كتاب

ولي العهد و زيارة معان..جبر الخواطر وأمن المجتمع

حملت زيارة سمو ولي العهد الأمير الحسين ابن عبدالله الثاني الى معان للتعزية بوفاة الشاب حمزة الفناطسة الذي «قتل» بيوم عرسه جراء إطلاق العيارات النارية بالمناسبة ذاتها، رسائل متعددة اهمها واولها: ابعاد إنسانية تربى عليها الأمير،ورسخها في وجدانه جلالة الملك في العلاقة الحميمة للاسرة الهاشمية مع المواطنين، والتي تعود عليها الشعب الاردني، واصبحت من مظاهر العلاقة الوجدانية للملك والملكة وولي العهد مع الاردنيين من مختلف مشاربهم واصولهم، حيث لا تجد اي مناسبة جبر خواطر لأسرة اردنية الا ويشارك فيها جلالة الملك شخصي?ا واخرها على سبيل المثال لا الحصر مشاركته في تشييع جنازة القائد العسكري الفذ الفريق جمال الشوابكة، او مشاركة شخصية من سمو ولي العهد و من جلالة الملكة رانيا العبدالله، او انتداب جلالته مندوبا عنه او عنهم «رئيس الديوان الملكي الهاشمي» لتقديم واجب العزاء وجبر الخواطر للاسر والعائلات الاردنية، وهي سنة ورثها جلالته واسرته عن جدهم الاعظم من العترة النبوية المحمدية الشريفة.

الى جانب البعد العروبي والاسلامي والانساني، فان زيارة سمو ولي العهد تحمل ابعادًا اخرى ابرزها: ضرورة الحزم بوضع حد لظاهرة اطلاق العيارات النارية في المناسبات المختلفة، التي اصبحت إحدى وسائل القتل لأبناء وبنات الوطن مجانا ودون سبب ودون ثمن، فكم فقد الوطن على أرضه بطوله وعرضه من خيرة شبابه وأبنائه بمثل هذه السلوكيات الخاطئة وغير المسؤولة، تقليدا لعادات اجتماعية عفا عليها الزمن، واصبحت من الماضي البعيد، الذي له ما له وعليه ما عليه من الإيجابيات والسلبيات، وليس في هذا المقال متسع للتعرض اليها.

وتضع زيارة الأمير كافة المسؤولين والمعنين أمام مسؤولياتهم لاتخاذ كل الاجراءات الممكنة على كافة المستويات التشريعية والقانونية والتنفيذية والامنية، والحزم لوقف هذه السلوكيات التي اصبحت ترتقي بارتكابها الى مستوى «الجريمة» التي تهدد الامن المجتمعي وحياة الناس، وذلك في اطار سياسة الدولة لأمن وحماية المجتمع والمحافظة على حياة المواطنين، وهو اول واجب وحق من الحقوق الانسانية للمواطن الذي يقع على عاتق الحكومة ومؤسسات الدولة الاخرى مسؤولية المحافظة عليها.

و يفهم من ابعاد الزيارة أيضا، ان يتحمل المسؤولية شيوخ وأبناء العشائر الذين لهم تأثير كبير ومباشر في الاعراف الاجتماعية،و اصواتهم مسموعة في اوساط العشائر والمجتمع، وكذلك تنشيط دور القيادات الاجتماعية في مختلف القطاعات الى جانب جهود الدولة، ومساعدة ومساندة كل جهات الاختصاص لتجفيف وانهاء هذه الظاهرة، التي باتت تهدد سلامة المجتمع في الدولة الاردنية، و التي تتربع على قمة اكثر الدول بنسب التعليم، وكذلك افضل الدول في الأمن والاستقرار على مستوى الاقليم الملتهب من حولها لا بل من افضل الدول، ويشهد لجيشنا وأجهزتنا ا?امنية تميزها في المحافظة على أمن واستقرار الوطن والمواطن.

لقد رسخ جلالة الملك وولي عهده وأجداده الكرام في وجدان الشعب الاردني والعربي ايضا، ان حياة وكرامة الانسان هي نبراس لا يتزحزح في فلسفة الحكم الهاشمي، وان الانسان هو اغلى ما يمتلكه الوطن ليس قولا فلسفيًا سياسيًا فحسب، بل واقع يعكسه سلوك جلالة الملك وجلالة الملكة..

وزيارة سمو ولي العهد الامير الحسين ابن عبدالله الثاني الى معان لجبر الخواطر والقلوب المكلومة هناك وفي كل ارجاء الوطن بالفقيد العريس حمزة الفناطسة، واحدة من اهم الاعتبارات التي يجب ان تترجم في تغيير سلوك بعض المواطنين الذين لازالوا ينتهجون مثل هذه السلوكيات الخاطئة المؤدية الى القتل، ووقفها تمامًا، ونتذكر جميعًا قوله سبحانه وتعالى (ومن قتل نفسًا بغير نفس فكأنما قتل الناس جميعا)صدق الله العظيم.