مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية وتأهب الأحزاب لتحضير قوائم مرشحيها وبرامجها الانتخابية وفق مشروع تحديث المنظومة السياسية، يبدو واضحا غياب الشأن الطبي والصحي عن اهتمام الأحزاب.
الأجندة الصحية أساسية في البرامج الانتخابية للأحزاب في الدول الديمقراطية، فمثلا في الولايات المتحدة كان مشروع الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما لتوسيع التغطية الصحية أحد اهم محاور حملته، التي حملته في النهاية للبيت الأبيض لدورتين.
في وطننا الغالي هناك العديد من القضايا الصحية الملحة، مثل ارتفاع نسب الأمراض المزمنة والسمنة، وهروب الكفاءات من القطاع الحكومي، وتشجيع السياحة العلاجية التي هي مصدر دخل للاقتصاد الوطني، وتوسيع التأمين الصحي.
هذه القضايا تحتاج حلولا عملية، إذ لا يكفي مطالبة الحكومة بزيادة رواتب الأطباء وحوافزهم، بل يجب أيضا تفصيل مصادر تمويل هذه الزيادات، وهل ستنعكس فعلا في زيادة جودة الخدمات الطبية المقدمة.
ما يدفعه المواطن الأردني كرسوم للتأمين الصحي الحكومي قليل مقارنة مع الخدمات التي يحصل عليها، ويجب أن تعمل الأحزاب على دراسة الطرق لزيادة التمويل للقطاع الصحي الحكومي بما يكفي لتطويره.
بالمقابل يجب ان تكون الأحزاب واضحة أيضا في أن جزءا من المشاكل التي تعيشها المنظومة الصحية هو ناجم عن سلوكيات خاطئة من بعض المواطنين، مثل مراجعة المراكز الصحية للحصول على الأدوية والعلاجات والمضادات الحيوية دون حاجة، والتعامل مع الدواء الحكومي بعقلية «التكسب»، فكل شيء من الحكومة خير وبركة!
أيضا من الضروري أن تشمل برامج الأحزاب مقاربات لتنظيم القطاع الطبي الخاص، سواء العيادات أو المستشفيات، بما يضمن حقوق المرضى، ويحمي أيضا الطبيب وحقوقه.
دائما الهروب إلى الشعارات مؤشر على الخواء، ولعل الانتخابات القادمة تكون فرصة لأحزابنا حتى تتجاوز «الكليشيهات» المكرورة عن الفساد والمؤامرات، وتقديم أجندة علمية محترمة تخدم المواطن الأردني وصحته.