كتاب

عواقب التمويل الميسر

دروس عديدة ومريرة يمكن الإشارة اليها جراء التمويل الميسر من قبل الجهات المعنية بذلك والأطراف التي استفادت من فرص التمويل السهلة المتاحة وضمن فترات زمنية قصيرة وشروط بدت للوهلة الأولى سهلة ولكن مع مرور الوقت وتكرار الاستدانة والحصول على القروض وقع ما لم يحمد عقباه من التعثر وعدم القدرة على التسديد.

معروفة هي أسباب اللجوء للتمويل الميسر سواء للتعليم والزواج وشراء السيارة والأجهزة الكهربائية وبعض الحاجات المعيشية والمتطلبات الخاصة والتي تبدو في بداية الأمر سهلة ولكنها ومع تفاقم الظروف الاقتصادية للمقترض، تتحول تلك الميزة إلى مشكلة قانونية ومالية ويقع في الورطة الصعبة لعدم القدرة على التسديد.

نفاذ حبس المدين مع بداية شهر أيار ليس بالأمر السهل على أي من الأطراف المعنية ولكنه واقع حال يجب دراسته من خلال الحالات المتعثرة ودوافع الاستدانة ونسب التسديد وحتى حالات الاستهتار وعدم تحمل المسؤولية للسداد ودفع الالتزامات المترتبة نتيجة الحصول على القرض والتمويل الميسر.

غير البنوك، هناك العديد من الشركات التمويلية والتي اخذت على عاتقها المساهمة في تغطية بعض الحاجات ومتطلبات المعيشة لطالب الخدمة التمويلية والكثير من القروض الصغيرة والمتوسطة ودفعت بالتالي صغار المقترضين التوجه لها والاقتراض ومن ثم تحمل عواقب ذلك بمشاعر متباينة على أقل تقدير.

الاقتراض له أسبابه العامة والشخصية، وبالطبع تختلف العديد من الأسباب التجارية والاستثمارية عن الحاجات الشخصية والتي فرق القانون بينها ولكن ظاهرة الاقتراض الميسر تحتاج إلى وعي خاص بنتائج وعواقب الاقتراض والملاءة المالية للتسديد دون المطالبة بالتأجيل وإعادة جدولة القرض كما يحدث بعد مضي أشهر قليلة بعد الحصول على التمويل ومن ثم التعثر تباعا إلى درجة لا يستطيع بعدها المقترض الوفاء بالالتزامات المترتبة عليه وخصوصا عند الحصول على أكثر من قرض في نفس الوقت.

ذكر لي موظف سابق في البنك، أن العديد من حالات الاقتراض لشراء سيارة على سبيل المثال تستهين بقسط التسديد: » شو يعني مئتي دينار؟ !» وبعد مرور شهرين أو أكثر تأتي طالبة الرحمة للتأجيل نتيجة حادث للسيارة أو عدم القدرة على تسديد فاتورة الصيانة وفاتورة البنزين والمتطلبات الأخرى للمباهاة أمام الناس في أغلب الحالات.

الثقة المالية والمعاملات التجارية تحتاج إلى إعادة تقييم ومتابعة من قبل المدين والدائن والجهات المعنية الأخرى ومن ضمنها الجهاز القضائي والمحامون والغرف التجارية والصناعة وجمعية البنوك و شركات الإسكان وبالطبع شركات التمويل الميسر.

ثقافة الاستدانة اختلفت وتعددت عما سبق من حيث طبيعة التعاقد والتعامل والشروط والضمانات المطلوبة والكثير من التفاصيل الأخرى ومن ضمنها الالتزام الأخلاقي للتسديد واحترام أصول التعامل.

حبس المدين موضوع يطول الحديث عنه والتطرق إلى كل حالة على حدة وخصوصية وطبيعية أسباب الاستدانة وظروف التعثر وتفاصيل أخرى تتعلق باستغلال الظروف للمدين وحاجته السريعة للحصول على التمويل دون الانتباه للشروط المبرمة إلا بعد فوات فترة من بداية التسديد.

الظروف التي تؤدي إلى حبس المدين هي المستحقة للدراسة والانتباه والحل على أوسع نطاق والإشارة إلى عوامل التعثر وأسبابه وسبل المعالجة من جميع الزوايا الاجتماعية والقانونية والاقتصادية.

حبس المدين وتنفيذ الأمر لن يكون الحل الوحيد، ثمة تسويات مناسبة لجميع الأطراف المعنية ومنها الدائن والمدين في نفس الوقت وخصوصا ونحن نقترب من عيد الأضحى والذي ليس ببعيد.

ترشيد الاستدانة والبحث عن حلول أخرى غير الاقتراض والتفكير في البدائل المتاحة خير ما يقوم به المدين قبل وأثناء وبعد الحصول على التمويل الميسر على أقل تقدير.

fawazyan@hotmail.co.uk