تلعب المتاحف الفنية دورًا حيويًا في المجتمعات فهي مستودع الفن والثقافة والتاريخ لتلك المجتمعات. تحفظ المتاحف وتحمي وتعرض الفن من مختلف العصور والثقافات، وبالتالي تقدم لمحة عن التجربة الإنسانية عبر العصور. تطورت أدوار المتاحف الفنية بمرور الوقت وتغيرت. لكن أهميتها ظلت ثابتة وتبقى ثابتة.
الثلاثاء الماضي، وبرعاية ملكية من جلالة الملكة رانيا العبدالله افتتح في المتحف الوطني الاردني للفنون الجميلة فضاء فنيا جديدا في عمان. «وجدان فضاء فني» مساحة للتفاعل مع الفنانين والجمهور تم تدشينه كخطوة نوعية نحو مزيد من التفاعل بين المتحف والجمهور. تتمثل أحد الأدوار الأساسية للمتاحف الفنية في الحفاظ على الفن والاعمال الفنية، حيث تقوم المتاحف بجمع تلك الأعمال وحفظها وعرضها للجمهور، وهذا يوفر بيئة آمنة ومأمونة للحفاظ عليها وديمومتها. وتهتم المتاحف الفنية بالأعمال الفنية من خلال التحكم في الظروف البيئية والإضاءة والرطوبة لضمان بقائها في حالة جيدة لسنوات قادمة. من خلال القيام ذلك، تضمن المتاحف الفنية للأجيال القادمة الاستمتاع بهذه الأعمال الفنية والتعلم منها وهو دور آخر من أدوار المتحف يقدمة المتحف الوطني عمان والكائن في جبل اللويبدة.
تثقيف الجمهور هو دور أساسي من أدوار المتاحف، حيث توفر المتاحف الفنية مساحة للزوار للتعرف على الفن والتاريخ والثقافة. من خلال المعارض والمحاضرات والبرامج التعليمية، توفر المتاحف فرصة للتعلم والتفاعل مع وجهات نظر وأفكار مختلفة. كما تعرض المتاحف الفنية للزوار ثقافات مختلفة مما يسمح لهم استكشاف وتقدير أنماط وطرق الحياة المختلفة لدى الشعوب الأخرى. ويعزز هذا العرض التفاهم الثقافي والتسامح، وهو أمر ضروري في عالم اليوم يقوم به المتحف الوطني عن طريق عقد ندوات ولقاءات من خلال «نادي الحوار الفني». الذي يستضيف الفنانين على هامش المعارض للحديث عن اعمالهم وتجاربهم.
من هنا تعد المتاحف الفنية أيضًا منصة للفنانين لعرض أعمالهم. فهي توفر مساحة لهم لعرض أعمالهم والوصول إلى جمهور أوسع وتلقي ردود الفعل النقدية حول أعمالهم. ويمكن للمتاحف الفنية أيضًا أن تعمل كمحفز للفنانين، وهو ما يسعى اليه المتحف الوطني، حيث تلهمهم لإبداع أعمال جديدة ودفع حدود إمكانياتهم من خلال المعارض وإقامات الفنانين. كما وتدعم المتاحف وتشجع الفنانين الناشئين والاساتذة، وتساعدهم على الوصول إلى آفاق جديدة في حياتهم المهنية الفنية.
وللمتاحف الفنية أيضًا مساهمات في الاقتصاد. فهي تجذب السياح وتدر عائدات للمجتمع المحلي. كما توفر المتاحف فرص عمل، ليس فقط للقيمين، ولكن للفنانين والمعلمين والحرفيين وموظفي الدعم والمجتمع المحيط بالمتحف. ولا ننسى ان المتاحف كانت دوما مصدر فخر للمدن التي تحتضنها. والمتحف الوطني للفنون الجميلة معلم ثقافي لمدينة أو منطقة معينة.
علاوة على ذلك، تعد المتاحف الفنية مهمة أيضًا لتعزيز التنوع والشمول. فللمتاحف القدرة على عرض الأعمال الفنية من مختلف الثقافات ووجهات النظر. بالاضافة ايضا الى جذب الانتباه إلى المجموعات غير الممثلة تمثيلا عادلا في المجتمع وعرض قصصهم. ومن خلال تقديم مجموعة متنوعة من الأعمال والرؤى الفنية، يمكن للمتاحف تحدي الروايات السائدة غير العادلة وتعزيز فهم وقبول طرق الحياة والتوجهات الفنية الحديثة والمختلفة. وهذا بدوره يؤدي الى تحفيز الإبداع والابتكار في مجالات أخرى فنية، حيث يمكن للفن أن يلهم أفكارًا وطرق تفكير جديدة. ومن خلال تعريض الزوار لأنماط وحركات فنية مختلفة، يمكن للمتاحف ومختبراتها أن تطلق أفكارًا جديدة وإبداعًا في مجالات مثل العلوم والتكنولوجيا والتصميم.
تقدم المتاحف الفنية أيضًا بشكل عام برامج تعليمية وتدريبية توفر فهماً أعمق للفن. تم تصميم هذه البرامج لتثقيف الزوار حول الفن وسياقاته التاريخية والثقافية والاجتماعية. تشمل البرامج التعليمية الجولات والمحاضرات وورش العمل والدورات. جولات المتحف هي جولات إرشادية توفر مقدمة عن المتحف ومجموعاته. المحاضرات عبارة عن عروض تقديمية تقدم رؤى حول الفن وسياقاته، مما يوفر فهمًا أكثر عمقًا للفن. وفي هذا السياق ومن خلال مساحة «وجدان فضاء فني» يقدم المتحف الوطني قريبا من خلال دورات وورش عمل خبرات عملية في الفن وتقنياته ومجالاته. ونذكر هنا دورات الخزف والرسم والنحت وفنون الحفر والطباعة، مما يسمح للفنانين الناشئين بتطوير مهاراتهم الفنية.
بالملخص، يلعب المتحف الوطني الاردني للفنون الجميلة دورًا هاما في المجتمع: يحافظ على الفن والثقافة للأجيال القادمة، يثقف الجمهور، يتيح فرص التجريب والتدريب والبرامج التعليمية وورش العمل، يشجيع الفنانين، ويساهم في الاقتصاد. يتم هذا اليوم من خلال تجديد وتطوير ادوارالمتحف ومساهماته وتفاعله مع المجتمع الارني والزوارمن البلدان الاخرى. ويعد المتحف ضروريا في تعزيز التفاهم الثقافي بين المجتمعات وتعزيز الإبداع.
دعم المتحف المستمر أمر بالغ الأهمية لضمان ازدهار الفن والثقافة في بلدنا. و من خلال الاستثمار في المتاحف بشكل عام ودعم برامجها، يمكننا ضمان أن يظل الفن متاحًا وللجميع ويحظى بتقدير الجميع.
الجامعة الهاشمية
