تفقد المكتبة فيها الكثير من الفوائد للرجوع إلى تلك الكنوز في أمهات الكتب وزيارة خاصة لبعض الإنتاج الخاص ومنها المجموعة القصصية الأولى لي بعنوان «حيث لا يوجد ضجيج» والصادرة عام 1991 والتي قدم لها المرحوم الأستاذ إبراهيم العجلوني وكان وقتها المحرر الثقافي في جريدة الرأي، ونشرت معظم القصص القصيرة في المجموعة في الملحق الثقافي لجريدة الرأي.
عدت دون تحديد وعلى غير قصد إلى قصة «أنا يا أستاذ»، والتي وردت من خلال التجربة العملية الأولى لخوض غمار التدريس عقب التخرج من الجامعة مباشرة، ورصد تلك العلاقة بين الأستاذ والطالب والكثير من الأسئلة والأجوبة والعلامات والدفاتر وتفاصيل ربما هي الآن في ثمة من تخرج من المدرسة ويشاركني تلك المرحلة من التدريس والانتقال إلى محطات متتالية من الخبرة والتجربة وربما التقاعد.
سرقني المقال والمواظبة على الاستغراق في المطاردة عبر المقال الصحفي من عالم القصة الجميل؛ صدرت المجموعة القصصية الثانية لي عام 1995 بعنوان » أين يذهب البحر؟» ولم أنشر مجموعات قصصية أخرى سوى كتاب باللغة الإنجليزية حول الغربة في بريطانيا عام 2008.
المقال أسرع وأسهل للنشر، وكمّ خجلت من المخطوطات القصصية في المكتبة والتي تنتظر البوح والنشر ومنها مسودة رواية بعنوان «اليوم الأول» والتي تسرد سيرة ذاتية لموظف يدعى أبا نعيم وحكاية أولاده وبناته وبالطبع زوجته أم نعيم ومطاردة يومها الأول من بداية الحلم وحتى تجاوز مراحل الحياة ووفاة أبي نعيم وتسلم أم نعيم اليوم الثاني وكتابتها من ثم لرواية مكملة لأحداث اليوم الأول وكشف أسرار مخفية لرحلتها مع أبي نعيم.
"أنا يا أستاذ» وقد ارتبط ذلك اللقب بي لفترة طويلة وما يزال، شجعني للحديث عن أستاذي الفاضل وضمير العطاء في المدرسة ومنذ الصغر وعند مشارف الحلم واكتشاف موهبتي في الكتابة من خلال موضوع الإنشاء وإلقاء بعض الكلمات القصيرة في الإذاعة المدرسية والمناسبات الأخرى.
قبل أيام زرت اللويبدة وكمّ عجبت كيف نجح إخوتي في إقناع الوالدة بالرحيل من دار اللويبدة والانتقال إلى ضواحي عمّان والبعد عن البدايات وعن مدرستنا الأولى (مدرسة وروضة الأطفال النموذجية) التي أسستها المربية الفاضلة نعمت بسيسو وتعلمناعند صفح اللويبدة ومقابل القلعة ومستشفى لوزميلا درب الذهاب والإياب إلى الحقيقة الماثلة أمامنا: سوف تعودون كما كنتم، تنجحون في الصف الأول وتترفعون إلى الصف الثاني وهكذا إلى أن تكتشفوا المصير في أنحاء المعرفة والحياة.
"أنا يا أستاذ» ما تزال الخطاب المهذب تجاه مدرستي (ضرار بن الأزور) في اللويبدة وتذكر الأفاضل من المدرسين: الأستاذ حيدر مدانات، الأستاذ فوزي سويدان، الأستاذ حامد الخطيب، الأستاذ صبحي السلع، الأستاذ حسن دوعر، الأستاذ سليم احمد حسن، الأستاذ مصطفى صالح، الأستاذ عبد الرؤوف شمعون، الأستاذ عدنان الخطيب، الأستاذ محمد عيسى زاش، الأستاذ شعيب يونس، ومجموعة لم تسعفني الذاكرة لسرد أسمائهم في لوحة الشرف وسجل التقدير والاحترام.
أول مقال كتبته في المدرسة وأرسلته للجريدة، نشر سطر واحد منه فقط في صفحة القراء والتي كانت كافية لاكتشاف المواهب ومناسبة للصبر والانتظار، وها انا أخاطب المحرر المسؤول في الرأي: «أنا يا أستاذ»، كمّ هي جميلة تلك العبارة والمناداة بأدب جم على رمز العطاء، فعلا كمّ !.