خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

خطاب تاريخي

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
م. فواز الحموري

ألقى جلالة الملك عبدالله الثاني، أمس الثلاثاء، خطابا في الجلسة الافتتاحية لاجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في دورتها الثامنة والسبعين، الخطاب هو الأول على المستوى العربي والرابع على المستوى الدولي وذلك يعكس أهمية شخصية جلالة الملك ودور الأردن المهم.

تضمن خطاب جلالته المحاور الآتية والتي تعتبر رسائل تنبيه للضمير العالمي ورؤية الأردن للمستقبل تجاه القضايا كافة.

المحور الأول: قضية اللاجئين وكما أكد مرارا جلالته فإن «اللاجئون هم إخوتنا وأخواتنا، إنهم يتطلعون لبلداننا لتساعدهم في إنهاء الأزمات التي طردتهم من أوطانهم، منهم الأمهات والآباء والأجداد، الذين اضطروا إلى الهرب في رحلات محفوفة بالمخاطر لإنقاذ أسرهم، ومنهم شباب لديهم أحلام واعدة، وأطفال صغار يستحقون فرصة تحقيق أحلامهم الكبيرة».

مجموعة من الحقائق أشار إليها جلالته ومنها: أن أكثر من 345 مليون شخص حول العالم يواجهون خطر انعدام الأمن الغذائي أو الجوع بشكل يومي، مشيرا إلى أن من الفئات الأكثر عرضة لهذا الخطر، 108 ملايين لاجئ من الذين نزحوا قسرا من بيوتهم وتركوا الحياة التي اعتادوا عليها، حيث يشكل الأطفال 40% من هؤلاء اللاجئين.

كما أن اللاجئين يعتمدون على المجتمع الدولي ليتمكنوا من تحمل هذه الحياة الصعبة، وتقدم العديد من وكالات الأمم المتحدة خدمات حيوية للمساعدة في تلبية هذه الاحتياجات. ولكن خلال الأشهر الماضية، نقلت هذه الوكالات، واحدة تلو الأخرى، أخبارا صعبة حول اضطرارها لقطع هذه المساعدات جراء النقص الحاد في التمويل الدولي.

مما أدى إلى تخفيض الدعم بالفعل وإلى إلقاء حياة مئات الآلاف من اللاجئين في دوامة من الخطر وعدم اليقين، ولهذا لا يمكن أن يبقى تأثير نقص هذا الدعم الإنساني ضمن بلد أو منطقة معينة فقط، فالخوف والعوز دوما يتسببان بزيادة كبيرة في عدد اللاجئين الذين يتوجهون إلى أوروبا وخارجها، في رحلات كثيرا ما يكون مصيرها المأساة.

وللحقيقة الراسخة ومنذ اندلاع الأزمة السورية فقد ظل الأردن جادا في القيام بواجبه تجاه المحتاجين، وبذل كل ما في وسعه لتأمين حياة كريمة للاجئين، مع العلم أن السوريين تحت 18 عاما يشكلون ما يقرب نصف اللاجئين السوريين الذين نستضيفهم، والبالغ عددهم حوالي 1.4 مليون سوري. وبالنسبة للكثيرين منهم، الأردن هو البلد الوحيد الذي عرفوه على الإطلاق، فقد ولد أكثر من 230 ألف طفل سوري في الأردن منذ عام 2011.

يشارك الأردن اللاجئين الموارد لمساعدتهم على تلبية احتياجاتهم الأساسية من طعام وطاقة ومياه، ولهذا يعتبر الأردن الآن أحدى أكثر الدول شحا في المياه في العالم، يواجه طلبا متزايدا بمستويات غير عادية على هذا المورد الثمين.

ويواجه الضغوطات في وقت تضرب فيه أزمة أخرى منطقتنا وهي التغير المناخي، وما يصاحبها من موجات حر مدمرة وجفاف وفيضانات.

ومن أجل مواجهة عبء اللاجئين، نوه جلالته بحرص الأردن على إدارة موارده المحدودة والدعم الأساسي من المجتمع الدولي، فالمسؤولية في التعامل مع اللاجئين ما زالت تقع على عاتق الجميع، لأن العالم لا يملك ترف التهرب من مسؤوليته، ليترك خلفه جيلا ضائعا.

بوضوح وصراحة حذر جلالته من أن الأردن تجاوزت قدرته على تقديم الخدمات الضرورية للاجئين حدودها وأن مستقبل اللاجئين السوريين في بلدهم، وليس في البلدان المستضيفة. ولكن، وإلى أن يتمكنوا من العودة إلى ديارهم، علينا جميعا أن نفعل الصواب تجاههم.

والحقيقة أن اللاجئين بعيدون كل البعد عن العودة حاليا، بل على العكس من ذلك، فمن المرجح أن يغادر المزيد من السوريين بلادهم مع استمرار الأزمة، ولن يكون لدى الأردن القدرة ولا الموارد اللازمة لاستضافة المزيد منهم ورعايتهم.

حدد جلالته الحل في إيجاد حل سياسي يتوافق مع قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2254. ويوفر نهج الخطوة بخطوة طريقا إلى الأمام، فهذا النهج الذي اقترحه الأردن كأساس للتعامل مع الحكومة السورية، وبالتنسيق مع الأمم المتحدة، يضع خارطة طريق لحل الأزمة تدريجيا والتعامل مع جميع عواقبها ومنها حماية الأردن من التهديدات المستقبلية جراء الأزمة السورية والتي تمس الأمن الوطني.

