي لوقف العدوان على شعب غزة.

وثانيها: بعد الضربة الاجرامية على المستشفى المعمداني في غزة واستشهاد المئات من المدنيين الابرياء من ابناء الشعب الفلسطيني، اعتذرت الدولة الأردنية ممثلة بجلالة الملك عن عقد قمة رباعية كانت مقررة أمس في عمان برعاية جلالة الملك بحضور الرئيس الأميركي بايدن والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي والرئيس الفلسطيني محمود عباس، وذلك بهدف تحفيز الرئيس الأميركي ونفوذه لدى إسرائيل لوقف هذه الحرب البشعة ضد غزة، ورفض كل المخططات الإسرائيلية للتهجير القسري للفلسطينيين من غزة الى مصر ومن الضفة إلى الاردن، وبعد الجريمة بقصف المستشفي الغى جلالة الملك عقد القمة في عمان تعبيراً عن موقف كل الشعب الاردني والفلسطيني والعربي الرافض للغطرسة الاسرائيلية وللدعم اللامحدود لإسرائيل.

وثالثها: أن هذه المواقف القومية الاردنية لا يستطيع أن يزاود عليها أحد، إلا إذا كان مغرضًا للمساس بالوحدة الوطنية الاردنية.كما انه من الواجب التاكيد بان الامن الوطني الاردني وحماية الاردن من اي اخطار خارجية تبحث عن مبررات للمساس بامنه واستقراره، مرفوضة جملة وتفصيلا، وتحت اي حجج ومسميات وأيديولوجيات حزبية مختلفة.

ورابعها: أن جيشنا العربي الأردني وأجهزتنا الأمنية تلقي الليل بالنهار ساهرة ومتحفزة لأي متربص بأمن الاردن، وهاهي على طول الحدود تواجه الإرهابيين وتجار وتهريب المخدرات وتهريب الأسلحة، وكذلك عل طول الحدود مع إسرائيل تراقب وتمنع أي محاولات إسرائيلية لتهجير أو طرد الاشقاء الفلسطينيين من أرضهم التاريخية إلى شرقي النهر، كل ذلك لحفظ هذا الوطن أمناً مستقرًا ودائمًا بعون الله.

وخامسها: أن أي خروج على القانون أو محاولات تحدي للتعليمات الرسمية للدولة الأردنية، يعتبر نوعاً من التمرد الذي يجب وقفه فوراً، لأن هذا التحشيد له مردود واحد وهو إضعاف الموقف الأردني في دعم الاشقاء الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية المحتلة والقدس الشريف.

إن الأردن وأمنه واستقراره ومواقفه القومية في الدفاع عن القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني، أمر مقدس لدى جلالة الملك والمؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية، ولكل الشرفاء ابناء الشعب الأردني من مختلف منابتهم وأصولهم، وأي تجاوزات مقصودة أو غير مقصودة هي خطيئة لا بل جريمة في هذه الظروف الاستثنائية والأمنية التي تواجهها القضية الفلسطينية، تستوجب التراجع عنها أولاً أو العقوبة أمام القانون.

إن العمل الحزبي في الأردن الذي يخطو بقوة إلى الامام وبتوجيه ورؤية جلالة الملك للإصلاح السياسي، ليس بحاجة إلى انتكاسات بسبب بعض الأفراد أو الجماعات وتصرفاتهم غير المسؤولة التي يجب التراجع عنها أو وقفها بكل الوسائل.

Rzareer@hotmail.come