صدرت الإرادة الملكية السامية بالموافقة على قانون الجرائم الإلكترونية لعام 2023، بعد مروره بالمراحل التشريعية من قبل مجلس النواب والأعيان وبذلك استكمل المتطلبات اللازمة لإقراره وتوشحه بالإرادة الملكية السامية ونشره في الجريدة الرسمية.
جاء قانون الجرائم الإلكترونية ليعزز حماية المجتمع من الشناعة التي اشتدت وعصفت في فضاءات التواصل دون حسيب ورقيب والإزعاجات المتكررة والملوثة للمزاج والذوق العام من جانب، وللمستوى الأخلاقي والحضاري من جانب آخر، ولعل الملاحظات المتكررة حول العديد من الاختراقات للخصوصية والتعليقات غير المناسبة تثبت المبررات التي تم من خلال الاتجاه نحو الرقابة والمحاسبة من خلال البنود الواردة في قانون الجرائم الإلكترونية.
لا بد من التأكيد وقد تمت الموافقة على قانون الجرائم الإلكترونية على أن نقد الأداء والنقد البناء لا يتعارض أبدا مع مواد القانون؛ يحكم الالتزام والحرص توجيه النقد وتساعد الشفافية وتوفر البراهين والأدلة والبينات والمعززات على إقامة الحوار البناء وفي المجالات كافة سواء من حيث الأداء العام والخاص ودفع عملية النقد في المسار السليم من الاحترام وتبادل وجهات النظر في جو مناسب من الرقي والتقدم والحضارة.
وبطبيعة الحال وبعد المراجعة المتفحصة لمواد قانون الجرائم الإلكترونية،فليس صحيحا وبأي درجة أن القانون يحمي ويحصن الشخصيات العامة أو الحكومة كما يشاع، بل إن القانون ينظم الفضاء العام على وسائل التواصل وضمان حدود ذلك التواصل بمصداقية النقد المباح والبناء للأداء وليس التجريح الشخصي والتطاول على الخصوصية والاتهام وترويج الإشاعات والأكاذيب والاغتيال المبرمج ومن عدة جهات وأشخاص لا يروق لها التقدم والإنجاز.
جاء قانون الجرائم الإلكترونية استجابة سريعة للعديد من المغالطات والممارسات وحتى العبارات التي لا تراعي الدقة والمراجعة والالتزام والموضوعية، والكثير من الأخطاء العلمية والمعنوية وعموم التصرفات غير الأخلاقية التي أدت إلى العديد من المشاكل والتظلمات واللجوء للجهات المعنية لإنهاء تلك القضايا وتسوية النزاعات.
أما وقد تمت الموافقة على قانون الجرائم الإلكترونية لسنة 2023، فإن الواجب يستدعي الانتباه والحرص عند استخدام وسائل التواصل وانتقاء العبارات بدرجة عالية من الدقة والانتباه للعديد من المجالات التي تثير الشبهة والتعرض للمساءلة والغرامة والعقوبة والتي هي بمثابة الحدود المسموح به وخطوط لا يسمح بتجاوزها وفقا للقانون.
لا بد من قانون يردع من تسول له نفسه الاعتداء على الحرمة الشخصية والتطاول دون حدود ومسؤولية، بل باستهتار لمجرد التعليق والإعجاب والهبوط في المستوى العام.
كما يحتم علينا الواجب أيضا إطلاق حملات توعية مناسبة لتوضيح مواد القانون وتقديم النصح والتوجيه والإرشاد للجميع وإلقاء الضوء على تبعيات كل تصرف قد يؤدي للمثول أمام القضاء والمسؤول عن تنفيذ القانون ضمن التسلسل القانوني ووفق الأصول وتلك نقطة يجب الاعتزاز بها وتتمثل في سيادة القانون بنزاهة وعدالة وحرية واحترام للخصوصية والاعتبارية الشخصية.
الجهد التنموي هو مسار علينا الانتباه إلى إيجابياته في العمل العام والخاص والحرص تجويد الخدمات المقدمة وتحديث الأداء بالنقد البناء وهو ركيزة من مقومات الإدارة الناجحة وتقبل الرأي الآخر والبحث عن البدائل المتاحة والوسائل الناجعة لتحقيق الأهداف ضمن مؤشرات أداء قابلة للقياس والمتابعة والتقييم.
يدخل قانون الجرائم الإلكترونية حيز التنفيذ بعد 30 يوما من نشره في الجريدة الرسمية وذلك يضع الجميع أمام مسؤولية وحرص والتزام وانتباه وضبط للنفس ومراجعة دقيقة قبل النشر والتعليق والإعجاب والتوسع في التصرفات والممارسات دون حدود.
حسن الأداء معيار ينبغي اعتماده عند النقد وابداء الرأي ومع العديد من وسائل التواصل والتي تحتاج هي الأخرى لمراجعة من قبل مستخدميها سلبا وإيجابا.
نترقب بجد دور قانون الجرائم الإلكترونية في تصحيح الكثير والعديد مما كان يجب معالجته من قبل.
[email protected]