المحور الثاني: التنمية والازدهار، حيث طرح جلالته مجموعة من الأسئلة لمواجهة إعاقة الأزمات المتكررة للتقدم في تحقيق المزيد من التنمية والازدهار، إذ إن المنطقة العربية نقطة محورية تتلاقى فيها غالبية التحديات العالمية الأكثر إلحاحا ويمثل الأردن نموذجا لمضمون ذلك، ومن الأسئلة: كيف سيكون رد فعل عالمنا؟، هل سنجتمع في تضامن عالمي للوصول إلى جذور المشكلة، وحل الصراعات والأزمات التي تدمر الحياة والأمل؟

هل سنعمل ككيان واحد لإعادة بناء الثقة المفقودة في العمل الدولي، ومساعدة المحتاجين؟.

المحور الثالث: الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وحل القضية المركزية في الشرق الأوسط: فقد أعاد جلالته التأكيد على أنه لا يمكن لأي بناء للأمن والتنمية الإقليميين أن يثبت أساساته فوق الرماد المحترق لهذا الصراع خصوصا وأن نيران الصراع ما تزال مشتعلة وسأل جلالته: «إلى أين نحن سائرون وبعد مرور سبعة عقود ونصف على هذا الصراع"؟

وكما أشار جلالته فمع استمرار الضبابية التي تحيط بمستقبل الفلسطينيين فمن المستحيل الاتفاق على حل سياسي لإنهاء الصراع ؛ حيث يعيش خمسة ملايين فلسطيني تحت الاحتلال، بلا حقوق مدنية، ولا حرية في التنقل، ولا قرار لهم في إدارة شؤون حياتهم.

ومع ذلك، فإن كل قرارات الأمم المتحدة منذ بداية هذا الصراع تعترف بالحقوق المتساوية للشعب الفلسطيني بمستقبل ينعم بالسلام والكرامة والأمل.

الحل كما يؤكده جلالته وفي أكثر من مناسبة وأعاد ذلك بوضوح أمام العالم: السبيل الوحيد نحو السلام الشامل والدائم هو حل الدولتين وكما صرح جلالته «نحن نرى الإسرائيليين ينخرطون في التعبير عن هويتهم الوطنية والدفاع عنها، في الوقت الذي يحرم فيه الفلسطينيون من ممارسة الحق ذاته في التعبير عن هويتهم الوطنية وتحقيقها. إن المتطلب الأساسي لهذا الحق هو قيام دولتهم المستقلة والقابلة للحياة على خطوط الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، لتعيش بأمن وسلام وازدهار إلى جانب إسرائيل.

لقد تسبب التأخير في تحقيق العدل والسلام باشتعال دوامات لا تنتهي من العنف. ويعد عام 2023 الأكثر عنفا ودموية بالنسبة للفلسطينيين خلال الخمس عشرة سنة الماضية»، وقد أعلنها جلالة الملك وبشكل مباشر وعلى شكل استفهام: كيف يمكن للناس أن يثقوا بالعدالة العالمية بينما يستمر بناء المستوطنات ومصادرة الأراضي وتدمير البيوت؟ أين التضامن الدولي المطلوب ليعطي قرارات الأمم المتحدة المصداقية بالنسبة لمن يحتاج مساعدتنا؟.

المحور الرابع: القدس والذي ما يزال بؤرة للقلق والاهتمام الدوليين. وبموجب الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية، يواصل الأردن التزامه بالمحافظة على هوية المدينة المقدسة. لكن حماية القدس كمدينة للإيمان والسلام لأتباع الإسلام والمسيحية واليهودية، مسؤولية تقع على عاتق الجميع ولهذا طالب جلالته المجتمع الدولي: «علينا أيضا ألا نترك اللاجئين الفلسطينيين فريسة لقوى اليأس، فهناك حاجة طارئة للتمويل المستدام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، وهي الوكالة الأممية التي تقدم خدمات إغاثية وتعليمية وصحية حيوية لملايين اللاجئين الفلسطينيين، وهي ضرورية لحماية العائلات، ولضمان استقرار المجتمعات، ولتهيئة الشباب ليقودوا حياة منتجة. علينا حماية الشباب الفلسطينيين من المتطرفين الذين يستغلون إحباطهم ويأسهم، وذلك عبر ضمان استمرار انخراطهم في المدارس التي ترفع راية الأمم المتحدة، وإلا فسيكون البديل رايات الإرهاب والكراهية والتطرف».

المحور الخامس: المستقبل، وبفصاحة ورقي وحرص أورد جلالته: «نلتقي هنا كشركاء للتصدي للتحديات التي تواجهنا، ومن أجل بناء مستقبل أفضل.

نتحدث هنا من أجل مصلحة شعوبنا. نتحدث من أجل العائلات والأجيال القادمة. نتحدث من أجل ضحايا النزاعات والتهجير والجوع، والكوارث التي يسببها التغير المناخي، وغيرها.

إنهم ليسوا مجرد إحصاءات وأرقام. إنهم إخوتنا وأخواتنا في الإنسانية وشركاؤنا في عالمنا. ولا مجال أمامنا إلا أن نعيد بناء الثقة وأن نعمل في تضامن، لنتمكن من صناعة المستقبل الذي تطمح به وتستحقه شعوبنا؛ لا يمكننا أن نسمح بضياع جيل بأكمله ونحن في موقع المسؤولية.

خطاب ملكي تاريخي للعالم واضح وصريح، حفظ الله جلالة الملك في حله وترحاله للدفاع عن قضايا الأمة والعالم أجمع.

[email protected]

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF