كتاب

العنف في الدعايات والفضائيات

لا يمكن ارجاع التصرف بعنف الى لحظته الراهنة او الموقف الطارئ، لأن ممارسة العنف تشكل تعبيرا عن النزعة العدوانية عند الانسان، وهي التي تنشأ نتيجة لشعور الشخص بالتهديد من طرف آخر، أو الاحساس بأن كرامته قد مست أو مكانته قد هزت، وربما لشعوره بان الآخرين لا يفهمونه بمقاصده الحقيقية، أو أنه لم يستطع إفهامهم نفسه على حقيقتها، أوعندما يواجه تهديدا لقيمه الاخلاقية أو مبادئه السلوكية،وقد يتمكن بخبراته أن يكظم الغضب، ولكن ذلك لا يعني أن النزعة العدوانية لديه قد تلاشت، بل تبقى، ولكنها تتراجع أو تنزوي.

ولما كان الأب نموذجا يحتذي به الطفل داخل الأسرة، ويبني قيمه كما هي لدى هذا النموذج ويقلد سلوكه على نحوها،فكلما كان الأب عدوانيا، يكون الطفل كذلك،الا اننا وبشكل مباشر يمكن ان نرد دوافع السلوك العدواني الى الإحباط،الذي يعتبر عاملا أساسيا للعدوان، فالطفل الذي يعاني من الإهمال ويعاني من الإحباط نتيجة ذلك،قد يندفع إلى العدوان كوسيلة دفاعيّة.

وقد يصبح السلوك العدواني سلوكا مرضيا،عندما يميل الطفل للعدوانية، اذا منع من إشباع حاجاته الطبيعيّة،أو ربي بشكل يقوده إلى المقاتلة والنزاع واللجوء للعنف،وهي نزعة تتزايد نتيجة للضغوط النفسية المتواصلة أو المتكررة في البيئة، وكذلك في سلوك الاعتداء على الأقران انتقاما أو بغرض الإزعاج باستخدام اليدين أو الأظافر أو في الاعتداء على ممتلكات الغير والاحتفاظ بها أو إخفائها لمدة من الزمن بغرض الإزعاج.

ويتسم الطفل العدواني في حياته اليومية اجمالا بكثرة الحركة وعدم اخذ الحيطة لاحتمالات الأذى والإيذاء، الى جانب عدم قدرته على قبول التصحيح، والميل الى مشاكسة غيره وعدم الامتثال للتعليمات وعدم التعاون.

ويلاحظ على الطفل العدواني سرعة الغضب والانفعال وكثرة الضجيج والغضب والقيام بتخريب ممتلكات الغير كتمزيق الدفاتر والكتب وكسر الأقلام وإتلاف المقاعد وحتى الكتابة على الجدران، وكذلك توجيه الشتائم والألفاظ النابية السيئة، وعلى هذا النحو يشب ويكبر، ويمارس العنف في مختلف المواقف.

أما الوقاية من نشوء النزعة العدوانية فتبدأ عند تجنب الأمهات والآباء لممارسات سالبة واتجاهات خاطئة في تنشئة أطفالهم، والأب ذو الاتجاهات العدوانية غالبا لا يتقبل ابنه ولا يستحسنه، وبالتالي لا يعطيه العطف ومشاعر الأبوة أو الفهم والتوضيح،ويميل الى استخدام العقاب البدني الشديد، مما يولد الإحباط والعدوان لدى الأطفال، نتيجة سخط الطفل على أسرته ومجتمعه،وتعبيره عن هذا السخط بهذا السلوك.

ان النماذج العدوانية التي يشاهدها الأطفال في التلفاز تساعد على ظهور السلوك العدواني لديهم،

فلم لا تؤدي وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة دورا أفضل في تعلم النماذج السلوكية الإيجابية، وتقدم نماذج سلوكية بناءة،وتستبعد الأفلام والقصص والدعايات التي تعلم الأطفال العدوان، وتبعث في نفوسهم الخوف والقلق.

كما على الوالدين أو الإخوة الكبار أن لا يعرضوا الأطفال لمشاهدة نماذج من النزاعات داخل الأسرة،اذ تنمي البيئة الأسرية الخالية من النزاعات الشعور بالأمن واستقرار الذات، مثلما تستثمر الأنشطة البدنية طاقة الأفراد وتبعد القلق.

dfaisal77@hotmail.com