كتاب

الانتخابات النيابية المقبلة

في الوقت المناسب وربما مبكراً أكد جلالة الملك عبدالله الثاني من جديد على أهمية الانتخابات النيابية المقبلة لتكون محطة رئيسة في تاريخ الحياة البرلمانية الأردنية وقاعدة للأحزاب للاستفادة من الفترة المقبلة لبناء برامج واقعية وواضحة تكفي لإقناع الناخبين بها والعمل والوعي بأهمية رفع نسب التصويت في الانتخابات المقبلة بتحفيز المواطنين على المشاركة الفاعلة في عملية التحديث السياسي، وتشجيعهم على الترشح والانتخاب وبخاصة

فئتا الشباب والمرأة.

ويتطلب ذلك بطبيعة الحال مشاركة فاعلة من قبل المواطن والذي ينبغي أن يشعر بأن الأحزاب السياسية تعمل بجدية لترجمة برامجها على أرض الواقع، والانتقال من مرحلة الشعارات إلى تحقيق النتائج من خلال مخرجات عملية التحديث السياسي والتي تتكامل مع مسارات التحديث الثلاثة: السياسية، الإدارية، الاقتصادية لخدمة الوطن والمواطن.

حدد جلالته محاور وملامح للانتخابات المقبلة، ينبغي على المهتمين كسب الرهان من خلال عدة جوانب منها: بناء برامج واقعية وواضحة تلامس القضايا الملحة للمواطن وتلبي احتياجاته المعيشية والتي في ضوئها سوف يذهب إلى صندوق الانتخاب مقتنعا من جانب ومساهم إيجابي في توضيح مطالبه المشروعة وتطلعاته للإصلاح والتحديث والتطوير من خلال القاعدة الشعبية.

الجانب المهم أيضًا هو وسائل الإقناع التي يجب أن تتخذ أساليب جديدة ومبتكرة وتلك ليست مهام الأحزاب فحسب ولكن الجهات المعنية بإعداد الحملات الانتخابية وتصميم الدعاية بشكل مفيد ومختصر ومباشر وصريح ودون هدر ومبالغة في الإنتاج والتسويق والعرض الخيالي المبهر، حتى ننتقل كما أشار جلالته من الشعارات إلى تحقيق النتائج بمخرجات عملية واضحة وتمثل الحلول والبدائل الممكنة وعلى أرض الواقع.

من الجوانب المطلوبة أيضاً: رفع نسب التصويت في الانتخابات والتي تعكس ضرورة دستورية ومؤشرا إيجابيا للمشاركة ورغبة أكيدة لدى المسجلين في الانتخابات للتصويت وفق برامج مقنعة وضمن حملات انتخابية متكاملة وحوار سليم ومثمر مع القواعد الانتخابية ولغة منتقاة بعناية واهتمام يليق ويلبي المطالب.

ترتفع نسب التصويت من خلال دعم مشاركة فئة الشباب وإقبالهم على الانغماس في معترك العملية الانتخابية وبمراحلها المختلفة والعمل الدؤوب والمخلص في فهم متطلبات العملية الانتخابية والتشريعات والقوانين وفق أحكام الدستور بشفافية وعدل وانسجام.

تكون المشاركة الإيجابية في الانتخابات المقبلة دليلا واضحا على القناعة الراسخة لتحمل المسؤولية السياسية ودفع الدماء الشابة إلى خضم الساحة السياسية من خلال الانخراط في تجربة العمل العام وليس الحزبي بالضرورة وصقل الاهتمام وترجمته إلى مجال رحب من المهارات والخبرات المطلوبة للعمل السياسي، وتلك جوانب يجب للأحزاب السياسية الانتباه لها: لا نضج دون مهارات شاملة من التفاوض والحوار وحشد الرأي والبحث العلمي والتعامل مع الملفات الساخنة بمهارة وذكاء ودهاء.

سواء من خلال الترشح و/أو المشاركة في العملية الانتخابية فذلك المسار الطبيعي لليقظة السياسية والارتقاء في المستوى والتركيز على النوعية الجادة والمؤهلة لخوض غمار التجربة باقتدار سواء من قبل فئة الشباب والمرأة على حد سواء.

الحياة البرلمانية ومراحلها السابقة وتلك المقبلة تحتاج لعناية خاصة سواء من الأحزاب الأفراد للمشاركة في تكوين الشخصية النيابية المقبلة وصقل تجربتها قبل قبة البرلمان، كما أشار أكثر من رئيس ونائب سابق في البرلمان وحدد بوضوح: «تكمن قوة النائب في معرفته الشاملة والمتدرجة خلال عضويته في المجلس لفهم طبيعة العمل النيابي دون انفعال وتهور ومبالغة.»

ليست بعيدة الانتخابات النيابية المقبلة، ولكن التهيئة والتمهيد والترتيب لها ينبغي للمهتمين في خوض غمارها، الاستعداد لها من وقت مبكر ومتقن ومدروس؛ الفوز في الانتخابات النيابية ليس حلم يقظة وقرار مفاجئ.

fawazyan@hotmail.co.uk