كتاب

مضافة آل التل عراقة التاريخ

نحمد الله أننا في أردننا الحبيب لدينا نسيج اجتماعي متعدد الأعراق، نعتز ونحافظ على تراثنا وتقاليدنا وأعرافنا بكل حرية واعتزاز، لذلك نجد أن هناك انتشارا واسعا لمقرات الروابط العائلية والمضافات التي تحمل أسماء هذه العشائر والعائلات لأهداف كثيرة منها الأفراح والأتراح والاجتماعات العائلية وغيرها من المناسبات، وتنتشر مثل تلك المضافات في كافة محافظات المملكة دون استثناء.

نرتبط في أردننا الحبيب ومن مختلف محافظات المملكة بعلاقات النسب والمصاهرة ناهيك عن علاقات الأخوة والصداقة تفرض علينا تلك العلاقات روابط و واجبات اجتماعية في المناسبات المختلفة سواء كانت أفراح او اتراح بالزيارة لأداء الواجب، اغلبها تكون في المضافات وفي هذا السياق وبسبب علاقات الأخوة والصداقة التي تجمعني مع العديد من أبناء محافظة إربد قمت قبل فترة ليست بوجيزة بزيارة لأداء واجب العزاء لاحد الاصدقاء من عشيرة التل، وكان مقر العزاء في مضافة التل في وسط مدينة إربد التي علمت أنها اقدم مضافة في تاريخ الأردن حيث تاسس? منذ اكثر من مئة وخمسين عاما، ويقال ان من شيدها هو (علي حسن التل) والحقيقة أنك عند دخولك الى المضافة تصاب بالدهشة، فما أن تطأ قدماك المضافة تسحرك بجمالها ترى عبق التاريخ في جنباتها بحجارتها البيضاء والسوداء المتراصة واقوأسها وقاعاتها تكاد وانت تنظر اليها أنها تبادلك الحديث وترد على ما يجول بذهنك من اسئلة لتقول لك نعم أنا شاهدة على تاريخ قديم وعريق من النضال القومي والكرم والجود لهذه العائلة الطيبة الأصيلة.

احد ابناء هذه العشيرة الطيبة ممن كان يجلس بجانبي شاهدني مستغرق بالنظر وبعد ان تعارفنا قال لي اعلم ما يجول في خاطرك ثم اخذني في جولة داخل المضافة يشرح لي عن تاريخها بحب وشغف الابن البار لعائلته، ثم اخذني للقاعة الكبرى لاجد على جدرانها العديد من الصور التذكارية القديمة ومنها صور لاقربائي منهم الشهيد هزاع المجالي وكبير العسكر المرحوم المشير حابس المجالي مع حبيبهم ورفيقهم الشهيد وصفي التل، جعلني ذلك أشعر بالفخر والاعتزاز و أن حصتي في هذه المضافة لا تقل عن ابنائها من آل التل الأحباء.

وبعد أن عدت إلى منزلي اخذت أقلب عبر شبكة الإنترنت عن هذه المضافة لأجد أنها شهدت جزءا مهما من تاريخ الأردن، فقد استضافت بوسعها العروبي الثوار السوريين الذين اشتبكوا مع المستعمر الفرنسي في بدايات القرن المنصرم.

لا يتسع المقام للحديث عن شيوخ وزعماء التل وبصماتهم وإنجازاتهم وبطولاتهم ليس على مستوى محافظة أربد فقط بل على المستوى الوطن ككل وعلى رأسهم المجاهد خلف محمد التل الذي كان ضابطا بالجيش العثماني ثم انقلب عليهم مع الثوار الأردنيين وحارب ضدهم وشارك في دعم الثوار في جنوب الأردن، وفي وسوريا وكان أول وزير من العائلة في حكومة توفيق ابو الهدى 1938م، وفي النهاية عذراً لابناء هذه العشيرة إن كنت اختصرت فما قلته بحقكم غيض من فيض.