كتاب

الحرب الاوكرانية أم «العالمية الثالثة»؟

من يطلق على الحروب أسماءها؟ هل هم المؤرخون ام الدول الضالعة فيها ام الاعلام بمختلف وسائله وادواته؟! فإذا أخذنا الحرب الكبيرة الأولى في القرن الماضي ١٩١٤-١٩١٨ وقد كانت تدعى «الحرب العظمى» الى ان سميت بدلًا من ذلك «الحرب العالمية الاولى» بعدما قامت «الحرب العالمية الثانية» ١٩٣٩-١٩٤٥، اما عن اسباب الحربين فحدث ولا حرج، اذ علمونا في المدارس ان اغتيال ولي عهد النمسا كان وراء الاولى مع ان الحقيقة هي تنافس وتسابق الدول الاوروبية، ولو بنهش بعضها بعضا، على إعادة اقتسام المستعمرات بعد ان ترث تركة الامبراطورية العثما?ية والمانيا! وكذلك بداية تمهيد اميركا لأخذ دورها الاستعماري المباشر خارج حدودها ووراثة الامبراطوريتين البريطانية والفرنسية، وللدلالة نذكّر بمشاركتها بوعد بلفور من وراء ستار!.

في الحرب العالمية الثانية كانت الحجة عند دول الحلفاء واضحة وهي وقف العدوان النازي الالماني والفاشستي الايطالي والعسكري الياباني والدفاع عن الديمقراطية مع ان في مقدمة الحلفاء كان الاتحاد السوفياتي المتهم من قبلها ومن قبل اميركا بانه بتبنيه دكتاتورية الطبقة العاملة فهو اذن غير ديمقراطي، والصحيح لأنه يتبنى الاشتراكية التي ترفضها الرأسمالية الغربية جذريًا خاصة في اميركا.. بدليل ان الأخيرة شرعت بالحرب الباردة ضده رأسًا بعد الانتصار على المانيا إلى ان انهار عام ١٩٨٩ !

صحيح ان الدول الأوروبية الغربية التي عانت من ويلات الحرب العالمية الثانية اقسمت الا تتورط في حرب عالمية ثالثة لكن اميركا التي شاركت في حروب عديدة لم تكن قط على اراضيها، لم تلبث ان واصلت سياستها التوسعية للهيمنتي على العالم بحروب كثيرة في مختلف القارات وأنشأت قواعد عسكرية في١٨٠ دولة حول العالم اكبرها إسرائيل تحت اسم التحالف الاستراتيجي.. وها هي اخيرا تدعم بالمال والسلاح وبقيادة دول الناتو في حرب اوكرانيا، وتجيّش العالم كله إعلاميًا ضد روسيا.. افلا نسمي هذه الحرب الدائرة منذ ستة عشر شهرا حرباً عالمية ثالثة!؟?

ترى ما هو الخلاف الظاهر حول سبب هذه الحرب، اهو الهجوم الروسي على اراضي دولة أخرى هي اوكرانيا وقد برره الرئيس بوتين بالعملية الخاصة لمنع خطر زحف الناتو الى حدود بلاده مما يشكل تهديدًا مباشرا لروسيا، ام انها واحدة من سلسلة الحروب التي تختلق لها المعاذير والسبب الاساسي واحد يتمثل في مصلحة الصناعات العسكرية وعلى راسها الاميركية.. فهل يبقى العالم باسره رهينة للخوف والرعب من انفلات زمامها باستخدام الاسلحة النووية، فضلا عما سببته وتسببه للجانبين الأوكراني والروسي من قتل وتدمير، ولجميع شعوب الأرض، وان بدرجات متفاو?ة بالطبع، من خسائر فادحة اقتصاديا، بالإضافة الى تهديد أمنها الغذائي.. ام ان مصلحة الناس في كل مكان ان تتكاتف جميع القوى العاقلة المحبة للسلام في ضغوطها وتوسطها من اجل البدء فورًا في محادثات السلام بين الطرفين لوقف الحرب وفضح كل من يقف في وجه هذا المسعى التاريخي العظيم.

وبعد.. فان هناك حرباً اخرى، لكن منسيّة، تجري منذ أكثر من مئة عام على أرض فلسطين وضحيتها الشعب الفلسطيني، ولا يراد لها ان تنتهي، وليس صعبًا كشف المتآمرين ومصالحهم الشريرة.